إن نجاح الإنسان وسعادته في الحياة يتوقفان على مهارات لا علاقة لها بشهادته وتحصيله العلمي .


فقد بينت كثير من الأبحاث أن كثيرا من الأشخاص الذين تخرجوا من الجامعات الراقية بدرجات ممتازة لم ينجحوا كثيرا في حياتهم العملية أو الأسرية أو العاطفية في حين أن أشخاصا تخرجوا من جامعات عادية وبدرجات عادية استطاعوا أن شركات ضخمة ويكونوا ثروات هائلة ويتصفون بالاستقرار العاطفي . هذا لا يعني أنه لا دور للشهادات في تحقيق النجاح ولكنها لا تكفي وحدها بل لا بد من مهارات تعرف بالذكاء العاطفي .


ومن هنا يمكن تعريف الذكاء العاطفي بأنه قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع نفسه ومع الآخرين .

وهناك سؤال : هل يمكن للإنسان أن يرفع من مستوى ذكائه العاطفي ؟ والإجابة :نعم وبالتأكيد . وقد أشارت الدراسات أن هامش التطوير في الذكاء العاطفي أوسع بكثير من هامش التطوير في الذكاء العقلي .


وهناك سؤال : هل الحدس أذكى أم العقل ؟ وعلينا أولا أن نعرف الحدس , وهو: ذلك الشعور الذي نشعر به تجاه شخص ما أو في ظرف ما دون أن تجد سببا منطقيا لذلك الشعور .


وقد يصدق الحدس حسب دراسة أجرتها جامعة هارفارد وصدق فيها بنسبة 80%
وقد يخيب الحدس إذا كان : -مظاهر الآخرين لا تدل على مخابرهم , -أو عندما يخطيء الإنسان في قراءة مشاعره هو .


وللعقل الباطن دور كبير في حياة الفرد والمجتمع حيث لا يقتصر تأثير اللوزة “مركز العقل الباطن ” على تخزين التجارب المختلفة التي يمر بها الإنسان , بل تقوم بتحليل المعلومات الواردة إليها واتخاذ القرارات والإيعاز لعضلات الجسم للقيام بأفعال معينة .


وينطبق هذا على التربية فنحن عندما نصف أولادنا بصفات سلبية فإنها تُسجَّل في العقل الباطن ثم يتصرفون على بتأثيرها , مثل إذا كررنا على مسامع الطفل : أنت عنيد , فإنه سيصبح عنيدا بالفعل ؛ لذا علينا أن نتوقف عن تداول السلبيات في أنفسنا ومجتمعاتنا , ونكرر الحديث في الإيجابيات مهما كانت قليلة .


أما كيف تكون سيد نفسك فقد توصل الباحثون إلى أن قوة الإرادة والتحكم في الذات يؤديان إلى السعادة والنجاح في الحياة .. ومن هنا على الإنسان أن يكون متحكما في نوازعه ورغباته لا تابعا لها .


إن مبدأ الذكاء العاطفي بسيط جدا يعتمد على إعمال الذكاء في العاطفة , فقد خلق الله العواطف لوظائف معينة منها حماية الإنسان من الأخطار والارتقاء بوجوده . فالذكي عاطفيا هو الذي لا يتجاهل عواطفه ولا يكبتها وإنما يفهمها ويتعامل معها بطريقة إيجابية , حيث إن كبتها يؤدي إلى الاحتقان وينعكس سلبا على صحته النفسية والجسدية , وهناك قاعدة أساسية في الذكاء العاطفي تقول : نحن لا نستطيع أن نقرر عواطفنا ولكننا نستطيع أن نقرر ماذا نفعل حيالها . مثلا لا نستطيع أن نقرر متى نغضب ولكن نستطيع أن نقرر كيف نتعامل مع غضبنا .


