الكتابة موهبة من هذا المنطلق تجنب الكثيرين محاولة الكتابة مطلقا وإذا حاول البعض فإنه لا يستمر
وإذا كان بعض كبار الكتّاب قال بذلك فإن بعضهم الآخر يقول بأن الموهبة في الكتابة لا تمثل إلا جزءاً من عشرة أجزاء وأما التسعة الأجزاء الأخرى فتتمثل في ممارسة الكتابة نفسها


الكتابة عادة تكتسب بالممارسة كما تكتسب أي عادة أخرى فنحن لم نعرف في تاريخ الكتابة الطويل كاتباً قد ولد وهو قادر على الكتابة دون أن يحاولها ويمارسها طويلاً
نحن نستطيع أن نتعود على الكتابة باتخاذها هواية نمارسها في أوقات فراغنا كما نمارس أي هواية أخرى
قد نجد صعوبة في البداية ولكننا حين نستمر، فأننا نتغلب على هذه الصعوبة





ما هي الكتابة ؟


إذا اعتبرنا أن الكتابة "نقل التّفكير بالكلمات من عقل لآخر" فبإمكاننا أن نرى أربعة مهارات رئيسيّة يجب توافرها:
طريقة تفكير مستقلة فبغيرها لن يستمتع أحد بقراءة ما نكتبه
القدرة على تنظيم أفكارنا فبغيرها سيرى القارئ الأشجار ولكنّ لن يرى الثمار فلن يستفيد منها
اختيار أفضل الكلمات المعبرة عما في عقولنا فبغيرها لن يفهم أحد ما نحاول التعبير عنه
خلق مساحة للقرّاء لملئها بخبرتهم الخاصّة فبغيرها ما كتبناه سينسى في الحال


وهذه بعض الاستراتيجيّات البسيطة التي يمكنك استخدامها لتحسين مهاراتك في الكتابة





الثقة بالنفس


تتركز المشكلة عند الكتابة في الثقة بالنفس
نحن لا نثق في أصواتنا المنبعثة من داخلنا، لا نثق في عواطفنا، لا نثق في ملاحظاتنا واستنتاجاتنا
إننا نخاف من ارتكاب ما قد يجلب لنا الاستهزاء
خذ الورقة والقلم، اختر كرسيّك المفضّل وقل لنفسك: "سأكتب الآن شيئاً مهما بالنسبة لي"
امسك بقلمك ودوّن عواطفك وأحاسيسك ومشاعرك
هل تجد نفسك جريئا حينما تصورت أنه بإمكانك أن تكون كاتبا؟
هل أنت قلق لما سيقوله عنك أفراد عائلك لأنك خرجت عن القاعدة؟
هل تخشى من وجود شخص خفي يراقبك وأنت تفعل هذا "العمل الأحمق"؟
هل يوجد في مخيلتك كاتب مشهور أو ناقد أدبي أو حتى أحد المدرسين في مدرستك يقلل من شأن كتابتك؟
إن لم تشعر بأي من هذه الانفعالات المقلقة فأنت في ورطة
الثقة بالنفس هنا تعني أمران هما القلق عما سيقوله الآخرون عنك و مدى قدرتك على انتقاد ذاتك





الكتابة كنشاط عادي


عليك محاولة الكتابة في معظم الأيام إن أمكن ذلك
بداية اكتب لنفسك فقط ليس للنشر، وليس للقراءة بصوت عالي
لا يمكنك أن تتوقع أن تكون قادر على الكتابة الجيدة قبل فترة من التدريب
و لن تكون راغباً بأن يسمعك أحد في هذه الفترة


اكتب شيئا واضحا، فقط لتبدأ به، مثل: أنا أجلس هنا الآن ولا يوجد برأسي أي شيء أكتبه حسناً، ذلك لن يجعل العالم مشتعلاً، ولكن هذا لا يهم. أنت تتحدث الآن لنفسك فقط
بعد ذلك أعطي لنفسك مجالا للاسترخاء لفترة، حتى لو أخذت غفوة قصيرة
عاجلا أو آجلا، ستشدك ذاكرتك لفكرة، أو صورة، أو عاطفة، أو حدث حصل منذ فترة قصيرة
انظر إن كان بإمكانك وضع هذا الأمر في كلمات أم لا
اكتب بسرعة أو ببطء بما يناسبك، ولكن لا تكن قلقا من ناحية الجودة
حاول أن تستمتع بذلك، حاول أن تنطلق، أن تغضب، أن تحزن، لا تقلق على المنطق، اكتب كل ما يدور في رأسك، فأنت غير مراقب
لن يصدم أحد غيرك بما كتبته وإذا صدمت، فقد يكون ذلك لأنك كتبتا شيئا ممتعا
قم بعمل أي شيء بمفردك ربما القيام بالمشي قليلا، ولتكن لديك الثقة بأن عقلك الباطن يعمل الآن
ربما تظهر النتائج غداً وربما بعد غد، ولكن عاجلا أم آجلا ستظهر الكلمات في عقلك، وتريد أن تُكتب





