قال أبو محمد الرامهرمزي: حدثنا موسى بن زكريا حدثنا زياد ابن عبد الله بن خزاعي سمعت سفيان بن عيينة يقول: كان أبي صيرفياً بالكوفة فركبه دين فحملنا إلى مكة فصرت إلى المسجد فإذا عمرو بن دينار فحدثني بثمانية أحاديث فأمسكت له حماره حتى صلى وخرج فعرضت الأحاديث عليه فقال: بارك الله فيك.
وروى أبو مسلم المستملي: قال ابن عيينة: سمعت من عمرو ما لبث نوح في قومه يعني تسع مئة وخمسين سنة.
قال مجاهد بن موسى: سمعت ابن عيينة يقول: ما كتبت شيئاً إلا حفظته قبل أن أكتبه.
قال ابن المبارك: سئل سفيان الثوري عن سفيان بن عيينة فقال: ذاك أحد الأحدين ما أغربه.
وقال ابن المديني: قال لي يحيى القطان: ما بقي من معلمي أحد غير سفيان بن عيينة وهو إمام منذ أربعين سنة.
وقال علي: سمعت بشر بن المفضل يقول: ما بقي على وجه الأرض أحد يشبه ابن عيينة.
وحكى حرملة بن يحيى أن ابن عيينة قال له – وأراه خبز شعير -: هذا طعامي منذ ستين سنة.
الحميدي سمع سفيان يقول: لا تدخل هذه المحابر بيت الرجل إلا أشقى أهله وولده.
وقال سفيان مرة لرجل: ما حرفتك؟ قال: طلب الحديث قال: بشر أهلك بالإفلاس.
وروى علي بن الجعد عن ابن عيينة قال: من زيد في عقله نقص من رزقه.
ونقل سنيد بن داود عن ابن عيينة قال: من كانت معصيته في الشهوة فارج له ومن كانت معصيته في الكبر فاخش عليه فإن آدم عصى مشتهياً فغفر له وإبليس متكبراً فلعن.
ومن كلام ابن عيينة قال: الزهد الصبر وارتقاب الموت.
وقال: العلم إذا لم ينفعك ضرك.
قال عثمان بن زائدة: قلت لسفيان الثوري: ممن نسمع؟ قال: عليك بابن عيينة وزائدة.
قال نعيم بن حماد: ما رأيت أحداً أجمع لمتفرق من سفيان بن عيينة.
وقال علي بن نصير الجهضمي: حدثنا شعبة بن الحجاج قال: رأيت ابن عيينة غلاماً معه ألواح طويلة عند عمرو بن دينار وفي أذنه قرط أو قال: شنف.
وقال ابن المديني: سمعت ابن عيينة يقول: جالست عبد الكريم الجزري سنتين وكان يقول لأهل بلده: انظروا إلى هذا الغلام يسألني وأنتم لا تسألوني.
قال ذؤيب بن عمامة السهمي: سمعت ابن عيينة يقول: سمعت من صالح مولى التوأمة هكذا وهكذا وأشار بيديه – يعني كثرة – سمعت منه ولعابه يسيل فقال عبد الرحمن بن حاتم: فلا نعلمه روى عنه شيئاً كان منتقداً للرواة.
قال علي: سمعت سفيان يقول: عمرو بن دينار أكبر من الزهري سمع من جابر وما سمع الزهري منه.
قال أحمد بن سلمة النيسابوري: حدثنا سليمان بن مطر قال: كنا على باب سفيان بن عيينة فاستأذنا عليه فلم يأذن لنا فقلنا: ادخلوا حتى نهجم عليه قال: فكسرنا بابه ودخلنا وهو جالس فنظر إلينا فقال: سبحان الله دخلتم داري بغير إذني وقد حدثنا الزهري عن سهل ابن سعد أن رجلاً اطلع في جحر من باب النبي صلى الله عليه وسلم ومع النبي صلى الله عليه وسلم مدرى به يحك رأسه فقال: “لو علمت أنك تنظرني لطعنت بها في عينك إنما جعل الاستئذان من أجل النظر”.
قال: فقلنا له: ندمنا يا أبا محمد فقال: ندمتم؟ حدثنا عبد الكريم الجزري عن زياد عن عبد الله بن معقل عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الندم توبة”. اخرجوا فقد أخدتم رأس مال ابن عيينة. سليمان هذا هو أخو قتادة بن مطر صدوق إن شاء الله. وزياد المذكور في الحديث هو ابن أبي مريم.
قال محمد بن سوف الفريابي: كنت أمشي مع ابن عيينة فقال لي: يا محمد ما يزهدني فيك إلا طلب الحديث قلت: فأنت يا أبا محمد أي شيء كنت تعمل إلا طلب الحديث؟ فقال: كنت إذ ذاك صبياً لا أعقل.
قلت: إذا كان مثل هذا الإمام يقول هذه المقالة في زمن التابعين أو بعدهم بيسير وطلب الحديث مضبوط بالاتفاق والأخذ عن الأثبات الأئمة فكيف لو رأى سفيان رحمه الله طلبة الحديث في وقتنا وما هم عليه من الهنات والتخبيط والأخذ عن جهلة بني آدم وتسميع ابن شهر.
