◄أن تحدد الأشياء التي تمنعك من أن تتغير إلى الأفضل وتكون الإنسان الذي يريد، هذا في حد ذاته خطوة أولى في طريق التغيير.
والتغيير أمر أساسي في حياة كل منّا، فهو مرادف للتطور والنمو. لكن الغريب أنّه أحياناً تكون موانع التغيير نابعة من داخلك، وهذا هو النوع الأصعب.
إذا كان بعض الناس راضين بحالهم ولا يسعون إلى التغيير والتطور، فإنّ الكثيرين يطمحون إلى تطوير ذواتهم، بل إنّ البعض يطمح إلى بلوغ درجة الكمال، أو على الأقل الوصول إلى أقصى ما يمكن من النجاح والتفوق في المجتمع. هؤلاء الذين يرغبون في التغيير، لم يطلبوا إلا ما هو من حقهم، فالتغيير من سنن الحياة، ولكنه لا يتم دائماً بسهولة، بل إنّه ليس متاحاً للجميع بالنمط نفسه وبالوتيرة نفسها. فأحياناً، نجد أن هناك مقاومة غير معلنة لأي محاولة لتغيير الحال.
إنّ من أهم وسائل إضعاف مقاومتنا الداخلية للتغيير، أن ننجح في تحديد نوعية هذه المقاومة ومكامنها. أوّلاً، يجب أن تطرح على نفسك مجموعة من الأسئلة، من قبيل: ما هي المواقف والأفكار التي تتكرر في حياتك وتشعر فيها بمقاومة شديدة للتغيير؟ من أين يأتيك مثلاً الشعور بأنك دائماً تتأثر بالآخرين ولا أحد ينصت إليك؟ ما الذي تفعله ويجعلك تسهم في تكرار هذا السيناريو؟
تقول المحللة النفسية فاليري بلانكو: "يمكننا مع العمل بجهد على الإجابة عن هذه الأسئلة، أن نتوصل إلى تحديد عناصر برنامج مقاومة التغيير لدينا، ومع ذلك لا نغير فيه شيئاً. وفي المقابل، نقرر أن نتعامل معه بشكل مختلف، لأنّ الهدف هو أن نتغير على الرغم من كل المعوقات"؟ وعدا عن تلك العراقيل غير الواعية التي تمنعنا من التغيير، هناك الكثير من المخاوف وغالباً الواعية، لكنها نادراً ما تكون منطقية، والتي تتضح من خلال كل الأعذار التي نعطيها أنفسنا لكي لا نفعل شيئاً.





"أعرف ما أخسره لكني لا أعرف ما أربحه":







ماذا لو كنت مخطئاً؟
في فترات عدم الاستقرار، يميل الناس إلى أن يكونوا عاديين جدّاً وألا يخرجوا عن النمط السائد. بالنسبة إلى المحللة فاليري بلانكو، فإن هذا الخوف هو خوف من أن تسلك الطريق الخطأ. أما المحللة النفسية ماير أندرسون، فتقول: "نحن نميل إلى تقسيم كل شيء في العالم إلى قسمين، أبيض وأسود، نجاح وفشل، بينما هناك مساحة رمادية وأشياء عبارة عن نصف ناجحة ونصف فاشلة". وتضيف: "إنّ الفشل هو محاولة لم تصل إلى مبتغاها، لكنها تبقى في الغالب محاولة غنية بالدروس والعبر. بينما محاولات أخرى يمكن أن ترسلنا في اتجاهات أقل أهمية". وهنا، علينا أن نعيد النظر في أي فشل سابق. ونسأل أنفسنا، لماذا أثر فينا هذا الفشل لهذه الدرجة؟ هل كانت تلك التجارب مؤلمة للدرجة التي توقعناها مسبقاً؟ ما هو الشيء الإيجابي الذي تعلمناه منها؟







ما هي فكرتي عن نفسي؟
تقول فاليري بلانكو: "يتساءل الناس: أين هو مكاني؟ من أكون بالضبط"؟ وهذا هو السؤال الذي مافتئ الإنسان يطرحه. أما ماري أندرسون، فتقول: "إنّ مثل هذه التساؤلات تبين بوضوح خوف الإنسان من النجاح". وتضيف: "إنّ هذا الخوف أشبه بحرص بعض الأحزاب السياسية على البقاء في المعارضة وعدم سعيها إلى الحصول على السلطة، فالكثير من الناس يفضلون أن لا ينجحوا لأنهم يخشون في حالة النجاح أن يصبحوا في وضعية أسوأ، أو أن تصبح لديهم مسؤوليات كثيرة يتحملونها. علينا إذن أن ننظر إلى ما حققناه بأنفسنا وإلى الجهود التي يمكن أن يكون قد تطلبها منا ذلك، لأن هذا سيعطينا الإحساس بالفخر بإنجازاتنا، وسيعيد لنا المشاعر الإيجابية عن أنفسنا. أيضاً، ينصحك المتخصصون بأن تسافر لكي تشحذ همتك وتحصل على طاقة جديدة من ثقافات جديدة، ربما هي تقدّر روح المبادرة أكثر من ثقافتنا.
أنتظر التغيير:
هناك من لا يتغير، ببساطة لأنّه ينتظر أن يأتيه التغيير من الخارج، ويقول: "أنتظر أن أكون جاهزاً لذلك" أو "أنتظر أن يتحسن الوضع الاقتصادي".. لكن الحقيقة أن كل هذا ما هو إلا تسويف وتهاون. هذا التسويف يخفي وراءه شخصية باحثة عن الكمال. مثل ذلك الذي يقول: إما أن يكون مشروعي كاملاً أو لا يكون بتاتاً". وهذه صفة من صفات الشخصية النرجسية، شخصية من يرى نفسه شخصية عظيمة وفي الوقت نفسه هشة. فبعد مواجهة أقل فشل، أو أقل تعثُّر يمكن أن يصاب باكتئاب.
إذا كان من الضروري بالنسبة إلى مثل هذا الشخص، أن يفكر في مشروع تغيير على المديين المتوسط والطويل، فإن ما يهم مع ذلك هو السير اليومي في المشروع خطوة خطوة في الحياة اليومية. وبدلاً من أن يضع الإنسان أهدافاً غير محسوبة، فمن المهم أن يسطر جدولاً زمنياً يكون التطور فيه تدريجياً وملموساً. طريقة الخطوات الصغيرة، لكن المتتالية هي طريقة تمكننا، ليس فقط من التخلص من الخوف الذي يجعلنا نتردد، وإنما أيضاً تجعل عملنا أكثر فاعلية وتُكسبنا الثقة.►