ثقافة التسامح مع الاخرين شيء جميل ولكن ماذا يفعل من لا يقدر ان يطبق هذه الثقافة مع ذاته أو يسامح نفسه على اخطاء ارتكبها في حياته تعلم كيف تكون متسامح .

تعلم ثقافة التسامح

وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزا

أنعم بك لو حققت في حياتك نصوص الوحي التي تدعونا إلى العفو والتسامح والمصالحة الاجتماعية والتواصل الإنساني والرحمة ببني البشر، فالله يقول: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (134) سورة آل عمران


ويبدأ هذا التسامح بالتسامح مع النفس، فلا نرهقها بحمل الأحقاد والضغائن، ولا نعذبها بالكراهية والعدوانية، بل نغرس فيها شجرة الرحمة والمحبة، ونتسامح مع والدينا وقرابتنا وأهلنا وذوينا، فنصل ما أمر الله بوصله، ونرعاهم بالبر، ونعفو عن زلاتهم، ونتحمل أذيتهم، ونتسامح مع أبناء مجتمعنا، حتى إذا أخطأوا أو أذنبوا أرشدناهم برفق، ونصحناهم بلين معتقدين أننا مثلهم، يقع منا ما يقع منهم، وعلينا أن نرسل للعالم رسالة التسامح وتقديم رسالتنا في حلة

(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْوَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر)[آل عمران: 159].

ولهذا قال بعض الحكماء: "أحسنُ المكارمِ؛ عَفْوُ الْمُقْتَدِرِ وَجُودُ الْمُفْتَقِرِ"، فإذا قدر الإنسان على أن ينتقم من خصمه؛ غفر له وسامحه،(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)[الشورى:43].
جاء عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " مَنْ كَظَمَ غَيْظًا - وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ - دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُؤوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ مَا شَاءَ "
وفي حادثة الطائف المعروفة قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمِ الأَخْشَبَيْنِ! فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا " أخرجه البخاري ومسلم .
ولقد ضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشرات الأمثلة على التسامح والعفو
تصور -عوفيت- لو أن رجلاً قتل أحب الناس إليك وأعزّهم عليك ثم جاء مستسلماً لدعوتك وأنت الداعية ـ هل تنسى ما ذرفت من دم القلب وماء العين عليه وتعفو؟؟
لا أريد إجابتك ولكن أريد أن تعلم أن رسول الله عفا عن قاتل عمه حمزة أسد الله وأسد رسوله لما أسلم
لا يزيد مع كثرة الأذى إلا صبرا .... ومع إسراف الجاهل إلا حلما
هل أتاكم نبأ أهل مكة ؟ فقد جرعوه – صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الصعب والعلقم، أخرجوه من بلده، حاربوه في البلد الذي استقر فيه، آذوه في بدنه ونفسه، قالوا عنه ونالوا منه، قاطعوه في الشعب، وحبسوه، وضعوا الشوك في طريقه، ائتمروا به ليقتلوه، سخروا به كل سخرية، لا يوماً ولا يومين، ولا سنة ولا سنتين، ثم أظفره الله بهم وحكّمه فيهم فأقامهم أمامه حول الكعبة أذلاء لا يملكون لأنفسهم شيئاً .. وجاءت ساعة العقوبة التي يكون فيها الرد على سلسلة طويلة من التعديات والإساءات فها هو يقول لهم ( ما تظنون أني فاعل بكم ؟؟ ) وجاء الحكم مفاجأة فقال ( أقول ما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء )

