المعالجة الذهنية
وهي مجموعة الوسائل العلاجية التي تتعامل مع الحالة العقلية والحالة النفسية للمريض على أساس إما إنها هي التي سببت حصول الحالة المرضية البدنية أو الحالة المرضية النفسية، أو إنها تساهم في علاج هذه الحالة أو تلك.
ويختلف هذا الفصل عن الفصول التي سبقت بأمرين : الأول هو أن العلاجات التي سنذكرها في هذا الفصل مكملة للعلاجات السابق ذكرها لأهمية الحالة النفسية في علاج جميع الحالات المرضية كما سنوضح ذلك، والثاني هو أنه يتضمن عدة طرق علاجية مما يجعل تبويبه بشكل مختلف قليلاً عن الفصول التي سبقت أمراً لا بد منه.
أسباب المرض :
إن حجر الزاوية في كل العلاجات البديلة هو إن الشفاء يحصل من الداخل وإن الجسم يعالج نفسه. ولكن، قبل أن يصبح ذلك ممكناً لا بد من معرفة أسباب المرض، وإلا لم يكن ممكنا غير إزالة الأعراض مؤقتاً كما هو الحال في الطب المتداول والذي فيه لا في الطب البديل ليس هناك ضرورة لمعرفة أسباب المرض، أي ليس ذلك من مسؤولية المريض إضافة إلى عدم معرفة الطبيب بأسباب الكثير من الأمراض، أعني حتى على أساس الأفكار المنتشرة عنده وليس المعرفة الحقيقية والتي يرى الطب البديل أن الطب المتداول لا يمكن أن يوفق إليها لأن أساس نظرته إلى الأمور غير صحيحة.
وللوصول إلى ذلك الشفاء الحقيقي والدائم لا بد من أمرين :
1- معرفة أسباب المرض على جميع المستويات، البدنية والعاطفية والروحية.
2- وجود رغبة للاستسلام للحكمة العميقة في دواخلنا وإجراء كل بديل إيجابي يبدو أنه قد يساعد.
وبدون هذه النظرة الشاملة ليس هناك ضمان بأن يتحقق الشفاء الكامل والدائم في الكثير من الحالات. فحتى العلاجات الطبيعية كالأعشاب والأنظمة الغذائية الصحيحة قد لا تكون فعالة إذا لم يصاحبها مزاج جيد للشفاء. وهذا المزاج الصحيح يأتي عندما نختار أخيرا أن ننظر إلى مشاكلنا من منظار أكبر، أي إنها عملية إعادة تكيف وتعديل أو إنها دروس قيمة يجب أن نتعلمها.
من الضروري أن ندرك أن هناك جانب إيجابي في كل مرض. فالمرض يخبرنا عن مقاومتنا وعن عدم التوازن الموجود ويمثل البؤرة التي ننطلق منها لمعرفة كل الطاقات السلبية التي زرعت فينا. وفي عملية الشفاء، نتعلم الدروس ويعود الجسم إلى التوازن الكامل. إذا لم نستطع أن نر الجانب الإيجابي في المرض لن يكون باستطاعتنا أن نتخلص من الجانب السلبي.
ويرى أخصائي العلاج بالأعشاب والغذاء "مايكل تييرا" إننا نضع أنفسنا في مواقف تؤدي إلى المرض، وبالتالي إننا نحن الذين نتسبب في أمراضنا لعدة أسباب :
1- لننمو ونتعلم.
2- لنساعد على تربية الحنان والشفقة في أنفسنا وفي الآخرين.
3- لندفع الديون المستحقة.
4- لنوفر سبباً للموت إن وقع.
5- للحصول على الحب والاهتمام.
وأنت ترى إن هذه الأسباب لا تتضمن تلك الأمور التي ذكرناها مسبقا كالنظام الغذائي غير المناسب وغير الصحي، أو الحوادث أو كل الأسباب التي تذكر عادة في كتب العلاجات الطبيعية. فهنا يكون النظام الغذائي غير الصحي والحوادث والإهمال انعكاسات للمرض وليست أسبابا له. فهي، مع الأعراض البدنية التي لا بد وأن تعقبها أعراض للمرض. وبعد حصول الشفاء، بالوسائل الطبيعية بالطبع، يصبح المريض الشافي أقوى مما كان عليه قبل المرض، فهو قد عرف نقاط ضعفه فأبدلها بقوة حقيقية. لذا ترى أن الوسائل العلاجية القديمة، أو القدماء أنفسهم، كانوا يحافظون على المريض بالأعشاب والأغذية والصيام وغير ذلك أثناء قيام الجسم بشفاء نفسه بنفسه داخلياً وبشكل كامل بدنياً وعقلياً وروحياً. فكل محاولة إعطاء دواء يوقف من هذه العملية الطبيعية كانت تعتبر تدخلاً بعملية الشفاء المتولدة ذاتياً في المريض .
