فن تسويق الذات


تسويق الذات


قد يستهجن البعض مصطلح تسويق الذات ويبدر إلى ذهنه معاني سلبية كالإلحاح واستجداء الآخرين، أو يظن أن تسويق الذات هو سلوك البائسين، غير أن الحقيقة أن هذا المصطلح ليس إلا إحدى عمليات تطوير الذات، وهو أمر ليس غريبا على من يطمحون إلى النجاح في حياتهم المهنية .
في البداية علينا أن نزيح عن "تسويق الذات" تلك السمعة الشائنة ونؤكد على أن هذه الممارسة ليست تفريطا أو إفراطا في كرامة الفرد كما قد يظن البعض، خاصة من أصحاب الشخصيات المتحفظة، فممارسة تسويق الذات تنبع من إدراك الفرد لأهمية عرض مهاراته، وإدراكه أن من يسوق مهاراته وشخصيته هو من يحصل على انتباه الإدارة بصورة واضحة، وذلك حين يتحدث بواقعية دون ادعاء أو نرجسية .
هل أنت مقتنع بفكرة تسويق الذات؟ قد يستمر البعض منكرا لأهمية هذه الخطوة ظنا منه أن عمله وحده هو الذي سيؤهله إلى لفت الانتباه والترقي، مضيعا على نفسه العديد من الفرص التي ولت عنه بسبب جهل الآخرين به أو بمهاراته .
لإدراك أهمية تسويق الذات علينا أن نجيب على هذه الأسئلة :
- كم فرصة تضيع من يدي بسبب جهل الآخرين بشخصيتي و بمهاراتي، و عدم إعلامي بهذه الفرص ؟
- إذا لم أتحدث عن نفسي وعن مهاراتي.. من سيتحدث غيري ؟
- إذا لم أقتنع بمهاراتي للدرجة التي تدفعني إلى تسويقها.. من سيهتم ؟
إن الخطوة الأولى في ممارسة تسويق الذات هي الاقتناع أولا بالفكرة.. وقد يتساءل البعض: هل حس تسويق الذات يولد بالفطرة مع الإنسان ؟ الإجابة : لا.. ، بل هي ممارسة تتولد من رغبة الإنسان في النجاح و مشاركة الآخرين في هذا النجاح، وهو ما يدفعه إلى المبادرة وعرض مهاراته وشخصيته.





وكي تنجح في تسويق ذاتك لدى الآخرين عليك أن تقتنع بالهدف، وان تدرك التوقيت المناسب، والوسيلة السليمة، لذا لا بد في البداية وقبل عملية تسويق الذات أن تتعرف على هذه الذات، وذلك بأن يحدد الفرد مصادر قوته كي تكون ورقته الرابحة في عملية التسويق، كما عليه أن تحديد نقاط ضعفه لتنميتها وإدراكها، وليس التغطية عليها، فأهم عامل في إنجاح تسويق الذات هو الصدق ورسم صورة حقيقية معبرة عن نفسك . بعد ذلك تأتي مرحلة اختيار التوقيت المناسب، والبحث عن الفرص، وتعتمد على إحساس الفرد بقدرته على المشاركة في هذه الفرص ومعرفة المنافسين.
وكي تتضح أمامك الفرص أكثر لابد من ممارسة التسويق الدائم للذات، بتوسيع دائرة المعارف وتسويق أعمالك كل فترة كي يكون الآخرين متابعين لسجل أعمالك وعلى إدراك لقدراتك، كما أن عنصر مشاركة الآخرين ومساعدتهم وعرض خدماتك عليهم يمثل إحدى أهم خطوات التسويق، فإلى جانب أهمية ذلك في رسم صورة جيدة لك أمام الآخرين، فإن مساعدتهم تكشف لهم عن جانب من مهاراتك وتبلغهم رسالة عن إمكانية التعامل معهم في المستقبل، فتظل في ذاكرتهم .
لست في حاجة إلى الانتظار حتى يعلم الآخرون أنك مجتهد وتعمل بجد وبضمير يقظ، بادر إلى الاحتكاك الفعال بالآخرين وتعريفهم بأعمالك ومهاراتك بلباقة وذكاء، وتواصل معهم، واحرص على توسيع دائرة معارفك لأن هذا يجلب لك مزيدا من الفرص .
إن الهدف من تسويق ذاتك هو أن تتحول سمعتك إلى علامة تجارية، فمثلما للشركات الكبرى علامة تجارية لا تقلـَّد.. كذلك شخصيتك بما تملكه من سجل حافل بالعمل والمهارات والخبرات والأداء، احرص على صنع علامتك التجارية (= سمعتك)، ولا تخجل من الحديث عما قمت به أو ما تفعله حاليا، ولا تنكر ذاتك لأن ذلك لن يفيدك كثيرا في مجال حياتك المهنية، كن متواجدا وصاحب مبادرات .
في النهاية.. كن مؤمنا بذاتك، ليؤمن بك الآخرون، ولا تنطو على نفسك، واصنع سمعة طيبة بين الآخرين بمساعدتهم وتعريفهم بأخلاقياتك الطيبة ومهارتك العملية ومشروعاتك السابقة والحالية، ووسع دائرة معارفك قدر الإمكان، لتحوز على مزيد من الفرص والتألق في حياتك العملية .