تستمد NLP بشكلها الحالي أصولها من البدايات التي ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية في أوائل السبعينيات من القرن العشرين ، وذلك على الرغم من أغلب أسسها بنيت على مفاهيم و اجتهادات تعود إلى فترات أقدم كثيراً من هذه الفترة . حيث تركزت إسهامات المؤسسين للبرمجة اللُغوية العصبية كميدان علمي مستقل بذاته في اتجاهين : الأول تجميع و تصنيف المفاهيم التي كانت قائمة فيما مضى و التوسع فيها و وضعها في إطار يمثل أداة عملية نافعة ، و الثاني ، تطوير فكرة إعداد النماذج و ذلك لمطابقة الأداء المتميز [1].

ترجع تسمية " البرمجة اللُغوية العصبية " إلى مؤسسيها الأوائل " ريتشارد باندلر " و " جون جريندر " ، غير أن أول من ابتكر مصطلح " اللُغوية العصبية " هو ألفريد كورزبيسكي[2] " في كتابه " العلم و صحة العقل " 1933 م و تشير " العصبية " إلى العقل و كيف يعمل ، أما " اللُغوية " فتشير إلى أساليب التعبير و التواصل و نقل الخبرات التي يستخدمها الأفراد ، أما " البرمجة " فإنها تعني حقيقة أن الناس يتصرفون طبقاً لـ " برامج " شخصية تتحكم في طرق تعاملهم مع شئون الحياة . لذا ، فإن NLP تشتمل على الطرق التي يفكر و يتصرف بها الناس و يعملون خلال حياتهم اليومية .

منذ بداية السبعينات من القرن العشرين ، تواجدت NLP كعلم محدد قائم بذاته في الولايات المتحدة . حيث كان هناك كثير من المؤثرات التي أحاطت بتطورها يعود تاريخها إلى عدة عقود ( و منها ما يتصل بالأبحاث التي أجريت من قِبل القوات الجوية الأمريكية و المخابرات المركزية حول اللغة ، و وضع النماذج ، ودراسة حركة العين ودلالاتها .. إلخ ) ، بل أن هناك بعض الأفكار تعود أصولها إلى قرون عديدة مضت .

و في أواخر الخمسينات ، اجتمع بعض العلماء و الباحثون في مدينة " بالوالتو " بولاية كاليفورنيا ، وكونوا ما أطلق عليه بعد ذلك" مشروع أبحاث التواصل " . وقاموا تحت قيادة " جريجوري باتسيون[3] " بدراسة و سائل التواصل، و العلاج النفسي ، و العلاج السريع ، و سلوك الحيوانات ، بعد ذلك تم إنشاء جماعة أخرى داخل "معهد الأبحاث العقلية " ، و التي كان من أشهر أعضائها " بول فاتزلافيك[4] " و الراحل " ديفيد ويكلاند " ، وقد أطلق على هذه المجوعة اسم " جماعة بالوالتو " . درست هذه الجماعة المناهج و التقنيات التي كان الممارسون آنذاك يستخدمونها ، ومنهم " فريتز بيرلز [5] " و " فيرجينيا ساتير[6] " و " ميلتون إريكسون[7] " و " هكسلي " ، و بحثوا خلال هذه الدراسة كل أعمال وأقوال هؤلاء العلماء مما أحدث أثراً على الآخرين ، بعبارة أخرى درسوا عملياتهم ومحتواها من حيث وسائل التواصل و الأنشطة الأخرى . و قد قادت هذه الدراسة إلى بحوث أخرى في جامعة " ستانفورد " وكان لها تأثيرات كبيرة على كل الرواد الأوائل في هذا المجال .

