بسم الله الرحمن الرحيم
هذا حوار أجريته مع المدرب العالمي محمد بدرة في الدوحة خلال دورة المدرب المعتمد التي شاركتُ فيها ، وحصلت بعدها على شهادة المدرب المعتمد ، وفيما يلي نص الحـوار :
حاوره الأستاذ : أسامة جـاسر الأغـا [ المشرف الإعلامي بمركز شباب الدوحة الذي نظم الدورة الأخيرة ] .
أشرف على مدى 12 يوماً متواصلة خلال دورة تدريبية هي الأولى من نوعها في قطر على تدريب عشرات المدربين الذين سيتولون فيما بعد مهمة التدريب في قطر، من خلال منتدى « مدربي قطر » الذي أعلن مركز شباب الدوحة تأسيسه أمس ، ليشكل بذلك منطلقا لسوق التدريب بقطر . التقيت المهندس محمد بدرة رئيس مجلس إدارة « إيلاف سوفت البرمجية » ، ومؤسس ورئيس مجلس إدارة منحة الأوائل الأهلية ، وأحد مؤسسي مجمع ورشة مهندسي المعلومات العرب ، وعضو الأكاديمية البريطانية لتنمية الموارد البشرية وعضو الاتحاد العالمي للتعلم ، ومؤلف كتاب إدارة الاجتماعات للقادة وكتاب إدارة التفويض، وكتاب إدارة العمر ، فكان معه هذا الحوار :
• بداية لماذا اخترت مجال التدريب مع العلم أنك مهندس معماري، وهل هناك علاقة بين التخصص وما تقوم به الآن ؟
حقيقة ما زال مكتبي الهندسي مفتوحا ً، تستطيع أن تقول إنني أمارس التدريب إضافة إلى العمارة .
أما لماذا اخترت التدريب، ففي البداية ومنذ سنوات طويلة كنت أحضر الدورات من أجل تحسين أعمالي، ومع الوقت بدأت أشعر بشيء قوي يربطني ويجرني للتدريب .
طبعا أن ترى التغيير يحدث على يديك ولأشخاص مؤثرين فهذا شيء عظيم بالنسبة لي، أما بالنسبة للارتباط بين دراستي وتخصصي المعماري والتدريب، فأعتقد أنه يوجد رابط ما بين كل العلوم فهي كلٌ متجانس، فلقد استفدت كثيرا من العمارة في التدريب، في معمارية الدورات والإلقاء والمواد التعليمية وحتى معمارية الإنسان .
• كيف يمكن أن يصقل المتدرب قدراته في هذا المجال ، إذا أراد أن يخوض غماره ، وهل
هناك خطوات مهمة تنصحون بها المتدربين الراغبين في شق طريقهم نحو العالمية في هذا الباب ؟
إذا كنت تقصد بالمدرب الشخص الذي لديه الخلفية العلمية اللازمة لما يدربه، وبذات الوقت المهارات التدريبية اللازمة، فاعتقد أن التواضع الدائم أمام العلماء والعلوم يساعده كثيراً، إضافة إلى العديد من النقاط وأهمها التقييم ، بمعنى أن يقيّم نفسه دائماً بعد كل برنامج تدريبي يقوم به وبعد كل محاضرة، وأن يحدد نقاط ضعفه ومن ثم القيام بتحسينها ، وهكذا .
وفي اللحظة التي لا يجد فيها أي نقطة ضعف لديه عليه أن يتوقف وأن ينسحب من الميدان فنحن بشر ونمتلئ بنقاط الضعف.
• هل يختلف تدريب المدربين عن تدريب المتدربين الاعتياديين ؟
حقيقة كلما قمت بالمساعدة في دورات تدريب المدربين أشعر بتحدٍ كبير، حيث أكون أمام المتدربين لمدة اثنا عشر يوماً كي يحصلوا على المعارف والمهارات اللازمة وبمقدار عشرة ساعات يومياً، وهذا تحدٍ بحد ذاته، وبنفس الوقت في نهاية الدورة يتملك الجميع وأنا منهم شعورا هائلا بالانجاز.
