كلٌ يسعى لهدف:

إن ساعة من التأمل في هذا الكون العظيم بما فيه من آيات بينات ومخلوقات متنوعة، شمس وقمر ونجوم وجبال سماء وسحاب، كل منها خُلِق لهدف واضح يؤديه في إتقان بتدبر الله سبحانه ووفق إرادته، والمخلوقات كذلك كل منها يسعى لهدف واضح، خلق من أجله في هذه الحياة، ويتخلف كثيرًا عن الركب ذلك (الإنسان) -وهو الذي أمده ربه بالعقل- فترى الكثير من بني الإنس يحيون ولا يسعون لتحقيق أهداف واضحة، فيمضي ركب الحياة دون أثر حقيقي يذكر، فأدِر حياتك أيها الإنسان وتناغم مع الكون، فحدد أهدافك وانطلق في تحقيقها وإلا فهو النشاز عن ذلك الكون الفسيح، ونحن نربأ بك أن تكون نشازًا.


قالوا مَرَّ وهذا الأثر:
إئذن لي أن أقص عليك قصة كثير من الناس، حياته تتلخص في: "أنه ولد ثم نشأ في بيت والديه ودخل المدرسة، فلما أنهى دراسته الثانوية قالوا له: مجموعك يدخلك الكلية الفلانية، فدخلها، فلما تخرج فيها؛ قالوا له: إن تقديرك هذا يتيح لك العمل في الوظيفة الفلانية، فتقدم إليها حصل عليها فعلاً، فلما استقر في عمله قالوا له: آن لك اليوم أن تتزوج وهذه فلانة زوجة مناسبة لك، فتزوجها وأنجب منها أولادًا كرر معهم نفس قصته، إلى أن رقد على فراش الموت ومات ثم دفن وبقي أولاده ليعيشوا نفس القصة!


أليست هذه القصة تعبر عن واقع أكثر الناس اليوم؟! وإن المرء ليتساءل: ما الفرق بين صاحب هذه القصة وبين باقي الكائنات الحية من غير بني البشر؟ أليست هذه قصة جميع الأنعام؟ وُلِد، كبر، تزوج، أنجب، مات! إن الفرق الأساسي بين الإنسان وغيره من الكائنات الحية أنه وحده الذي يمتلك القدرة على وضع الأهداف وتحقيقها، فإذا لم يحدد الإنسان هدفه في الحياة فإنه لا يستحق إنسانيته بعد أن أضاع حياته في أكل وشرب ونوم" (صناعة الهدف، هشام مصطفى، صويان بن شايع الهاجري، بتصرف يسير).


لئن كانت هذه هي حياة كثير من الناس اليوم، فينبغي أن تكون أنت شيء مختلف، ينبغي أن يكون لك هدف تحيا من أجله، هدف يضفي على حياتك قيمة ومعنى، هدف عند تحقيقه تترك أثرًا في هذه الحياة ثم ترتحل عنها وتبقى ذكراك فيها بأهدافك النبيلة، ولا يمكنك أن تضع مثل هذه الأهداف إلا إذا كانت لك رسالة محددة..
فحدد رسالتك، وضع أهدافك، وأترك أثرك تحيا إنسانًا كريمًا، ولا تحيا زيادة على الحياة.