ذهبت لتشترى مع أبنائها ملابس العيد، ولكن لم يعجبها ذوقهم، فقررت أن تختار هى لهم، هكذا حكت لى إحدى صديقاتى.. وحكت لى صديقة أخرى أن أباها لم يكن يعطيها مصروفاً، وكان يشترى هو لها ما تريد أو يعطيها نقوداً عندما تريد، وبذلك كبرت وهى مفتقدة القدرة على إدارة أمورها المالية بالطريقة السليمة.. هذه فقط بعض الأمثلة التى نحرم بها أبنائنا من استقلاليتهم ونربى فيهم الاعتمادية.

فكيف تتجنبين هذه الأخطاء وتربين أبنائك على الاعتماد على النفس، وما هى مساحة الحرية التى يمكنك أن تعطيها لهم؟

قبل الإجابة على هذا السؤال، تعالى أولاً نتعرف على بعض علامات الطفل الاعتمادى والطفل المعتمد على نفسه:

علامات الطفل الاعتمادى:

يعتمد على الآخرين فى التحفيز.
مشاعره تتوقف على المحيطين به ويتأثر بهم بسرعة وبشكل كبير.
غير قادر على اتخاذ القرارت بنفسه ويعتمد على الآخرين فى ذلك.
يتأثر بنقد الآخرين بسهولة، وبآراء الأصدقاء، وقد يستجيب لضغوطهم حتى فى الخطأ.
العناد حيث يشعر الطفل بضعفه، فيحاول أن يثبت غير ذلك من خلال العناد.
افتقاد الحماس لما يقوم به.

علامات الطفل المستقل المعتمد على نفسه:

محفز ذاتياً لأن لديه أسبابه الخاصة للإنجاز، وكان لهم الحرية فى اختيار الأنشطة التى يقوم بها.
قادر على اتخاذ قراراته، ولديه مرونة فكرية وقدرة على المناقشة.
لا يتأثر بآراء الآخرين بسهولة، ولديه ثقة بنفسه.
أكثر قدرة على التمسك بمبادئه.

كيف تربين طفلك على تحمل المسئولية والاعتماد على نفسه؟

اسمحى له باختيار ملابسه وألعابه واتخاذ القرارات التى تخصه وبما يتناسب مع سنه طبعاً، يمكنك مساعدته على الاختيار بأن تعطيه بعض الإرشادات أو توضحى له عيوب ومزايا كل بديل، ثم تتركين له حرية اتخاذ القرار فى النهاية.

اسمحى له بالتجربة والخطأ: إحدى طرق التعلم تسمى «التعلم بالتجربة والخطأ»، وهكذا هى الحياة نفعل ونجرب فنصيب أو نخطئ فنتعلم من تجاربنا وتجارب الآخرين، طبعاً هناك حدود للخطأ الذى يمكن أن نترك أبنائنا يقعون فيه، وهو الذى لا يكون بحق الآخرين أو لا يسبب لهم أذى نفسياً أو جسدياً بالغاً، أما الأضرار البسيطة فلا ضير من تركه يتعرض لها حتى يتعلم، فتشويه نفسه أو تعريض حياته أو نفسه للخطر لا يتساوى بالطبع مع رسوب فى اختبار أو فوات موعد رحلة.. إلخ.

أعطيه مصروفاً واتركى له مساحة من الحرية فى إنفاقه كيف يشاء، يمكنك مساعدته فى ترتيب أولوياته وتشجيعه على الادخار، خاصة إذا كان يريد شراء شىء معين، يمكن كذلك الاتفاق معه على بعض القواعد المتعلقة بإنفاق المصروف كعدم شراء الحلوى إلى يوم فى الأسبوع.. إلخ.

يجب أن يكون هناك تبعات يتحملها عند عدم الوفاء بمسئولياته، حتى يتعلم أن الحرية يقابلها مسئولية، وذلك بحرمانه بشىء مهم بالنسبة له مع إمكانية استرداد هذا الشىء عند التصرف شكل جيد.

الوضوح فى مسئوليات كل فرد من أفراد الأسرة واحترام الجميع لمسئولياتهم أمر مهم جداً، فالشخص القادر على تحمل المسئوليات والالتزام بها شخص يُعتَمَد عليه وقادر على الاعتماد على نفسه، وبالطبع يجب أن يكون الأبوان قدوة فى ذلك.

احرصى على مشاركته فى القرارات الأسرية، بتشجيعه على التعبير عن رأيه والاستماع إليه ومناقشته فيها، فعندما تستمعين إليه سيستمع إليكِ، وتذكرى أن الشريك فى القرار شريك فى المسئولية.

اعطى أبنائك الحب والاحترام بكل السبل الممكنة، واظهرى لهم ثقتك فى قدراتهم، فصورة الطفل أمام نفسه تتأثر بشكل كبير جداً بنظرة أمه له، فلو رأته أمه ناجحاً لرأى نفسه ناجحاً، ولو رآه العالم كله غير ذلك، ولو رأته أمه فاشلاً لاعتبر نفسه كذلك، ولو رآه العالم كله ناجحاً.

ومثال على ذلك مخترع المصباح الكهربائى أديسون كان أستاذه فى المدرسة يعتبره فاشلاَ، وتم فصله من المدرسة بعد 3 أشهر فقط من المدرسة، ولكن أمه تولت تعليمه، ويقول عنها أديسون فى وقت لاحق: «والدتي هي من صنعتني، لقد كانت واثقة بي، حينها شعرت بأن لحياتي هدف، وشخص لا يمكنني خذلانه».

وأنتِ أيضاً يمكنك أن تكونى لأبنائك مثل أم أديسون.. أليس كذلك؟