أما الخيام فإنها كخـيامـهـم وأرى نساء الحي غير نسائها
قال عبد الرحمن بن يونس: حدثنا ابن عيينة قال: أول من جالست عبد الكريم أبو أمية وأنا ابن خمس عشرة سنة قال: وقرأت القرآن وأنا ابن أربع عشرة سنة.
قال يحيى بن آدم: ما رأيت أحداً يختبر الحديث إلا ويخطئ إلا سفيان بن عيينة.
قال أحمد بن زهير: حدثنا الحسن بن حماد الحضرمي حدثنا سفيان قال: قال حماد بن أبي سليمان ولم أسمعه منه: إذا قال لامرأته: أنت طالق أنت طالق أنت طالق بانت بالأولى وبطلت الثنتان.
قال سفيان: رأيت حماداً قد جاء إلى طبيب على فرس.
قال أبو حاتم الرازي: سفيان بن عيينة إمام ثقة كان أعلم بحديث عمرو بن دينار من شعبة قال: وأثبت أصحاب الزهري هو ومالك.
وقال عبد الرزاق: ما رأيت بعد ابن جريج مثل ابن عيينة في حسن المنطق.
وروى إسحاق الكوسج عن يحيى: ثقة.
وعن ابن عيينة قال: الورع طلب العلم الذي به يعرف الورع.
روى سليمان بن أيوب سمعت سفيان بن عيينة يقول: شهدت ثمانين موقفاً.
ويروى أن سفيان كان يقول في كل موقف: اللهم لا تجعله آخر العهد منك فلما كان العام الذي مات فيه لم يقل شيئاً. وقال: قد استحييت من الله تعالى.
وقد كان لسفيان عدة إخوة منهم: عمران بن عيينة وإبراهيم بن عيينة وآدم بن عيينة ومحمد بن عيينة فهؤلاء قد رووا الحديث.
وقد كان سفيان مشهوراً بالتدليس عمد إلى أحاديث رفعت إليه من حديث الزهري فيحذف اسم من حدثه ويدلسها إلا أنه لا يدلس إلا عن ثقة عنده.
فأما ما بلغنا عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال: اشهدوا أن ابن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ومئة فهذا منكر من القول ولا يصح ولا هو بمستقيم فإن يحيى القطان مات في صفر سنة ثمان وتسعين مع قدوم الوفد من الحج فمن الذي أخبره باختلاط سفيان ومتى لحق أن يقول هذا القول وقد بلغت التراقي؟ وسفيان حجة مطلقاً وحديثه في جميع دواوين الإسلام ووقع لي كثير من عواليه بل وعند عبد الرحمن سبط الحافظ السلفي من عواليه جملة صالحة منها: جزء ابن عيينة رواية المروزي عنه وفي جزء علي ابن حرب رواية العبادان وجزآن لعلي بن حرب رواية نافلته أبي جعفر محمد بن يحيى بن عمر الطائي وفي الثقفيات وغير ذلك وقد جمع عوالي ابن عيينة: أبو عبد الله بن مندة وأبو عبد الله الحاكم وبعدهما أبو إسحاق الحبال.
وكان سفيان رحمه الله صاحب سنة واتباع.
قال الحافظ بن أبي حاتم: حدثنا محمد بن الفضل بن موسى حدثنا محمد بن منصور الجواز قال: رأيت سفيان بن عينة سأله رجل: ما تقول في القرآن؟ قال: كلام الله منه خرج وإليه يعود.
وقال محمد بن إسحاق الصاغاني: حدثنا لوين قال: قيل لابن عيينة: هذه الأحاديث التي تروى في الرؤية؟ قال: حق على ما سمعناها ممن نثق به ونرضاه.
وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي: حدثني أحمد بن نصر قال: سألت ابن عيينة وجعلت ألح عليه فقال: دعني أتنفس فقلت: كيف حديث عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحمل السماوات على إصبع”.
وحديث: “إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن”.
وحديث: “إن الله يعجب أو يضحك ممن يذكره في الأسواق”.
فقال سفيان: هي كما جاءت نقر بها ونحدث بها بلا كيف.
أبو عمر بن حيويه: حدثنا أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمار حدثنا عمر بن شبة حدثني عبيد بن جناد سمعت ابن عيينة وسألوه أن يحدث فقال: ما أراكم للحديث موضعاً ولا أراني أن يؤخذ عني أهلاً وما مثلي ومثلكم إلا ما قال الأول: افتضحوا فاصطلحوا.
قال إبراهيم بن الأشعث: سمعت ابن عيينة يقول: من عمل بما يعلم كفي ما لم يعلم. وعن سفيان بن عيينة قال: من رأى أنه خير من غيره فقد استكبر ثم ذكر إبليس.
وقال أحمد بن أبي الحواري: قلت لسفيان بن عيينة: ما الزهد في الدنيا؟ قال: إذا أنعم عليه فشكر وإذا ابتلي ببلية فصبر فذلك الزهد.
قال علي ابن المديني: كان سفيان إذا سئل عن شيء يقول: لا أحسن فنقول: من نسأل؟ فيقول: سل العلماء وسل الله التوفيق.
قال إبراهيم بن سعيد الجوهري: سمعت ابن عيينة يقول: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.