السؤال:
هل يجوز للعوام إذا سمعوا إنسانا يسب الله والدين أو الرسول صلى الله عليه وسلم ، أن يكفروه بدون الرجوع إلى العلماء ؟



الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا شك أن سب الله تعالى – عياذا بالله – أو سب رسوله أو دينه – عياذا بالله – من الكفر بالله العظيم ، فمن فعل ذلك كفر كفرا أكبر مخرجا من الملة ؛ فإن مات على ذلك ولم يتب منه : فهو من أهل النار المخلدين فيها أبد الآبدين .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" أجمع العلماء قاطبة على أن المسلم متى سب الدين ، أو تنقصه ، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو انتقصه ، أو استهزأ به ؛ فإنه يكون مرتدا كافرا حلال الدم والمال "
انتهى من " فتاوى نور على الدرب " لابن باز (ص 139) .
وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
ما حكم من يسب الدين والله ؟ وما كفارته ؟ علما بأن الرجل متزوج ، وهل تحرم عليه زوجته أو تطلق ؟
فأجاب " لاشك أن هذه ردة عن الإسلام ، وكفر بالله يستحق فاعله القتل إلا أن يتوب ، وتطلق منه زوجته ، وتنقطع صلته بأقاربه ، فلا يرث منهم ولا يرثون منه ، لكن إذا تاب وندم واستغفر واعترف بخطيئته تاب الله عليه ، وله أن يراجع زوجته إن لم تخرج من العدة فإن خرجت ملكت نفسها فلم تحل إلا برضاها " انتهى من "فتاوى إسلامية" (3 /533) .
ثانيا :
من سمع شخصا يسب الله صراحة بنفسه من شخص ، أو قامت عنده البينة الشرعية على ذلك : فلا حرج عليه أن يعتقد كفر هذا القائل ؛ فهذا أشنع السب ، وأعظمه ، ولا يقدم عليه إلا من بالغ في الغي ، وغلب عليه الخذلان والاستهانة بمقام الله جل جلاله ، أو من كان مغلوبا على عقله ، لا يدري ما يقول .
وليس هذا السب من المسائل الخفيات التي يحتاج فيها إلى حكم أهل العلم ، أو اجتهاد ونظر ؛ بل هو من الأمور الظاهرة التي يعرفها الجاهل والعالم ، ويستشنعها الصغير والكبير .
لكن مع ذلك ، ينبغي النظر في المقصود الشرعي من إنكار ذلك ، واستشناعه ، وهو إزالة ذلك المنكر ، ودفعه ، والسعي إلى توبة قائله ، ورجوعه إلى ربه ، حتى وإن كان قد ارتد ، وخرج من الملة ؛ فاستتابة المرتد من الأمور المعلومة المقررة ؛ فينبغي أن يسعى في وعظه بما يناسب حاله ، وبيان شناعة ما وقع فيه ، وينظر معه في المسلك الشرعي المناسب لحاله .
قال علماء اللجنة :
" سب الدين - والعياذ بالله - كفر بواح بالنص والإجماع ؛ لقوله سبحانه : ( أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) الآية ، وما ورد في معناها ، ويجب أن ينصح وينكر عليه ذلك ، فإن استجاب فالحمد لله ، وإلا فلا يجوز أن يبدأ من يسب الدين بالسلام ، ولا يرد عليه إن بدأ ، ولا تجاب دعوته ، ويجب هجره هجرا كاملا حتى يتوب أو ينفذ فيه حكم الله بالقتل من جهة ولي الأمر ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من بدل دينه فاقتلوه ) خرجه البخاري في صحيحه (3017) " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/12) .
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إن الإنسان إذا تاب من أي ذنب ولو كان ذلك سب الدين فإن توبته تقبل إذا استوفت الشروط التي ذكرناها ، ولكن ليعلم أن الكلمة قد تكون كفراً وردة ولكن المتكلم بها قد لا يكفر بها لوجود مانع يمنع من الحكم بكفره ، فهذا الرجل الذي ذكر عن نفسه أنه سب الدين في حال غضب نقول له : إن كان غضبك شديداً بحيث لا تدري ما تقول ولا تدري حينئذ أنت في سماء أم في أرض وتكلمت بكلام لا تستحضره ولا تعرفه فإن هذا الكلام لا حكم له ولا يحكم عليك بالردة ؛ لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد ، وكل كلام حصل عن غير إرادة وقصد فإن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ به يقول الله تعالى في الأيمان (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (24/2) .
ولمعرفة ضوابط التكفير يراجع جواب السؤال رقم (85102) .
والله تعالى أعلم .