و قد كان مركز نشاط البرمجة اللغوية العصبية في بادئ الأمر هو مقر الجامعة بـ " سانتاكروز " في ولاية "كاليفورنيا" ، حيث كان لرئيس الجامعة رؤية تتعلق بإيجاد بيئة علمية تتجمع فيها كل المنهجيات ، والأفكار العملية و النماذج على نحو مبتكر . و كان ذلك دافعاً لإنشاء المعهد الشهير " إيسالين " حيث كانت منطقة "كاليفورنيا" هي المرتع للأفكار و التطورات في هذا المجال و في هذا الجو العلمي الفريد ، اهتمت مجموعة من العلماء بالأفكار الخاصة بتحسين الشخصية ، و الإبداع ، و التواصل . وكان حب الاستطلاع العلمي و المعرفي هو الدافع المحرك لأنشطة هذه المجموعة . وقد تم نشر أعمال عن تاريخ هذه الفترة في عدة كتب منها : " الأيام العصبية : البرمجة اللُغوية العصبية 1972 ـ 1981 " لـ " تيرانس ل . ماكليندون[8] " ، الذي أضاف إلى الموضوع لمحة شخصية رائعة عن تلك الفترة .

توسعت مجموعة " سانتا كروز " بانضمام المؤسسين المشهورين " ريتشارد باندلر " و " جون جريندر " ، حيث عملا على جوانب التطوير و التنمية . عالج " باندلر " شريحة عريضة من الموضوعات من الفيزياء إلى الرياضيات و علم النفس و الفلسفة ، كما أنه كان موسيقياً بارعاً . وقد كان له دور كبير في إحداث عدة تغيرات جذرية في الميادين التي كان يرتادها بعد أن تحرر من قيود المناهج الجامعية القائمة آنذاك . و قد كان من أحد اهتماماته الخاصة علم نفس الكل " الجشتالت " حيث بدأ في عقد ندوات حول كيفية استخدامه في العلاج النفسي .

ارتبط " باندلر " بـ " جون جريندر " الذي كان في ذلك الوقت أستاذاً مساعدًا في علم اللغويات في جامعة "سانتا كروز" حصل " جريندر " على درجة الدكتوراه من جامعة " سان فرانسيسكو " ، و كانت أبحاثه في اللغة تتضمن نظريات " ناعوم كومسكي[9] " اللغوي الأمريكي . عمل " جريندر " مترجماً في الجيش الأمريكي و شارك في عمليات سرية . و قد كانت له خبرة في التعامل مع اللغة من خلال صياغة و إعداد " النماذج " اللغوية . وقد تعلم عدة لغات باتباعه هذه العملية .

و نظراً لأن " باندلر " كان يتمتع بمهارات عالية في استيعاب الأنماط السلوكية للآخرين ( حيث كان يطلق عليه قديماً لقب " الإسفنجة " لقدراته على أن يصبح شخصاً أخر ) ، و لأن " جريندر " كانت له خبرة واسعة في إعداد النماذج ( وكان يطلق عليه لقب " الحرباء " لقدرته على " تغيير لونه بدون أن يتغير هو شخصياً ) ، فقد بداء معاً في تحليل أداء العديد من الشخصيات ، كان من بينهم بعض أبرز المعالجين مثل : " فريتز بيرلز " و"فرجينا ساتير " و " ميلتون إريكسون " . وقد تم الاستعانة بتسجيلات فيديو لـ " بيرلز " الذي كان قد توفى قبل إجراء الدراسة . وقد قيل أن " باندلر " من فرط تركيزه على شخصية " بيرلز " من خلال مشاهدته لشرائط الفيديو لمدة طويلة ، تقمص شخصيته من حيث الشكل ، و الصوت ، و اللكنة الألمانية .

عمل آخرون مع " باندلر " و " جريندر " ليضعوا أساس NLP ، بحيث كان يتم مراجعة و صقل كل تقنية جديدة على أسس متطورة . كما توسعوا في تجربة تقنيات التنويم الإيحائي ، و اللغة ، و حالات الغشية العميقة ، والهذيان الإيجابي و السلبي ، و فقدان الذاكرة ، و التشتت الزمني ، وقد أوضح " تيرانس ماكليندون " في كتابه "الأيام العصيبة" الترابط ما بين NLP و التنويم الإيحائي : " يمكن القول بأن تقنيات NLP تثمل نموذج العقل الواعي لكيفية عمل العقل اللاواعي تحت تأثير التنويم الإيحائي " .