أسمعتم عن أبي سفيان؟ هذا الرجل الذي جمع الناس لحربه، وقتل أصحابه ومثّل بهم في غزوة أحد، وحزّب الأحزاب يوم الخندق، ودبّر لصدهم عن البيت يوم الحديبية، ومع هذا يعفو عنه يوم الفتح ويلاطفه ويقول ( ويحك أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله ؟ ) فيقول أبو سفيان: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وما أوصلك، لقد ظننت أن لو كان مع الله إلهاً غيره لقد أغنى عنا شيئاً بعد، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فأكرمه النبي صلى الله عليه وسلم فجعل بيته مثابة وأمناً فقال ( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن )
تأملوا بالله عليكم فهذه صورة أخرى عجيبة من تسامحه وصفحه صلى الله عليه وسلم :
ها هو جرثومة الشر ( ابن أبيّ )، فهو سجل حافل بالمخازي، فقد أخفى خلاف ما أبدى، رجع بثلث الجيش يوم أحد، ويدعو: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، وحالف الشيطان في الصد عن سبيل الله متعاوناً مع اليهود مرة ومع المشركين أخرى، فقد كانت كل أفعاله للناس آلام، وظل يشيع قذفاً وسباً في عرض الطاهرة عائشة رضي الله عنها، فكشف الله كيده ومكره وبرأ عائشة الطاهرة المطهرة.. ومضت الأيام ومات بعد أن ملأت رائحة نفاقه كل فج
بالله يا معاشر الإخوة والأخوات ما هو موقفكم من هذا الرجل لو حكّمكم الله في أمره؟؟
وجاء ابنه عبد الله إلى رسول الله يطلب الصفح عن أبيه، فصفح
وطلب أن يكفّن في قميصه فمنح
وأن يصلي عليه فتقدم ليصلي عليه
فتقدم عمر وأخذ بثوبه وهو يقول: أتصلي على إبن أبيّ؟ ويمنع الرسول صلى الله عليه وسلم، ورسول الله يتبسم تأنيساً لعمر وتطييباً لقلبه ويقول أخّر عني يا عمر إني خيرت فاخترت لو أعلم أني زدت على السبعين يغفر له لزدت
له خلق أبى إلا ارتفاعا .... فأضحى كالسماء على السماء .
- مثال
لو سرقكم سارق ماذا ستقولون عنه؟
هذا عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه، ذهب إلى
السوق ليشتري طعاماً يوماً ما، ولما أراد دفع الثمن، وجد الدراهم قد سرقت منه فجاء من حوله يدعون على السارق ويقولون اللهم اقطع يده، لكنه رضي الله عنه قال: ( اللهم إن كان قد حمله على أخذها الحاجة والفقر فبارك له فيها وإن كانت جراءته على الذنب فاجعلها آخر ذنوبه )

كأنما خلقت بالطيب طينته ... فنبته ليس إلا الورد والنفل
أتى رجل من أتباع المعتصم، فسبّ الإمام أحمد أمام الناس، فقال الناس: يا أبا عبد الله! رد على هذا السفيه؟ قال: لا والله فأين القرآن إذاً؟! يقول الله عزّ من قائل: وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً [الفرقان:63]. هذا هو القرآن الذي يمشي على الأرض.
الأحنف رحمه الله خاصمه رجل وعنفه وقال له لإن قلت كلمة واحدة لتسمعن عشراً، فقال له الأحنف: ولإن قلتَ عشراً فلن تسمع مني واحدة
َشَتَمَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ له الشَّعْبِيُّ: "إنْ كُنْتُ كمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لِي وَإِنْ لَمْ أَكُنْ كَمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لَكَ".
وشتم رجل معاوية رضي الله عنه فدعا له وأمر له بجائزة.
أكثرت الأمثلة ولكن من باب: على آثارهم سيروا تكونوا خير ركبان
ليكن ردنا على مخالفينا ومن يتطاولون علينا ( لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}[المائدة:27-28].
وصدق (الشافعي) عندما أنشد:
سامح صديقك إن زلت به قدمُ.... فليس يسلمُ إنسـان من الزللِ
فهل من مقتد بهؤلاء يا رجال ونساء الأمة؟؟ فوالله بمثل هذه الأخلاق ترتفع راية الله في أرض الله فهل نرفع معاً شعار { فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} (85) سورة الحجر