أما بالنسبة للمشاركين فعادة لا يختلف أداؤهم عن غيرهم من المشاركين في الدورات الأخرى، فهم عادة ما يلبسون دور المتدرب .
• ما أثر التدريب في العالم العربي ، وما مدى تقبل الناس لهذا النموذج؟ وهل يغطي جميع المجالات أم يقتصر على ما يطلبه السوق ؟
يختلف أثر التدريب من دولة إلى أخرى، وذلك حسب غنى الدولة وحسب ثقافة التدريب فيها، فلا زالت ثقافة التدريب ضعيفة في أغلب الدول العربية، ماعدا دول الخليج، ولكن والحمد لله بدأت في السنوات القليلة ثقافة التدريب في الانتشار في معظم العالم العربي. لكن لا يزال أثر التدريب ضعيفاً إلى حد ما، وللأسف فإنه يغطي فقط ما تطلبه الأسواق والتي قلنا أنها مازالت ضعيفة الإيمان بالتدريب وبالتالي طلبها يُعد ضعيفاً.
• وهل يوجد اهتمام بالجوانب التربوية والتعليمية في عملية التدريب ؟
اسمح لي أن أقول إن التعليم في معظم البلدان العربية ما زال يعاني الكثير من المشاكل ومازال بعيداً عن كثير من الأنظمة الحديثة للأسف.
نعم نسمع عن جهود تبذل هنا وأخرى هناك، ولكن على أرض الواقع تجد الحقيقة المرة، تجد التعليم في أسوأ حالاته وبالتالي نحصل على نتائج سيئة.
إن مستوى التعليم يدل على مستوى المجتمع، فآخر الإحصائيات الخاصة بالعالم العربي تؤكد أنه يعاني من نسب أمية مرتفعة جدا على مستوى العالم. فإذا كان هذا مستوى التعليم، فلك أن تتخيل مستوى التدريب، فأحرى أن يشمل هذا التدريب الاهتمام بالجوانب التربوية والتعليمية.
• وهل يوجد اهتمام بالجوانب التربوية والتعليمية في عملية التدريب ؟
اسمح لي أن أقول إن التعليم في معظم البلدان العربية ما زال يعاني الكثير من المشاكل ومازال بعيداً عن كثير من الأنظمة الحديثة للأسف .
نعم نسمع عن جهود تبذل هنا وأخرى هناك، ولكن على أرض الواقع تجد الحقيقة المرة، تجد التعليم في أسوأ حالاته وبالتالي نحصل على نتائج سيئة .
إن مستوى التعليم يدل على مستوى المجتمع، فآخر الإحصائيات الخاصة بالعالم العربي تؤكد أنه يعاني من نسب أمية مرتفعة جدا على مستوى العالم. فإذا كان هذا مستوى التعليم، فلك أن تتخيل مستوى التدريب، فأحرى أن يشمل هذا التدريب الاهتمام بالجوانب التربوية والتعليمية.
• إذا طلبنا منكم نصائح سريعة للمدربين والمدربات سواء في المؤسسات التعليمية أو الشركات ؟
لابد من الاهتمام برأس المال البشري لديهم، كما أدعوهم للبحث في هذا الموضوع والعمل على تأسيس أقسام أو تعيين أشخاص في إدارة الموارد البشرية متخصصين في التدريب والتطوير، ففي أحيان كثيرة يُعد رأس المال البشري من أهم ما تستطيع الشركة أو المنظمة الاستثمار فيه، ومن يغفل من المديرين عن هذا المورد المهم فإنه يضيع على منظمته الشيء الكثير.