وفي 1975م تم نشر أول كتاب ذكرا فيه اكتشافهما وكان الكتاب مؤلفاً من جزأين :

" البنيان السحري " The Structure of Magic

وقد يكون من الصعب إرجاع الفضل إلى شخص بعينه في اكتشاف تقنية معينة من تقنيات NLP ، حيث أن جهود جماعة " سانتا كروز " بأسرها كانت عادة تتكامل كي تتيح الفرصة لهذه التقنيات للظهور ، و مع استمرار العمل، ظهرت العناصر المختلفة لـ NLP تدريجياً و ما زالت الجهود متواصلة لإضافة كل جديد .


ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ

[1] البرمجة اللغوية العصبية الآن أكثر سهولة ، مرجع سابق ص 12 .


[2] ألفريد كورزيبسكي " يعتبر الأب الروحي لعلم دلالات الألفاظ و تطورها عامة ، و كان له تأثير كبير في تطوير NLP ، وبشكل خاص " نموذج ميتا " . ولد كورزيبسكي في " وارسو " عام 1879م ودرس الهندسة ، و خدم في الحرب العلمية الأولى ، كما انضم لقسم المخابرات العامة بالجيش الثاني الروسي ، ثم التحق بالخدمة العسكرية في الجيش الأمريكي و الجيش الكندي ، واستقر في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1921م . طور " كورزيبسكي " نظريته عن حدود الزمن حوالي عام 1921م و أصدر كتابه الأول "الطبيعة الإنسانية للبشرية " كما أصدر كتابه الشهير " العلم والعقل " عام 1933م . أسس معهد " علم دلالات الألفاظ العام " سنة 1938م كمركز للتدريب على مجال عمله . وكان أحد أهداف هذا المعهد البحث في المجال " اللُغوي العصبي " و تعليمه للآخرين . كان " كورزبيسكي " أول من استخدم هذا المصطلح في كتابه " العلم و العقل " و ظل يحاضر و يكتب حتى وفاته عام 1950م .


[3] جريجورى باتيسون " هو أحد علماء علم الإنسان البريطانيين ، و كانت لكتاباته تأثير عميق على العديد من أبرز مؤيدي NLP . كان والده أحد علماء الوراثة و هو الذي صاغ اسم العلم " علم الوراثة " و قام بتسميته على اسم عالم الوراثة الشهير الروسي " جريجور مندل " . و قد كتب " باتيسون" في العديد من الموضوعات منها ، الاتصالات ، و نظرية النظم السبرانية ، و علم النفس ، والعلاج النفسي ، و علم الإنسان ، و تطور الأحياء ، و علم الوراثة ، . حصل " باتيسون " على " زمالة جامعة " جوجينهايم " عن محاولاته الأولى في تأليف الأفكار الخاصة بالسبرانية مع البيانات الأنثروبولوجية . عمل " باتيسون " في مجال علم الأجناس البشرية منذ 1949م حتى 1962م في مستشفى " المحاربين القدماء " بمدينة " بالوالتو " وكان متوجاً آنذاك من " مارجريت ميد " التي كانت من أشهر العلماء أيضاً في مجال علم الإنسان ، وعملت مع زوجها في عدة مشروعات . امتدت أبحاث " باتيسون " عن الاتصالات إلى عالم الحيوان فيما بعد ، وكان يحتفظ هو وزوجته الثانية " لويس " بدراسة الأخطبوطات في غرفة المعيشة ! تولى " باتيسون " إدارة معمل الدرافيل في جزر " فيرجين " حيث واصل دراساته عن التواصل بين الحيوانات لمدة عام . انتقل " باتسيون " عام 1963م إلى معهد " المحيطات " في " هاواي " ليدرس المشاكل المتعلقة بالتواصل بين الإنسان و الحيوان . وخلال هذه الفترة ، قام بتأليف معظم أجزاء كتابه " خطوات إلى بيئة العقل " عام 1972م . تولى " باتيسون " قيادة جماعة " بالوالتو" و حاضر في جامعة سانتا كروز في الوقت الذي كل من " باندلر " و " جريندر " يطوران NLP وقد قام بتعريفهما بـ " ميلتون إريكسون " حيث كان منزله مجاوراً لمنزل " باندلر " كان " باتسيون " يعتبر أن الأفكار ليست مفاهيم مجردة ، و إنما تشكل الأساس للطريقة التي يحيا بها الناس ، فقد قال إن الناس يجب أن يفكروا و يتصرفوا طبقاً لنظام معين ، وذلك من خلال السماح للوعي و اللاواعي بتشكيل قراراتهما ، و تطوير نوع من الإنسجام بين أجزاء العقل . و يقول " مارك إنجل " في التمهيد الوارد بكتاب " باتيسون " إن الفكرة الرئيسية في هذا الكتاب هي أننا نختلق العالم الذي ندركه ، ليس لأنه لا يوجد حقيقة خارج رءوسنا .. ولكن لأننا نختار و نصوغ الحقيقة التي نراها متطابقة مع معتقداتنا عن نوعية العالم الذي نعيش فيه .. و لكي يغير الإنسان معتقداته الأساسية المدركة .. عليه أولاً أن ينتبه إلى أن الحقيقة ليست بالضرورة أن تكون تلك التي يعتقدها " ( البرمجة اللُغوية العصبية الآن أكثر سهولة ، مرجع سابق ، ص 45 ) .


