ومن ثواب المحافظ على الصلاة دخول الجنان والتنعم بنعيمها المقيم الدائم، فالله سبحانه وعد أهل الصلاة والمحافظين عليها أن يدخلهم ومن صلح من ذرياتهم وآبائهم وأزواجهم جنات عدن التي أعدها للصالحين من عباده يقول سبحانه: وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:22-24]، ويقول فيما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة: ((من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح)).
فليحتسب كل مسلم خطواته إلى الصلاة، ليحتسب عند الله غدوّه ورواحه إلى المسجد، وليعلم أنه لن يضيع من ذلك شيء، بل إن الله يعده بمنزل في الجنة في كل غدو ورواح، كما وعد سبحانه المصلين بالليل والناس نيام القائمين بين يديه بالأسحار الذين يناجونه في هدأة الليل وحلكة الظلمة ونومة العيون وخفوت الأصوات، وعدهم بغرف أخروية غير غرف الدنيا الفانية، ونعيم غير نعيمها الزائل، يقول فيما أخرجه ابن حبان من حديث أبي مالك الأشعري: ((إن في الجنة غرفا يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام)).


ومن أعظم ثمرات الصلاة وجوائزها أنها من أهم الأمور التي تؤهل المسلم إلى رؤية الله سبحانه في الآخرة، هذه الرؤية التي يفوق نعيمها كل نعيم في الجنة، يقول في الحديث المتفق عليه والذي رواه جرير بن عبد الله: ((إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا))،
فالصلاة الصلاة يا من ترغب في الجنان، والمسجد المسجد يا من ترغب في الأمان، فهما أقرب رفيقين للمسلم في حياته، وهما أصدق من يشهدان له بالفلاح بين يدي الله سبحانه،


وإذا كان ثواب الصلوات بصورة عامة كل هذه الخيرات وكل هذا النعيم فإن لبعض الصلوات من الفضل والبركة ما ليس لغيرها، فلا بد للمسلم أن يحرص عليها حتى ينال ما في هذه الصلوات من فضل وثواب.
ومن أهم هذه الصلوات صلاة الفجر، هذه الصلاة التي جعلها الله امتحانا لكثير من عباده؛ لأنها تأتي في وقت حساس، وقت يكون فيه كل الناس أو معظمهم في نوم عميق، فيصبح الاستيقاظ في هذا الوقت أمرا عسيرا، والتغلب على النفس والشيطان أعسر، وتزداد هذه الصعوبة في أوقات البرد والشتاء، فالقائم من نومه لهذه الصلاة استجابة لأمر الله سبحانه قد حقّق قدرا كبيرا من الصدق مع الله والامتثال لأمره.
هذه الصلاة من أكثر الصلوات التي رتب الله عليها الأجور العظيمة، ولكن المسلمين لا يعطونها حقها، وهذا خطأ فادح لأنها ـ أولا ـ صلاة مفروضة مثل باقي الصلوات التي فرضها الله سبحانه فلا ينبغي التهاون فيها، ولأنها ـ ثانيا ـ تميزت بهذه الميزات والفضائل العظيمة، فكيف يهون على من يريد الجنة أن يفرِّط في هذه الكرامات؟! وكيف لمن يحب الله ورسوله أن ينام عن هذه الصلاة أو يصليها في بيته وهو يسمع دعوات الله ورسوله إلى حضورها والتنعم ببركاتها؟! عن سهل الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)) أخرجه ابن ماجة وابن خزيمة.


ويقول أيضا عن هذه الصلاة المباركة: ((من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم)) أخرجه مسلم عن جندب البجلي. هذا الحديث يخبرنا فيه أن الذي يصلي الصبح في جماعة هو في ذمة الله، والمعنى عند بعض العلماء أنه في عهد الله وحماه، فمن تعرض لهذا الإنسان بظلم فإن الله خصيمه، ومن كان الله خصيمه هلك.