سمعنا كثيرا عن أشخاص تقودهم أحاسيسهم وتهيمن على حركاتهم وسكناتهم.



وفي هذا الخـــضم من الأحاسيس المختلفة يضيع منهم صوت العقل ويتلاشى، إذ يرتطم بأمواج عاتية من الآلام و أوجاع النفس أو الغضب أو الخوف، وتتحول هذه الأحاسيس إلى مهيمن ورقيب فوقي يوجه الذات إلى سلوكات غير ملائمة.


فالكلمات قد تتجاوز العقل وتتخطاه فنتكلم انطلاقا من غريزتنا دونما تفكير عقلي في الموقف.


لكن لحســــن الحـــظ أن هذه الحالـــة غير السليمة ليست محتمة على الـــذات إلى الأبـــد، لا أبدا، فبإمكاننا أن نتعلم كيف ندير ونتحكم في مختلف أحاسيسنا.


أجل، هيمنة هذه الأحاسيس عليك ليس أمرا قدريا.


مدونة النجاح الذاتي ترافقكم في جولة مع بعض النصائح التي تتيح لك التخلص من القلق الدائم، وتقليص آثار الأحاسيس السلبية على نفسيتــــك.


1. التحكم في الأحاسيس القوية بإدراك حدود قدرتها
الأحاسيس السلبية مهما كانت دوافعها، فإنها تعتـــــم على تفكيــــرنا، وتتَــمَلكنــــــا إلــــى أن تصبـــح في النهـــــايـــة حواجز حقيقية أمام التفكير المنطقي.


وتدبير هـــذه الأحاسيــس لا يعني أن تتجاهلهـــا بأن تدفنــــها في أعمق نقطة منـــك، وأن تتنـــاسـى إدمـــاجها فـــي نشاطك.


بعـــض الأحداث الاستثنائية، كوفاة شخص قريب أو شجار عنيف أو اعتداء… تستثير فينا ردات فعل نفسية طبيعية، تكون سببا في القلق وعدم الراحة أو الصدمة.


وعندما تحـــاول أن تتخـــلص من هـــذه الأحاسيس بطمــرها ودفنها، فإن ذلك لا يسمح بالتخلص منها، فثقلها على وعيك لا يختفي من غيـــر جـــهد.


السلاح الأكثر فعاليــــة للتحكــــم في أحاسيسك هو الموضـــــــــوعية. يتعين أن تتقبل شعورك كيفما كان (خوف، ألم…)، ليتسنى لك وضعه في حجمه الحقيقي والنسبي.


هدفـــك سيكون إذن هو أن تحلل بدقة آثار هذه الأحاسيس على سلوكاتك.


هل تتصرف بطريقــــة مختلفـــة بعد ظهور هــذا الإحساس؟


هل يؤثر على علاقاتك الاجتماعية؟


هل يغيـــر من أولوياتك في حياتك اليومية؟


طرحـــك لهـــذه الأسئلـــة يُعـــد الخطـــوة الأولى باتجاه تدبيــــر والتحكــــم في هذا الإحساس الذي يـكتنفـــــك.


نفسيتك ستستـــدعي عنصــــر الشــــك، وستتحرر تدريـــجيا من سطــــوة ذلك الشعـــور بجعلـــك تدرك اللحظة التي أصبح فيها قوة فوقية معرقلة لإعمال العقـــل.


2. التحكــــم في الأحاسيس القوية من خلال الاستبطان العميق.
بتجــــدد تأثيـــر أحاسيـــسك على طريقـــة إدراكـــك للعــــالم، سوف لـــن تستطيـــــع أن تحـــــدد هـــذه الأخيــــرة بســهولــة.


ولكن أحاسيس مـــن هــذا النـــوع لا تظهـــر بالضــرورة فـــي اللحــــظة التي تعمـــل فيــــها على تجــديــــد وجـــودك.


هناك عـــدد من أحاسيـــسنا مطمـــور ومتخفـــــي في انتظــــار عنصــــر مثيـــر يجعـــلها تطفـــــوا عــلى السطــح لتكتسحنـــا من جــديـــد.