[4] بول فاتزلافيك " نمساوي المولد ، عمل كمساعد باحث في " معهد الأبحاث العقلية " في " بالوالتو " ابتداء من عام 1960م ، ثم أستاذاً مساعداً في قسم " العلوم السلوكية و الطب النفسي " في المركز الطبي لجامعة " ستانفورد " بعد ذلك عمل كأستاذ في العلاج النفسي في جامعة " السلفادور " بأمريكا الوسطى . تضمن كتابه " التغيير " كثير من أفكاره التي أفادت في تطور NLP .


[5] فريتز بيرلز " كان بيرلز من أشهر النماذج التي أسهمت في تطوير NLP و يرجع له الفضل في تأسيس " العلاج الجشتالتي " ، على الرغم من أن هناك ثلاثة أخرون منهم زوجته استركوا معه في إصدار أول كتاب عن هذا الموضوع . و ترجع أصول علم النفس الجشتالتي إلى عام 1912م ، ولكن " بيرلز " حوله إلى أداة علاجيه . وكلمة " جشتالت " تشير إلى نموذج الأجزاء التي تكون الكل ، كما يشير علم النفس الجشتالي إلى أن دراسة الأجزاء وحدها ليست كافية لإدراك الموضوع بأكمله فلابد أن يوضع الكل في الحسبان . ولد " بيرلز " في بيرلين عام 1893م و حصل على درجة الماجستير في العلاج النفسي . كان " بيرلز " في البداية متأثراً بـ " فرويد " و لكنه بعد ذلك رفض حركة التحليل النفسي على اعتبار أن الحاضر أكثر أهمية من الماضي . شجع " بيرلز " مرضاه على استكشاف استجاباتهم الانفعالية خلال تجربة أطلق عليها " المقاعد الساخنة " حيث يستطيع الشخص أن يتبادل الأدوار بالتحرك من مقعد إلى آخر حيث يمثل أدواراً مختلفة . هاجر " بيرلز " إلى الولايات المتحدة في عام 1946م ، حيث أسس " معهد العلاج الجشتالتي " عام 1952 ، ثم انتقل إلى كاليفورنيا عام 1959م حيث عمل في معهد " إيسالين " ، وقد ظل هناك حتى عام 1969م ، انتقل إلى كندا ، حيث أسس معهد " كولومبيا البريطاني للجشتالت " ، وقد توفي عام 1970 بعد إنشائه للمعهد بستة أشهر . ( البرمجة اللُغوية العصبية الآن أكثر سهولة ، مرجع سابق ، ص 50 )


