يصاب كثير من الناس بالرعب من مجرد الفكرة...


فكرة أن يقف أمام ألف شخص ويبدأ في الحديث عن تجربته الشخصية أو كلمة أدبية أو عن النظرية النسبية أو أي موضوع.


ثمة من يصاب بجفاف حلق ورعشة، وتصطك أسنانه، وهناك من يشعر بإغماءة وآخر يتمنى أن تختطفه طائرة هيلوكوبتر يستقلها رامبو لينقذه من هذا الموقف. وهناك من يشعر شعورا جارفا بالذهاب إلى الحمام، سواء لأغراض قصيرة أو طويلة الأجل.


على كل، فإن كل أولئك أناس طبيعيون!


يقول خبراء الاتصال الإنساني، أن من لا يشعر بجفاف حلق وتساقط حبات العرق من الجبين حين يتحدث لأول مرة أمام الأخرين، فهو إنسان غير طبيعي!


إذن كيف نتحدث أمام الجمهور بلا خجل؟


الأمر كله يدور حول التوتر. كل المشكلة منشأها التوتر. هناك قواعد ثابتة تفيد أي شخص يريد أن يتحدث أمام جمع غفير من الناس. وهذه القواعد كما يلي:




التوكل على الله



يجب أن يتوكل الإنسان على الله وأن يبدأ حديثه بالتعوذ والبسملة ليزول عنه التوتر.


أعط نفسك مزيدا من الوقت




التوتر النفسي يأخذ شكل المنحنى. يبدأ قبل إلقاء الكلمة، ويتزايد إلى أن يصل ذروته لحظة البدء، ثم يتلاشى بعد دقيقتين تقريبا في الأوضاع الطبيعية وبدون بذل جهد. لذلك من المهم جدا أن يتعلم الإنسان كيف يتحكم في مشاعره قبل وأثناء إلقاء الكلمة. النصائح التالية ستفيد في تخفيف ذلك التوتر.


حسن الظن بالجمهور



الجمهور لا يريد الفشل. الجمهور الذي جاء من مكان بعيد وتجشم العناء وربما دفع رسوم حضور الحفل أو الفعالية، لم يأت وهو يدعو لك بالفشل والويل والثبور! بل على العكس جاء وهو يدعو أن تكون الحفلة أو الكلمة مكللة بالنجاح. لذلك لا تخف من الجمهور ولا تعتقد أن النظرات المصوبة نحوك تتصيد لك الأخطاء، بل على العكس تتمنى لك النجاح تنذكر... الشعب يريد إنجاح الخطيب


التحضير الجيد



يجب أن يكون المتحدث قد أعدّ نفسه جيدا. التحضير الجيد يزيل نسبة كبيرة من التوتر. معظم الذي يفشلون في الحديث أمام الناس يفشلون عادة في التحضير الجيد قبل ذلك. التحضير يشمل كتابة الكلمة على ورقة وترديدها عدة مرات وطلب النصيحة من الأصدقاء. إذا لم يحضر الإنسان جيدا، فإنه قد حكم على نفسه وعلى جمهوره بالفشل. فحتى لو كان المتحدث ماهرا لا يشق له غبار ولم يحضر، فإن محتوى الحديث لن يفيد الجمهور. الممثل الجيد لا يفيد إذا لم يكن هناك نص للفيلم!


لذلك من المهم إعداد الكلمة المراد إلقاؤها إعدادا جيدا بغرض التخلص من الأخطاء الإملائية وتعديل الفقرات والنصوص بما يتناسب والحديث أمام الجمهور. إن فحوى الحديث أمام الجمهور يختلف كثيرا عن محتوى مقال علمي رصين أو كتاب أدبي.


