عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
كيف تتغلب على ضغوطات العمل ؟
( إن سر النجاح يكمن في أن تستمتع بالعمل ، كما لو كنت في إجازة ) مارك توين ...
تعتبر الضغوطات من الأشياء التي يتعرض لها الفرد بصفة مستمرة ، سواءً أكانت في العمل أو في المنزل أو غير ذلك ، وكثيرًا ما تصيب الأفراد والعاملين داخل الشركات والمؤسسات ، ويكون لها أثر بالغ على كفاءتهم في العمل ، ويكون لها أيضاً آثار نفسية ، وأعراض جسمانية واضحة .
وحتى تتغلب على مثل هذه الضغوطات ، فلابد من الإجابة على السؤال التالي : ما المقصود بضغوطات العمل ؟ إنه السؤال الذي يجيبنا عنه باكس ديكوتاس ، فيقول : ( هي شعور الفرد باختلال في حالته البدنية والنفسية ؛ نتيجة للظروف الموجودة في بيئة العمل ) ، بينما يرى لوثاناس أنها ( استجابة الجسم لمجموعة من المتغيرات البيئية ، والتي يترتب عليها العديد من الانحرافات والآثار السلوكية ، والفسيولوجية ، والنفسية للعاملين في المنظمة ) ، بينما يجملها كل من كوبر ومارشال في أنها ( مجموعة من العوامل البيئية السلبية مثل عبء العمل الزائد ) .
إذا عرف السبب بطل العجب .
وأيًّا كان تعريف الضغوطات ، فلابد أن نعلم بأن أول الطريق نحو السيطرة على ضغوطات العمل ، وتحويلها وقودًا للحماس والاجتهاد ، هو من خلال التعرف على أسباب تلك الضغوطات ، وإليك ـ عزيزي القارئ ـ جملة من أهم تلك الأسباب ، وذلك كما يلي :
1 . غموض الدور :
ويقصد به عدم وضوح متطلبات وأهداف الوظيفة التي يشغلها الفرد ؛ مما يؤدي إلى حدوث نوع من العشوائية في اتخاذ القرارات المرتبطة بهذه الوظيفة ، وتلك العشوائية والتي هي دلالة على سوء الإدارة من أهم أسباب الضغوطات ، وهذا ما يؤكده د . جون هوارد بقوله : ( إن الإدارة السيئة هي السبب الرئيس للتوتر ) ، ومثال لتلك العشوائية : أن يقوم موظف بشغل وظيفة جديدة لا يعرف عنها أي شيء ، أو لم يتلقى التدريب الكافي لأدائها .
وقد يكون غموض الدور نتيجة لعدم معرفة الموظف لفرص النمو والترقي المتاحة له في المستقبل ، خاصة مع تقدم سنه ، وشعوره بأنه في آخر حياته الوظيفية ، وهذا يولد لدي الفرد شعوراً بالإحباط والاستياء من عمله ، وكذلك انخفاضاً في الشعور بالانتماء للمؤسسة .
كما قد ينتج غموض الدور عن عدم وجود قواعد وسياسات عمل واضحة بالمؤسسة للتعامل مع العاملين ، فقد تكون هذه السياسات مقيدة لحرية الأفراد ، ولا تعطي لهم فرصة المشاركة في اتخاذ القرار ، أو إبداء الرأي .
2 . الأعباء الوظيفية :
ومثال ذلك حينما يطلب المدير من أحد موظفيه تقديم عدة تقارير في وقت قليل ، وقد تتولد تلك الأعباء أيضًا حينما لا تتناسب الوظيفة مع خبرة الموظف أو مهارته ، مثل أن يعمل في إدارة التسويق ، بينما تكون موطن مهارته وخبرته في إدارة الإنتاج مثلًا .
وتساهم الأعباء الوظيفية الزائدة بصفة عامة في إصابة الإنسان بأمراض تصلب الشرايين ، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم ، وازدياد معدل ضربات القلب ، وأيضاً ارتفاع ضغط الدم ، وغيرها مما يؤثر على كفاءة الفرد في عمله .
وزيادة تلك الأعباء الوظيفية يولد من دون شك إرهاقًا شديدًا للأفراد ، وهذا الإرهاق مولد للقلق ، ومهدر لطاقة الأفراد ، مما يضعف الإنتاج ، ولذا يصفه ديل كارنيجي فيقول : ( الإرهاق أحد المصانع الكبرى للقلق ) .
3 . عدم المشاركة في اتخاذ القرارات :
فالمشاركة في عملية اتخاذ القرارات تخفف من تأثير الضغوطات على الفرد ؛ فهي تشعره بأهميته ، وتفجر ينبوعًا من الطاقات داخله ، يجعله ينسى كل المشقة التي تصيبه ؛ جراء ما يقوم به من وظائف ، وما يضطلع به من مهام ؛ ولذا فالمدير الفعَّال والناجح هو الذي يستطيع أن يشرك موظفيه في عملية اتخاذ القرارات داخل مؤسسته .