[6] فيرجينيا ساتير " تعد " ساتير " من أشهر الرواد الأوائل الذين أسهموا في تطوير NLP ، حيث كانت أعمالها بمثابة نماذج لتحليل و تطوير العديد من مبادئ و عمليات هذه التقنية . اهتمت " ساتير " بالعمل الجماعي ، وخاصة النظم العائلية و العلاج الأسري المسترك و قامت بتدريس هذا الموضع في معهد الأبحاث العقلية في " بالوالتو " ، وذلك في البرنامج التدريبي الأول في أمريكا على هذا الموضوع . من إحدى أفكارها " أطراف الأجزاء " ، حيث تصف بهذا المصطلح كيف يتصرف الناس انطلاقاً من الوجوه المختلفة للشخصية . و من النماذج التي اقترنت بها تحليلها لخمسة عناصر للشخصية و هو ما أصبح يطلق عليه " تصنيف ساتير " الذي يتضمن الأنماط التالية : " اللوام " ، " المصلح " ، "المشتت " ، " الحاسوب " ، " محدد المستويات " و لكل من هذه الأنماط صفات في التواصل و المزاج العام تعرف من خلالها . وقد ناقشت تفصيلات هذه الأنماط في كتابها المنشور عام 1972م بعنوان " صناعة البشر " . كانت " ساتير " شخصية مبدعة ، حيث استخدمت في عملها الألعاب ، و التمرينات ، و الإرسال الصوتي والتليفزيوني ، و المرايا ذات الاتجاه الواحد ، والعروض ، وهي طرق كانت في ذلك الوقت تعتبر من التقنيات الحديثة ، كانت " ساتير " أو مديرة للتدريب في معهد " إيسالين " و يقال انها أصيبت بالصممفي سن العاشرة ، و هذا ما دفع بها لتطوير مهاراتها في الملاحظة إلى درجة غير عادية مثلها في ذلك مثل " إريكسون " ، وقد وصفها " فريتز بيرلز " بقوله " من أكثر الشخصيات ثراءً في الفكر و الإبداع " . توفيت " ساتير " في عام 1988م . ( البرمجة اللُغوية العصبية الآن أكثر سهولة ، مرجع سابق ، ص 49 )