لذا فإن أي عملية علاج يجب أن تحسب حساب النمو الروحي للمريض ، فالمرض يمنحنا فرصة لكي نرفع من ضمائرنا . إن عملية الشفاء انعكاس لاستيقاظنا الجديد .
ويذهب الدكتور " ادوارد باخ " الذي سنتكلم عن علاجاته الزهرية في هذا الفصل إلى نفس المعنى فيقول بأن المرض وسيلة تصحيحية ليس إلا ، وهو ليس أمراً قاسياً أو انتقامياً وإنما هو إجراء اتخذته الروح لكي تدلنا على أخطائنا ، وللحيلولة دون ارتكابنا للمزيد منها ، ولمنعنا من أحداث عطب أكثر ، ولجلبنا من جديد إلى طريق النور والحقيقة والذي كان يجب علينا ألا ننحرف عنه .
وهذه المفاهيم مفاهيم إسلامية صرفة خرجت من أفواه أشخاص مؤمنين صلبين في إيمانهم على الرغم من كونهم غير مسلمين . فالنبي (ص ) قال للرجل الذي سبّ الحمى التي يشكو منها ( لا تسبّها فإنها تنقي الذنوب كما تنقي النار خبث الحديد ) ، وعنه (ص ) أيضاً ( حمّى يوم كفارة سنة ) . فالحمّى هنا عقاب على الأعمال أو دفع الديون المستحقة كما يقول ( تييرا )، أو هي محاولة من الروح لتنبيه المريض ومنعه من ارتكاب المزيد من الأعمال الطالحة كما يقول ( باخ ) .
وورد عن النبي الأكرم (ص ) أحاديث أخرى بهذا المعنى منها :
1- (( لا يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه وحتى الشوكة يشاكها إلاّ كفّر الله بها خطاياه )).
2- (( أعجبت للمؤمن من جزعه من السّقم ، ولو يعلم ما له من السقم لأحب أن يكون سقيما حتى يلقى الله)) .
3- (( إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم )) .
4- (( ما من مسلم يصيبه أذى إلا حطّ الله خطاياه كما تحطّ الشجرة ورقها )).
وأنت ترى من هذه الأحاديث الشريفة إن المرض هو تنقية وكفارة فهو يتضمن إذاً جانباً إيجابياً إلى جانب الجانب السلبي وهو الآلام والأعراض الأخرى . كما إن هذه الأحاديث تسلية لقلب المريض إذ يعلم أن هناك فائدة وأي فائدة من وراء هذه المعاناة . فهذه الأحاديث وسيلة علاجية بحد ذاتها ، إضافة إلى كونها تبياناً لفلسفة الألم .
وقبل أن ننتقل إلى الطرق العلاجية نذكر إن الإسلام اعتنى عناية بالغة بالتأثير النفسي على الصحة والمرض . فقد وردت أحاديث شريفة تعلم الناس كيف يتصرفون في حالات كثيرة كالغضب والهم والخجل والفرح ( فقد يقتل الفرح الكثير ) كقول النبي (ص ) : (( إذا وجد أحدكم من ذلك شيئاً - أي الغضب - فإن كان قائماً فليجلس أو جالساً فلينم فإن لم يزل بذلك فليتوضأ بالماء البارد أو يغتسل فإن النار لا يطفيها إلا الماء ))، ويقول جعفر بن محمد الصادق (رض ) (( الغضب مفتاح كل شر )) . وورد في الحسد عن الصادق ( رض ) (( لا يطمع الحسود في راحة القلب )) وعدم وجود راحة القلب داء بحد ذاتها ، ثم هي تقود إلى ما بعدها . كل ذلك لاهتمام الإسلام بهذه الحالات النفسية الدال عليه ما ورد عن النبي (ص ) وأئمة المسلمين كقوله (ص ) (( من كثر غمه سقم بدنه )) وهذا ظاهر المعنى في الأثر السلبي للحالة النفسية السيئة.