ومن قواعد الذكاء العاطفي :
-إدراك العاطفة :ماذا يشعر ولماذا ؟
-التعامل مع العاطفة بطريقة إيجابية خلاقة .
وسؤال آخر : كيف نستطيع التحكم في مشاعرنا ؟
هناك علاقة متبادلة بين التفكير والشعور والسلوك , ويمكن أن نتحكم بمشاعرنا بالتدخل بين التفكير والشعور أو السلوك والشعور .. مثلا حين نغير من طريقة تفكيرنا في أمر معين يتغير شعورنا نحوه وبالتالي سلوكنا .. فالإسلام فجَّر الطاقات الهائلة في نفوس المسلمين الأوائل عندما فهموه وتوكلوا على الله فتغير التفكير والسلوك .
وإذا تحدثنا عن حالة الانسياب وكيف يصبح الصعب سهلا .. في هذه الحالة يكون الدماغ في أقصى حالات التحفز بينما النفس في أقصى درجات الاسترخاء .. كأن يكون الإنسان مندمجا تماما في عمل يحبه كثيرا .وبالطبعح فإن قدرة الإنسان على الإبداع تزداد في حالة الانسياب ..
ومن شروط الدخول في حالة الانسياب :
-أن تحب العمل الذي تقوم به .
- ان تقوم بالعمل وهو بالنسبة لك تحد ٍّ وليس تهديدا .
-التركيز مطلب للدخول في الانسياب وهو إرادي بداية ثم يصبح مع الاندماج لا إرادي .
-يحدث الانسياب في مرحلة متوسطة بين عمل سهل ممل وآخر صعب مرهق ..
ومن أسس الذكاء العاطفي : التعاطف, فهو أساس النجاح في العلاقات الاجتماعية ..
إن من أهم حاجات الإنسان في هذا الوجود حاجته إلى ان تقدر مشاعره من قبل الآخرين ,
ويعتمد هذا التقدير على ثلاثة أمور :
1-إدراك هذه المشاعر فأنت ترتاح للشخص الذي يقول (أراك منزعجا بشدة )
2-تفهمها دون الحكم عليها “أي دون أن يبدوا رأيا فيها ” كالذي يقول : أدرك تماما أن هذا الأمر مزعج بالنسبة لك )
3- التعاطف وهو الأساس كالذي يقول (أفهم شعورك فقد مررت بمثل هذا من قبل )
وهذا يعتمد على القدرة على قراءة مشاعر الآخرين من خلال أفكارهم وتصرفاتهم .


ويتجلى أثر الذكاء العاطفي في عمل الفريق الواحد : فالإنسان الذكي عاطفيا أكثر قدرة على التعاون مع الآخرين والتفكير المشترك وتقبل النقد والرأي الآخر والحوار لحلول وسط .
فالقدرة على نجاح الفريق والمجموعة تعتمد على الذكاء العاطفي للمجموعة وليس الذكاء العقلي .


ومن شروط الذكاء العاطفي للعمل مع فريق :
-القدرة على تقبل الرأي الآخر .
-القدرة على الاعتراف بالخطأ وتغيير الرأي .
-القدرة على الهدوء عند الاختلاف .
- القدرة على الخلاف البناء .
ومن أسس الذكاء العاطفي إدارة الوقت ..
فمن استطاع أن يتحكم في نفسه استطاع أن يتحكم في وقته .وهذا يحتاج إلى جهد كبير وتصميم ,ومن مباديء تنظيم الوقت : -التخطيط اليومي لما يجب فعله .-ألا يكون البرنامج مزدحما . – ان يكون مرنا . – تقسيم الامور وتنظيمها وتقديم الأهم . –ومراعاة التوازن بين حاجات الروح والجسد والعقل بعدم إهمال جانب منها .
فالناجحون يحرصون على راحتهم وإجازتهم حرصهم على العمل والإنجاز ومن ذلك حرصهم على تنظيم وقت النوم والراحة ؛ لأن هذا يدفعهم إلى العمل والنشاط
والخلاصة :
فإننا يمكن أن نعرف الإنسان الذكي عاطفيا بأنه يحمل الصفات التالية :
-إنسان يعرف نفسه بضعفها وقوتها ويقرأ مشاعره باستمرار.
-إنسان يتحمل المسؤولية في علاقته مع الآ خرين
-إنسان متعاطف ويتفهم مشاعر الآخرين
-إنسان متفائل لا يشله الخوف من الفشل والعقبات
-إنسان يعشق لعبة التغيير فيتقبل النقد ويسعى للأفضل
-إنسان متسامح لا يحمل حقدا ولا غلا ولا ينشغل بكره أحد .