4 . البيئة المحيطة :
وربما يهمل البعض تأثير البيئة المحيطة بالعاملين والموظفين ، ولكن لتلك البيئة تأثير كبير على الكفاءة والأداء ، ونعني بالبيئة عدة أمور من أهمها :
*أ. درجة الحرارة : فقد تؤثر الحرارة على أداء الفرد ، بصفة خاصة عندما يكون العمل خارج المباني ، أو في جو شديد الحرارة أو البرودة .
*ب. الضوضاء : فهي سبب رئيس في فقدان التركيز أو ضعفه ؛ مما يجعل إتمام المهام أشد صعوبة ، وأكثر إهدارًا للوقت والجهد .
*ج. تلوث الهواء : ففي بعض المناطق تكون رحلة الذهاب إلى العمل والعودة منه مصدراً من مصادر الضغوط ؛ بسبب ما يتعرض له الفرد من هواء ملوث بعوادم السيارات ، فمثلًا في المكسيك أصبحت العاصمة مكسيكو سيتي تواجه هذه المشكلة الخطيرة ، بل وتعتبر من المشكلات الكبيرة التي تعاني منها هذه المدينة ، وتؤثر تأثيرًا مباشرًا على العاملين بها .
دراسة واقعية :
وقد تم عمل دراسة للعلاقة بين ضغوط العمل والأداء داخل المؤسسات ، وتم تطبيقها علي جهة ما ، وتوصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج هامة ، وهي أن من العوامل التي تسبب ضغوط العمل للموظفين ، الضوضاء ، وقلة الإضاءة ، إضافة إلى كثرة الأعمال التي يقوم بها الأفراد ، وأوضحت هذه الدراسة أن 80 % من الموظفين يتعرضون لضغوط العمل ؛ وبالتالي هم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الناتجة عن هذه الضغوط ، وعلى الرغم من ذلك نجد أن 65 % من هؤلاء الأفراد لا يتوقعون حدوث أمراض لهم من أداء وظائفهم ، كما أثبتت نتائج الدراسة وجود ارتباط بين ضغوط العمل وأداء الموظف داخل المنظمة ، وانتهي البحث ببعض التوصيات ؛ لتخفيف حدة الضغط علي العامل ، ولتحسين أدائه وتوفير المناخ التنظيمي الصحي داخل المنظمة .
كيف السبيل ؟
ولكن ما هي الطرق التي نستطيع من خلالها السيطرة على تلك الضغوطات ؟ وما هي السبل التي نستطيع أن نجعل بها تلك الضغوطات محركة ودافعًة إلى العمل والإنتاج ؟ وإجابة على تلك الأسئلة ، إليك ـ عزيزي القارئ ـ جملة من تلك الطرق والسبل ، ومن أهمها ما يلي :
1 . زيادة الإهتمام ببيئة العمل المادية وتحسينها ، وذلك بتهيئة المكان المناسب والملائم لطبيعة العمل ، وكذا زيادة الإضاءة في أماكن تواجد الموظفين ، وتنظيم العمل بطريقة تحد من الضوضاء في البيئة المحيطة بالعاملين .
2 . الاهتمام بإيجاد بيئة عمل جيدة ، تقوم علي أساس الاحترام والتقدير المتبادل بين أفراد المؤسسة ، ووضوح العلاقة بين الرئيس ومرؤوسيه ، والتركيز علي العلاقات الإنسانية ، ومشاعر الدفء بين جميع العاملين .
3 . إعطاء سلطة وحرية أكثر للعاملين لتحمل المسئولية دون خوف من الأخطاء .
4 . التركيز علي العلاقات الإنسانية بين الأفراد داخل المؤسسة ؛ للتخفيف من الصراعات التي يمكن أن تنشأ بينهم ، وذلك من خلال الاهتمام بالأنشطة الاجتماعية ، والدورات الترفيهية ، والرحلات الهادفة ، للابتعاد عن أجواء العمل المشحونة بالضغوطات ، وأيضًا من أجل رفع الروح المعنوية للموظفين ، وزيادة قدرة الفرد علي الأداء والعمل بجدية ونشاط .
5 . زيادة الاهتمام بالدراسات الميدانية المتعلقة بظاهرة ضغوطات العمل ، والتعرف على أهم مسبباتها ، والعمل علي علاجها ؛ للمحافظة علي صحة الموظف ، ورفع أدائه داخل المنظمة .
6 . تحديد الرؤية المستقبلية للوظيفة التي يشغلها الموظف ، وتحديد فرص الترقية ، ووضع الضوابط مع مراعاة العدالة ؛ لتحفيز الأفراد لرفع أدائهم .
وختاماً ، لابد وأن نعلم أن ضغوطات العمل تحمل بين ثناياها فرصاً للنجاح ، ومضمارًا للتحدي ، ولكن ذلك يتوقف على كيفية التعامل معها ، وإدراك ماهيتها ، فكما قالوا قديمًا : ( الشدائد تصنع الرجال ) .
المفضلات