[7] ميلتون إريكسون " كان الضلع الثالث في ثالوث نماذج ألأدوار لـ NLP ، وقد ولد عام 1901 في ولاية نيفادا . كان أبوه من الرواد الذين كانوا يسافرون في عربات تجرها الخيول . كان " إريكسون " يعاني من عمى الألوان حيث لم يكن يميز سوى اللون الأرجواني ، وكان يعاني أيضاً من مشكلة عدم تمييز الأصوات ، و صعوبة في القراءة ، وعدم انتظام في النبض ، بالإضافة إلى مشكلة في القلب . لم يتعلم الكلام حتى بلغ الرابعة ، و نظراً لصعوبات التنفس و السمع التي كان يعاني منها ، فقد كان له نمط صوتي غير طبيعي ، و قد أصيب بنوبتين من شلل الأطفال في السابعة عشر و في الحادية و الخمسين من عمره ، و على الرغم من أنه تعافى منه في المرة الأولى ، فأن أثر المرة الثانية كان شديداً ، حيث أصيب بالشلل في ساقية وذراعه الأيمن بالكامل ، و جزء من ذراعه الأيسر ، ثم أثر في حجابه الحاجز وفمه . لقد كان دائم المعاناة و كان يعالج الآمه بتمرينات التنويم الإيحائي . يعد " إريكسون " عالماً نفسياً في المقام الأول ثم طبيباً . وقد درس في جامعة " ويسكونسين " في الفترة من عام 1921 ـ 1924م تحت إشراف البروفيسور " كلارك ل . هل " ، والذيكان علامة بارزة في التنويم الإيحائي العلاجي و كان محل جدل مستمر داخل الجامعة ، حيث استخدم تلاميذه في أبحاثه في هذا المجال . اختير " إريكسون " من قبل " هل " ليرأس مجموعة بحثية لدراسة تأثيرات التنويم الإيحائي ، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحتك فيها بهذا الموضوع . حصل " إريكسون " على درجة الماجستير عام 1928م و أصبح كبير الأطباء النفسيين في مستشفى " وركستر " في ولاية " ماساشوسيتس " ثم أصبح مديراً للأبحاث النفسية والتدريب النفسي في مستشفى و مصحة " إلوايس " بولاية " ميتشجان " ، وظل هناك حتى عام 1948م انتقل إلى " فونيكس " بولاية " أريزونا " لأسباب صحية و أسس عيادته الخاصة حيث حقق نجاحاً كبيراً في العلاج بالتنويم الإيحائي ، بعد ذلك أنشأ ورأس " الجمعية الأمريكية للعلاج بالتنويم الإيحائي " و تولى رئاسة تحرير المجلة الأمريكية للتنويم الإيحائي العلاجي ، وفي أواخر حياته ، ذاعت شهرته ، و تم تقدير أعماله في مجال التنويم الإيحائي و هوفي السبعين من عمره بعد أن ظل مداناً طوال عمره من المجتمع الطبي ، بل إنه هدد بالفصل من عمله إذا تلفظ بمصطلح التنويم الإيحائي وذلك خلال عمله كطبيب تحت التمرين في مستشفى " كلورادو " . انفصل "إريكسون" عن زوجته الأولى ثم تزوج مرة أخرى ، و كان له ثمانية أبناء . وعند النظر إليه كإحد عينات البحث لدى " جريندر " و " باندلر " نجد أنهما قد درسا كل التفصيلات المتعلقة بلغته و سلوكه ، بحيث توصلا في النهاية إلى ما يعرف الآن بـ " نموذج ميلتون " . استفاد " إريكسون " استفادة خاصة من نماذج اللغة غير المباشرة و طرق تحقيق التقارب في علاجه لمرضاه ، و هو ما أصبح يعرف اليوم باسم " التنويم الإيحائي الإريكسوني " ( على الرغم أنه في بداياته كان يتعامل بالأسلوب القديم في التنويم المغناطيسي ، ولم يطور منهجه في هذا المجال إلا أثناء الخمسنيات ) . وقد توفي في مارس 1980 . ( البرمجة اللُغوية العصبية الآن أكثر سهوله ، مرجع سابق ص : 51 )


[8] تيرانس ما كليندون " كان طالباً بجامعة " سانتا كروز " في الوقت الذي شهد نشاطاً لـ " باندلر" و " جريندر " في البدايات الأول لـ NLP . حصل على درجة الماجستير في علم النفس و استشاري في هذا المجال . قام " ماكليندون " بتأليف كتاب " الأيام العصيبة " الذي أورد به وصفاً شخصياً ممتازاً لظهور NLP في كاليفورنيا ، كما طور دارسة لتقييم الشخصية ، انتقل " ما كليندون " إلى استراليا عام 1970م حيث أنشاء " المعهد الاسترالي للبرمجة اللُغوية العصبية " .


[9] ناعوم كومسكي ، " هو عالم لغويات بنى أعماله على أفكار " كورزيبسكي " ، وكان له فضل كبير في تطوير NLP . وهو يعتبر الآن أحد أبرز الشخصيات الثورية الهامة في دنيا السياسة بالولايات المتحدة الأمريكية ، حيث كافح ضد الحرب في فيتنام . عمل " كومسكي " في علم دلالات الألفاظ العام في مجموعة من الصحف ، ثم جمعت أعماله في إصدار واحد عام 1957م بعنوان " بناء الجمل " . وقد وضع هذا العمل الأساس بما يتضمنه من الأفكار المتعلقة بالبنية العميقة و السطحية للجمل ، و هي من أهم جوانب NLP ، و يعتبر كتابه الذي صدر عام 1965م " جوانب النظرية و بناء الجملة " ، أسهل بالنسبة للقارئ العادي من الكتاب الأول . ( البرمجة اللغوية العصبية الآن أكثر سهولة ، مرجع سابق ، ص 45 )