• من بين الموضوعات التي ركزتم عليها في الدورة تقنية التعلم السريع ، فما هي أهم مبادئه ؟
- تقوم تقنيات التعلم السريع على عدة مبادئ منها أنه لا بـُدّ أن ينسجم التعلم مع الطريقة التي يعمل بها الدماغ الذي يتضمن التعلم الفعّال، التفكير الخطي المنطقي للدماغ الأيسر، وبنفس الوقت التفكير الشمولي الإبداعي للدماغ الأيمن، فالدماغ ليس معالجاً تتابعياً خطياً، بل هو معالج متعدد المسارات، ويزداد تطوراً كلما كبر التحدي لفعل أشياء أكثر دفعة واحدة.
المبدأ الثاني أن يتحسَّن التعلم عندما يُـقدَّم بطرق متنوعة: لكل منا أسلوبه المُميز في استقبال المعلومات ومعالجتها، ولكي يستفيد المتعلم أكبر استفادة ممكنة من التعلم لا بـُدّ أن تـُقدم له مائدة متنوعة الأطباق غنية بخيارات متعددة للتعلم.
وفي المستوى الثالث فإن التعلم الناجح يطبق مبادئ الذاكرة، فللدماغ قدرة أكبر على معالجة الصور من معالجة الكلمات، فالصور وخاصة الملونة منها أسهل للتذكر من الكلمات. فنحن نتذكر المختلف والمميز بسهولة، ونتذكر الأشياء المترابطة والموجودة بمجموعات، وننسى العادي والممل بسرعة .
ثم لا بد من إشغال المتعلم كُـلّه ليحسن من التعلم بشكل كبير، فالتعلم هو عملية خلق المعرفة من قبل المتعلم نفسه، وليس استهلاكاً لها، فالمعرفة والمعنى والقيم ليست شيئاً يمتصه المتعلم، ولكنها شيئاً يخلقه في داخله. والتعلم الحقيقي هو تعلم بكامل الجسم والعقل ويُشغـِل المتعلم عقلياً وعاطفياً وفيزيائياً.
والمبدأ الخامس يركز على تعلم المتعلم ما يريد أن يتعلمه، فلا يوجد تعلم دون وجود هدف تعليمي شخصي يخص المتعلم. ويحتاج المتعلم أن يعلم كيف سيستفيد من التعلم على المستوى الشخصي والمهني، كما أن التعلم ينمو بقوة إذا أتت المادة التعليمية في سياقها، فمن الأساسي أن
تكون البيئة التعليمية محاكية للواقع، وأن تساعد على الشعور بالأمان، وتوحي بتوقعات إيجابية للنجاح. ويعد الضحك والمتعة من المتطلبات الأولى للتعلم الناجح.
سابعا وأخيرا فإن التعلم تجربة وخبرة اجتماعية، لذلك فإن التعاون يُسرّع التعلم، والتنافس يبطئه. إن نقل المتعلم من عزلته إلى مجتمع التعلم يقلل التوتر ويزيد التعلم، وغالباً ما يكون التعلم من الأقران أكثر جدوى من التعلم بأي وسيلة أخرى. يهتم المعلمون والمدربون الناجحون ببناء علاقات إيجابية بين المتعلمين أكثر من اهتمامهم بأي أداة أو وسيلة تعليمية أخرى.
• ماذا عن انطباعاتكم حول تأطير هذه الدورة التي تعد الأولى من نوعها في قطر ؟
حقيقة هذه زيارتي الخامسة لقطر، فقد سبق لي أن شاركت من هنا في تأسيس «أكزيكيوترين» العالمية في قطر، كما أطرت منذ عامين دورة تدريبية، فالحمد لله تعرفت عن قرب على المجتمع والشعب القطري، وما أستطيع أن أقوله من خلال زياراتي المتعاقبة: إن هناك تطورا رائعا تعرفه قطر في كافة المجالات، وما نجاح دورتنا اليوم إلا أكبر دليل على ذلك .
المفضلات