الطرق العلاجية
1- التصوير الذهني الخلاّق
أقسـام الدماغ
تتم عملية التصوير الخلاّق في الدماغ ، ففي الدماغ تخلق الصور ، إلاّ إنّه يتوجب علينا أن نتعلم من جديد كيف نقوم بذلك بكفاءة . ويقسم الدماغ ، كما أوضحت الملاحظات الأخيرة ، إلى قسمين يعملان بطريقتين مختلفتين . فعمليات المنطق والتسبيب والرياضيات والقراءة والكتابة واللغات والتحليل تتم في القسم الأيسر ، في حين تتم عمليات التعرف والتناغم والصور البصرية والخلق والتركيب والأحلام والعلامات والعواطف في القسم الأيمن .
فعملية حسابية لإيجاد حاصل جمع رقمين مثلاً تتم في القسم الأيسر ، في حين إن عملية تذكر شكل أحد الشوارع تتم في القسم الأيمن . وإن عمليات التصوير الخلاّق (( Creative Visualization )) التي نبحثها في هذا الفصل تجري في القسم الأيمن من الدماغ . فعند الرسام أو النحات أو الشاعر يكون القسم الأيمن هو المهيمن ، في حين أن القسم الأيسر يكون هو المهيمن عند الفيزيائي أو العالم الرياضي . وهناك حالات يكون فيها القسمان يعملان بتوازن كما في حالة أولئك القدماء الذين كانوا يبرعون بنواحي الفن والرياضيات أو الطبيعيّات في آن واحد والذين يوجد منهم عدد أقل في هذه الأيام بسبب التخصص الشديد .
الاســترخاء
لا تبدأ أي عملية تصوير ذهني خلاق إلا بعد أن تصبح في حالة استرخاء تام . ويمكن الوصول إلى ذلك بطرق مختلفة منها التنويم المغناطيسي الذاتي . وعلى أية حال يجب أن تصبح عيناك مغمضتين ، وتنفسك بطيئاً ومنتظماً ، وعضلاتك مرتخية . ولا يهم أن تكون مستلقياً على سرير أو جالساً على كرسي . وفي حالة الجلوس على الكرسي ليكن ظهرك مستقيماً وقدماك مبسوطتان على الأرض ويداك في وضع مريح .
عملية الاسترخاء
أولاً ، استلق على سرير أو أريكة أو اجلس على كرسي ، ثم أغلق عينيك وابدأ بالتنفس ببطء وانتظام . ثم ابدأ بتكرار الجمل الآتية في قلبك مرة أو مرتين أو ثلاث مرات لكل جملة ، وركز في ذهنك أثناء ذلك على ذلك الجزء من جسمك الذي تشير إليه الجملة . فمثلاً عندما تقول ( ارخ اليد اليسرى ) ركز في ذهنك على اليد اليسرى ، وهكذا لباقي أجزاء الجسم .
( إنّ أقدامي مسترخية تماماً ، قدمي اليسرى مسترخية تماماً ، كاحلي الأيسر مسترخ ، وأثناء استرخاء قدمي اليسرى فإني أصبح مسترخياً أكثر فأكثر . والآن ، فإن عضلة الساق تصبح مسترخية تماماً ، مسترخية حقاً. وينتشر الاسترخاء إلى أعلى ساقي الأيسر وفخذي الأيسر . والآن ، فإن ساقي الأيسر كله قد أصبح حقاً مسترخياً تماماً ) . كرّر نفس الشيء ، بعدها ، للساق الأيمن .
( والآن ، ينتشر الاسترخاء إلى أعلى جسمي . أصبح حوضي مسترخيا ًتماماً، وكل عضلات بطني مسترخية ، نعم إنها مسترخية حقاً . أحسّ بالدفء والاسترخاء والراحة ، فكأن هناك شمس في قعر معدتي تشع بالدفء الذي ينتشر في كل جسمي . والآن تسترخي عضلات صدري وتصبح مسترخية جداً جداً . إن كل جسمي يصبح مسترخياً ). ( تسترخي الآن عضلات أكتافي وتصبح مسترخية تماماً ، كما هو حال جميع عضلات جسمي التي ستستمر باسترخائها . والآن تسترخي عضلات ذراعي الأيسر وتصبح مسترخية حقاً . أصبحت الآن يدي اليسرى مسترخية تماماً ، كما هو حال باقي أجزاء جسمي ) .
