السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أثارت حيرتي الطريقة التي سألقي بها عليكم بطاقة المعايدة لعيد الأضحى المبارك .. فالمنتدى فيه من الأقلام العملاقة ما يجعل قلمي متواضعا ً أمام ما تبدعه أقلامكم الرائعة ...
ووسط حيرتي خطر لي أن أبدأ بعيد مبارك علينا جميعا ً وعلى أمتنا العربية والإسلامية لأنتقل إلى قصة تحمل بعدا ً إنسانيا ً وقيميا ً ... للعيد اخترت أن يكون خاتمة تضعونها لهذه البطاقة بعد قراءة حكايتي الصغيرة ...
أما الحكاية فتبدأ مع عائلة أبو الوليد والتي تعيش في مدينة صغيرة ... مازالت تحضن في ملامحها حياة ريفية احتفظ بها كبار السن كجزء من وجودهم ...
وفي هذه المدينة وجدت بعض الأسر التي كان يشوب علاقتها النزاع والخلاف ولأسباب عديدة منها يما يتعلق بالميراث ..أو الأرض ..وربما السلطة .. وهكذا كان حال أسرة أبو الوليد فقد وقعت في رحى نزاعات عائلية بين أخذ ورد ..فأين الحكاية ..؟
الحكاية تبدأ عند وليد ذلك الطفل الذي لا يذكر كم كان عمره تماما ً عندما حدثت القصة لكنه يذكر كيف أن عمه قد استشاط غضبا ً في وجه والديه عندما ذهبا ليدعواه على إفطار في شهر رمضان بغية لم شمل العائلة وحل النزاعات في الشهر الفضيل وما يذكره بشكل أساسي كيف أن عمه صرخ في وجه أمه قائلا ً : / اخرجي من بيتي .. فنحن لسنا بحاجة لطعامكم / وحينها خرجت أم الوليد بهدوء قائلة له الله يهديك ومن ثم تابعت جولتها هي وزوجها على بيوت الأعمام والعمات تدعوهم للإفطار الذي لبى الدعوة منه البعض وامتنع البعض خوفا ً من غضب الأخ واكتفى البعض بالاعتذار ..
أقبل العيد بعد أيام فجمعت أم الوليد الأولاد وقالت لهم سنجتمع اليوم عند بيت عمتكم وجلست تعيد عليهم آداب التحية في العيد فانبرى وليد قائلا ً وكيف سنسلم على عمي ألم يطردك من البيت .. ؟ فالتفت إليه قائلة كلنا يخطئ ..؟ فأجاب الطفل ولكن هذا ليس خطأ عمتي قالت إنه أهانك ..؟ صمتت الأم قليلا ً : حسن هو أهانني أنا فأنت ما شأنك ..؟ ثم ..؟ قاطعها قائلا ً : كيف ..و..؟ عندها قاطعته الأم بحزم قائلة : تذكر الدنيا عيد وتعلم أن العيد يمسح الأخطاء ..؟
صمت الطفل مغتاظا ً ... إلا أنه كتم غيظه ..ولكن مالذي حدث ..؟ هاهو يلقي التحية على عمه وعمه لا يلقي له بالا ً ...؟!!! هرب الطفل باكيا ً فلحق به الأب وأتى به وأجلسه جنبه ولم يلبث أبو الوليد إلا قليلا ً ثم غادر هو وزوجته المجلس مع بعض إخوته وأخواته ..
تكررت هذه الحادثة مع وليد ومع مرور السنوات أكثر من مرة مرة عمه وأحيانا عمته فمشاكلهم كثيرة ولا تنتهي وفي كل مرة تزداد المسافة بين الأشقاء وبين أولادهم إلا أنه وفي كل مرة كانت أم الوليد تقول لأولادها نحن لا نخاصم أحدا ً سلموا على عمكم سلموا على عمتكم عندما تصادفوهم نحن لا نخاصم أحدا ...وتمر الأيام ويتعرض وليد لضربة حجر في رأسه قرب بيت عمه وتشاء الأقدار أن ينقذه ابن عمه ويحاول أن يسعفه في البيت ويأتي العم حانقا ً على ابنه /مالك وماله خذه إلى أهله / ولم يكن من ابن العم إلا أن وضع قطنا على جرح وليد وساعده لوصول إلى البيت وعاد مسرعا ً خوفا ً من غضب والده ...؟
قص وليد ما حدث فكان جواب الأم/ عمك بجوز معصب من شي ألم تر كيف أنقذك ابن عمك..؟ تنهد وليد وقال أمي لماذا دائما ً تخلقين لهم الأعذار ..؟ هم لا يحبوننا ؟؟؟ وعمي يكره كل الناس وأظنه يكره نفسه ...؟ أجابت الأم هذه مشكلته والله أعلم بالقلوب وكان وليد قد كبر قليلا ً فتابعت الأم ...ومن ثم أهكذا علمنا الله ألم تقرأ بالقرآن :ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ... ثم اسأل صديقك جورج أليس عندهم في الانجيل أن من ضربك على خدك الأيسر فأدر له خدك الأيمن حاول أن تتذكر ما فعله ابن عمك و ادع الله أن يهدي عمك ... تنهد وليد وقال من أين لك هذا الصبر هذا اسمه ذل أنا لا ... قالت الأم الآن وأنت غاضب وحانق هل ستستطيع الدراسة أو حتى النوم وإذا نمت هل سيكون نومك مريحا ... ثم انظر إلى وجهك كيف يبدو ...؟ قم اغسل وجهك واستهدي بالرحمن ..
هذا النقاش كان يثار في البيت مع كل مشكلة يقوم بها العم إلا أن وليد بعد أن كبر أدرك فعلا ً منطق أمه فهاهو العم على فراش الموت ينتظر أولاده موته بفارغ الصبر بينما يجد وليد جده الذي علم أمه الكثير والكثير محاطا ً بأبنائه وأحفاده وأحفاد أحفاده وجمعيهم... يرعونه ويدعون له بطول العمر وقد تجاوز الخامسة والثمانين ومن ثم فهاهم يحزنون لوفاته ...وماتزال روحه الطيبة تلم شملهم في كل عيد حتى بعد موته بـخمسة عشرة سنة متحابين متآزرين وناجحين ...فأي عيد أجمل من عيد تصفو فيه النفوس ويلم فيه الشمل وتتجدد فيه الحياة ....
ربما أطلت عليكم ولكن.. وليد ألح على أن أنقل قصته للجميع وفي كل عيد ... أرجو أن تقبلوا مني تحية العيد المملوءة بالمحبة والتسامح وهذا هو هدي ديننا الحنيف وهدي المصطفى عليه الصلاة السلام
بكل الحب أهنئكم بالعيد/ أضحى مبارك
/