ولتدبيــــر أحاسيــــس من هـــذا النــــوع يتعيــــن الغـــوص بعمـــق في أغــوار الذات، ودراســـة نفسيتـــك وماضيك.


وهـــكذا، ستتمكن من تحديـــد النبع الذي تدفقت منه.


هدفـــك إذن لا يتجلى في محاربتـــك للأحاسيــــس التي تكتسحـــك، بل هدفـــك هو تقبلــــها، ومعانقتها لفسح المجال لعقـــلك كي يشق طريقه إلى تبــــديد الضغـــط الناشئ بسبب هذه الأحاسيس.


صحيح أن التحكم في هذه المشاعر السلبية يبدو غير متقبل وغير مقنع : (نـــوبة حزن شديدة، غضب عارم….).


ولكن كــــن على يقين أن هذه الأحاسيس ليست عناصر تابثة تميزك في شخصيتك.


إنـــها أحاسيس عابرة فقـــط كسحابة صيف، يصبح متَحـــكَّــما فيها كلما تقدمت في عملية الاستبطان التي تحدثنا عنها.


3. التحكـــم في الأحاسيس القوية بتحديد غايتها
تأكـــد أن نفسيـــتك ليست بشيطـــان يحاول أن يتلاعـــب بك بأن يعكـــر صفو حياتك.


إذا كانت أحاسيسك تمنعـــك من استعادة السيطـــرة على حياتك، فلأنك انحصرت بذاتـــك داخلها.


وهذا الانحصار يكـــبح ارتقاءك بـــذاتـك، إنه يجسد الصدمة، ويجسد نقصا في شخصيتك.


التحـــكم في المشاعر السلبية يعود إذن إلى محاربـــة المصادر التي تكبــــح السعي إلى تحصيل السعادة، وتكبح إدراكك لذاتك ومعرفة من أنــــت بعمــــق.


لكي يتسنى لك ترويض هذه المشاعر سيكون لزاما عليك أن تُبقي عقلـــك منفتحــــا، متنبها بفضول، لكي تفهم تبعاتها عــلى حياتك سواء في واقعك اليومي أو بشكل خصوصي (حميمي).


4. التحكم في الأحاسيس القوية بأن تفسح لها المجال بوعي لتملي عليك بعض اختياراتك
إذا كنت لا تستطيع أن تتحرر من إرادتك الحـــرة وأن تترك أحاسيسك تهيمــن عليك، فإنك تستطيع أن تتركها تؤثر على اختياراتك.


هذا التأثير يجب أن يكون رغبة واعية، بمعنى أن تكون هذه الرغبة مصدر قراراتك.


وهكذا، لا تكبت حـــزنك… بإمكانك أن تبكي، أن تبوح بأحزانك لشخص أو حتى للورق.


نفــــــس الشـــيء بالنسبة للغضب.


لا شيء يمنعك من أن تكون بمزاج سيئ، تستطيع إذن أن تُــعبر عن هذا الخير بالقيام بنشاط ملموس، او أن تكتب رسالة مليئة باستياءاتك، لتحرقها بعد ذلك.


تدبيــــر المشاعر عــن طريق تركها تعبر عن نفسها يمكن أن يقودك إلى التغيير الجذري في حياتك.


قد تكون انتبهت إلى أنك لا تتطور في نشاطك المهني ، في منطقتك، مع بعض الأشخاص…


يجب أن تكون دائما في الاستماع إلى الإحساس الذي يكتنفك وأن لا تكبتـــه وأن تجعله موضوعا لتفكيرك من أجل أن تتخذ القرارات التي تناسب حالتك النفسية.


من أجل التحكم في الأحاسيس التي تبدو سيئة أو هدامة، يلزمك ان تتقبلها، أن تتركها تعبر عن نفسها، إنها ليست سوى وسيلة تواصل مباشرة تستخدمها نفسيتك لتنقل إليك رسالة هامة مفادها: ضرورة التغيير الذي يتجه بك نحــــو الارتقاء بــــنفسيتك.