كرّر نفس الشيء ، بعدها ، للذراع الأيمن واليد اليمنى .
( تسترخي الآن عضلات رقبتي . نعم إنها تصبح مسترخية حقاً . ويذهب كل الشد الموجود في رقبتي وتصبح العضلات مسترخية . نعم ، أصبحت كل العضلات في خلف الرقبة مسترخية تماماً . وتسترخي الآن عضلات وجهي وأذني وما حول عيني . وتسترخي عضلات الحاجبين ، نعم ، كل عضلات وجهي ورأسي تصبح مسترخية جداً ، كما هو حال باقي أنحاء جسمي ) .
وهذا الشكل من الاسترخاء ليس هو الشكل الوحيد ، فهناك عبارات أخرى أو كلمات أخرى يمكن استعمالها . فمثلاً تستطيع استعمال كلمة ( ثقيلة ) بدلاً من كلمة ( مسترخية ) ، كما تستطيع استعمال كلمة ( دافئة ) إضافة إلى هذه أو تلك . وليس هناك إلزام في اتجاه التحرك ، أعني أن تبدأ من القدمين أو من الذراعين ، كما ليس هناك فرق بين أن تبدأ بجهة اليمين أو اليسار.
ولن تستغرق منك العملية كثيراً ، فهي تستغرق أقل مما يبدو من
الشرح في أعلاه . المهم أن تنفذ التعليمات وتركز بشكل تام بعيداً عمّا يمكن أن يشوش ذلك مما يحتم أن تجلس في مكان هادئ بعيداً عن الضوضاء . وبعد أن تصبح مسترخياً تماماً تستطيع البدء بعملية التصوير الذهني التي تمارسها .
التصوير والتخيل
هناك في كل إنسان قابلية على التخيل وخلق الصور في مخيلته ، في ذهنه . ولتنمية هذه القابلية وتطويرها يجب أن نقوم بما يلي : أولاً التدريب على عمل صور ذهنية ، وثانياً تطوير المهارات التخيلية .
1- الصور الذهنية
وتنقسم هذه إلى عدة أقسام هي :
1 - صورية ( Visual ) . أغلق عينيك وتدرب على خلق الصور التالية في عيني ذهنك :
- أرقام مكتوبة على لوحة.
- حروف أو كلمات مكتوبة على لوحة.
- دائرة ملونة .
- مثلث ملون .
- مربع ملون .
- هلال .
- نجمة .
وإذا كانت هناك بعض الصعوبة في خلق هذه الصور ارسمها على ورقة بيضاء كبيرة ، ثم انظر إليها لعدة دقائق ثم حاول تصويرها في ذهنك .
2- صوتية ( Auditory ) . تخيل في ذهنك الأصوات التالية ، وإن وجدت صعوبة في ذلك تخيل مشهداً تكون هذه الأصوات جزءاً منه :
- جرس .
- صوت يناديك باسمك .
- أطفال يلعبون .
- المرور في شارع .
- القطار .
- صفارة الباخرة .
3- حركية ( Kinesthetic ). تخيل أنك تقوم بالحركات التالية :
- المشي .
- الركض .
- السباحة .
- قيادة السيارة .
- قطع الأخشاب .
4- لمسية ( Tactile ) . تخيل إنك تقوم بما يلي :
- المصافحة باليد .
- التربيت على طفل .
- وضع يدك .في الثلج .
- وضع يدك تحت الماء الجاري .
- تحريك أصابعك على صوف ناعم .
5- ذوقية ( Gustatory ) . تخيل أنك تتذوق ما يلي :
- طبقك المفضل .
- برتقالة .
- آيس كريم .
- شراب حار .
- تمرة أو تينة .
6- شميّة ( Olfactory ). تخيل أنك تشم ما يلي :
- عطر .
- نفط .
- خبز خارج توّاً من الفرن .
- خشب .
- نعناع .
- زهرة .