التمرين المستمر



مرن نفسك جيدا. اقرأ الكلمة عدة مرات. ثم جرب نفسك أمام المرآة. ثم انتقل إلى مرحلة أكثر تطورا بحيث تصور نفسك بكاميرا الفيديو وإعادة الشريط بعد انتهائك لكي ترى نفسك وأداءك. ستصاب بالصدمة والرعب حتما... واحتمال إصابتك بمغص كبير حين ترى نفسك لأول مرة تتحدث. وستجد صوتك مختلفا وشكلك يختلف. لا تقلق. كل هذا طبيعيٌ جدا.
يمكنك أيضا التمرين أمام الأصدقاء والطلب منهم تحديد نقاط الضعف التي يجدونها فيك.


نفس عميق



خذ نفسا عميقا (شهيق) لمدة ثلاث مرات قبل أي نشاط يعمل على زيادة التوتر. خذ النفس العميق من الأنف، احبسه لمدة ثلاث ثوان، ثم أخرجه من الفم (زفير). ستلاحظ أن توترك يقل بنسبة كبيرة. أرجوك لا تفعل ذلك أمام الجمهور! هل علمتم لماذا يقال للإنسان الغاضب (وسع صدرك) ؟ لأن توسيع الصدر حسب فهمي يتطلب تعبئته بالهواء
إذا تمكنت من القدوم مشيا على الأقدام أو المشي قليلا قبل إلقاء الكلمة، فهذا سيخفف التوتر كثيرا.



لا تمسك الورقة



إذا كنت تقف أمام منصة، حاول ألا تمسك الورقة التي تقرأ منها. وضعها أمامك، وانظر إليها بين الفينة والأخرى. مسك الورقة لا يسبب مشكلة، لكن كما قلت في الخمس دقائق الأولى يكون التوتر عاليا وسبب رجغة في اليدين، وتعمل رجفة اليدين على اهتزاز الوراقة بين أصابعك وسوف تلاحظ أنت اهتزازها قطعا وهذا سيزيد من توترك. أضف لذلك أن الجمهور سوف يلاحظ ذلك أيضا لو كان قريبا منك!


بالمناسبة، تم إجاء تجربة على مجموعة من المتحدثين أمام الجمهور الذي كانوا يعانون من رهاب الجمهور الكبير. والتجربة بكل بساطة هي تصويرهم بالفيديو ثم عرض الفيديو بعد فترة على المتحدث. تفاجأ الكثيرون من المتحدثين أنهم لم لاحظوا مظاهر التوتر التي كانوا يشعرون بها ويخشون أن تظهر للجمهور. كل ما عليك أن تتجنب ما يظهر تلك التوترات مثل حمل الورقة أو القلم.


استخدم لغة الجسد



استخدام لغة الجسد يخفف من التوتر النفسي، ويساعد على توصيل الكلمة بشكل أفضل. استخدم يديك ووجهك وعينيك بشكل متناسق. لا تبالغ أرجوك... لا نريدك أن ترقص أمام الجمهور أو تتقافز مثل قرد السيرك! هذا سيجعلك في أسوأ وضعية يمكن تخيلها.


توقف ثم تحدث



في كثير من الأحيان ما يجعل المتحدث يشعر بالخوف والقلق هو حديثه المتواصل بدون شخيق أو زفير. مما يزيد من توتره بشدة. من المفيد أن يقول الإنسان جملة ويتوقف لالتقاط نفس ثم يواصل كي لا يشعر الجمهور أنه يقرأ عليهم صحيفة الصباح! لقد حدثت مع أحد الزملاء قبل سنوات. كان يقرأ خطابه من ورقة بسرعة شديدة كأن وراءه أسد يريد أن يلتهمه. ذكرني بالكارتون الشهير Road Runner.


المواجهة هي الحل



أسهل حل لمواجهة توترات ومشاكل وتنغيص التحدث أمام الجمهور هو أن لا تتحدث! هكذا يصور العقلُ المنهَكُ الأمرَ لصاحبه. لذلك لكي تقهر هذه الأصوات النشاز واجه الأمر بكل بسالة. ستشعر بعد خمس دقائق من الحديث أنك ترغب في التحدث أكثر وأكثر لأن الحاجز تم تهشيمه بفضل الله.

__________________________________________