كانت هذه أمثلة ليس إلاّ ، إذ تستطيع أن تتخيل ما شئت . المهم هو أن تتدرب عليها بأن تتصور نفسك في ذلك المشهد وأنت ترى أو تشم أو تتذوق أو تفعل ما أنت تتخيله . ركز تماماً وعد إلى المشهد كلما تشوش تفكيرك .
2- تطوير المهارات التخيلية
وهذا أكثر صعوبة من الأول . والمطلوب هنا أن تصبح طفلاً ! ! فالطفل ، وكلنا كنا أطفالاً يوماً ما ، له قابلية على خلق القصص التي يحب أو التي شاهدها ثم يطلب منه أن يعيدها . وأفضل طريقة هنا هو أن تتدرب على لعب بعض الأدوار . وكأمثلة على ذلك ما يلي :
- عنترة أو هرقل أو شخصية أخرى من تراثك .
- أرنب أو حصان أو أي حيوان.
- طير كالحمامة أو الصقر .
- حاسبة إلكترونية ( كومبيوتر ) .
- ورقة نقدية .
وتمثل هذه وشبيهاتها الأساس للكثير من الروايات والمسرحيات والقصص الأسطورية أو الحقيقية .
التخيـّل والإرادة
ليست الإرادة مكافِئة للتخيل القوي ، فهما إن كانا في صراع فإن التخيل لا بد وأن ينتصر . والقليل يعرف عن التخيل ، وأقل منه عن الإرادة . فالإرادة هي القوة الداخلية التي تعطي التوجيه والغاية فيما نعمل. فهي تمثل الوسيلة التي تجمع كل الطاقات الجسمانية والعواطف والدوافع في علاقة تعاونية وهادفة .
وحسبنا في هذا الفصل أن نذكر إن الإرادة تستطيع أن توجه التخيل في طريق هادف من أجل بلوغ هدف معين. وعندما لا يكون لشخص ما فكرة واضحة عن غاية الإرادة ، فمن الممكن أن تتوجه الإرادة وقابلية التخيل إلى هدفين متضادين . وعندما يحدث ذلك ، يصبح الشخص محكوماً بقدرته التخيلية أكثر من إرادته ، وهذا صحيح بالخصوص في حالة كون التخيل يعمل بصورة سلبية .
الألم ومحاربتـه
ليس ممكناً معالجة جميع الحالات المرضية بواسطة التصوير وما إلى ذلك ، ولكن يمكن أن يساعد التصوير الخلاق والاسترخاء في العلاج . أما إذا كان المرض سببه العقل فيمكن عندئذ توقع إمكانية تحقيق الشفاء بهذه الطرق الذهنية.
ويلعب الاعتقاد بإمكانية حصول الشفاء دوراً هاماً فيه . فإنه من الضروري أن تعتقد بأنك تستطيع معالجة نفسك وتحقيق الشفاء مهما أخبرك الطبيب بعكس ذلك وإذا كنت شاكاً بنجاح الطريقة العلاجية فأمامك طريقين: إما أن تنسى الموضوع وإما أن تجرب ولكن بعقل مفتوح قدر الإمكان . ثم إنه من الضروري أن تحاول أكثر من مرة، فأنت تتعلم شيئاً جديداً وهو ما لا يجوز أن تتوقع أن تتمكن منه في أول محاولة .
إن الألم عارض مشترك في عدة أمراض ، ونحن لا نعرف الكثير عنه . وقد ذكرنا بعض النظريات في ذلك عند الكلام عن المعالجة بالإبر الصينية ولا أريد أن أكرر . ونقول هنا إن الألم قد يكون متسبباً عن حدوث عدم توازن في الإيعازات العصبية من خلال الحبل الشوكي من الدماغ إلى الأجهزة وبالعكس . وبما أننا نستطيع نسيان الألم غير الحاد عندما يتوجه انتباهنا إلى أمر مهم فإن احتمال الألم يعتمد على عوامل نفسية ، في حين أن مستوى الألم يعتمد على عوامل بدنية . ومهما كان الألم شديداً فإننا لا يمكن أن نستطيع الاعتياد عليه كما نستطيع أن نعتاد على الصوت المتكرر مثلاً . وتكلمنا عن المورفينات الطبيعية وهي الأندورفينات وكيف أنها تفرز من الدماغ لتسكين الألم.

تحياتي