تمارين الكتابة


ملاحظات
قد تضايقك بعض المشاكل التي لا تستطيع إيجاد حل لها لذلك اكتب لنفسك، تجادل مع نفسك، ودع القلق في كلماتك
اترك ما كتبته ثم ارجع له في وقت لاحق. قد لا تجد حل المشكلة –فبض المشاكل لا توجد لها حلول- ولكن ينبغي أن تكون قد أنجزت نوعا من التوضيح
أي أنك قادر على التعبير بالكلمات


صور الكلمة
ارسم صورة ساكنة بالكلمات، وإن أخذتك الكلمات لمكان آخر اترك لها المجال لذلك
ارسم صورة بيت، شجرة، بحيرة، مكان ما بجانب مكان إقامتك
لا تذهب لهذا المكان أولا، وإنما حاول أن ترسمه من خلال ذاكرتك
ارسمه بالأبيض والأسود ومن ثمّ لوّنه . . .
والآن اذهب لزيارة المكان الذي وصفته
أيّهم أكثر صدقا وأيهم أكثر خيالا وشاعرية صورة كلماتك أم الأصل؟


العواطف
اختر حادثا معينا وقم بوصف عواطفك المركبة والمتناقضة التي انتابتك وقتها
حاول أن تفعل ذلك بعد وقوع الحادث بوقت قصير


الأصوات والروائح
حاول تمييز خصائص الصوت والرائحة
دعها تقودك داخل الذاكرة


الحوار
هل تستطيع أن تتذكر ما قالوه وبماذا أجبتهم؟ هل تستطيع تذكر الكلمات التي نكررها، الكلمات التي يساء استخدامها، الكلمات التي توحي بأكثر من معنى؟ هل تستطيع إعادة تشكيل الحوار لإظهار جوهره وإبراز العواطف؟


الخيال
قم بوصف نزهة في سيارة سريعة، أو قم بوصف الطفو على ظهرك في بحر هادئ
تخيّل السفر، التزحلق، الطيران الشراعي، التحليق، الانقضاض والابتلاع، الهبوط
حاول أن يكون اختيارك للكلمات وبناء الجمل مساهم في جعلك تعيش هذا الأمر





النقد الذاتي


إلى هنا تكون قد اكتسبت عادة الكتابة بانتظام
أمسك بيدك القلم والورقة التي كتبت فيها
ستقوم الآن بتصحيح كتابتك الأصلية
بعض الطرق المقترحة لذلك:


التوازن
هل ينقل لك النص مدى أهمية الحدث الموصوف؟ ربما يكون وصفك بسيطا وبحاجة لمزيد من التضخيم ليعطي ثقلا مناسبا للحدث الموصوف
استفد من كل الخبرة التي اكتسبتها من تمارينك على الكتابة وقرر ما إذا كانت الأوصاف الإضافية عمليات عاطفية أم تبديلات ضرورية في الحوار
انتظر إن كنت تستطيع إيصال المشاعر بالحدث بشكل أكثر دقة بتغيير إيقاعه أو بتضمينه معلومات حسّية مختارة بعناية


الإحساس
هل كل الجمل التي تكتبها تولّد أحاسيس لدى القارئ؟ هل يمكن بكل أمانة أن تضع معنا لكل كلمة؟
حاول تبسيط جملك، فلا تستخدم الكلمات للإبهار، استخدمها لتبليغ ما ترمي إليه فقط
كن دقيقا في استخدام اللغة


المزاج
ما نكتبه عبارة عن قوالب كل قالب قد يكون فكرة، صورة، مشهد، أو حديث مع النفس
كل قالب له لونه، عطره، إيقاعه، ومزاجه
انظر لاختيارك للكلمات هل تتفق في المجاز أم تتضارب؟ افحص تشبيهاتك
ففي مشهد للحب الجارف، إن كتبت: إنه يبتسم مثل الهامبرجر، قد يكون هذا التشبيه ضارّا بالموقف


التكرار
قد يميل عقلك لكلمات معينة ويريد مواصلة استخدامها
ابحث عن هذا في مراجعتك لموضوعك
استعن بقاموسك لإيجاد المترادفات المناسبة
تذكّر أن التكرار أفضل من استخدام كلمات غريبة أو غير مستخدمة


القوانين أو القواعد
الكاتب فنان، لذلك عليه أن يدفع نفسه للتأكد من جوانب النحو والإملاء وعلامات الترقيم الغير واثق منها مهما يكن
إذا كان الكاتب واثقا من تشرّبه للقواعد، فيمكنه حين إذن كسرها –إذا كان لديه سبب وجيه لعمل ذلك وإذا كان ما يكتبه ذا أثر جيد عند القراءة


القطع
عندما تبدأ بالكتابة تشعر وكأن كل كلمة في النص ثمينة ولكنها ليست كذلك
هذه بعض الطرق المقترحة لقطع الأجزاء الزائدة من نصك:
• إن كانت فكرة، أو تشبيه أو جملة رائعة، إن لم تكن ذات علاقة بموضوعك تخلص منها
• أبرز نسخة من النص وحاول أن تمسح بعض الفقرات وانظر إذا لم يتطلب الموضوع إرجاع أي من الفقرات الممسوحة فلا ترجعها
• انظر لحوارك، إذا كان هنالك سطر وحيد لا يكشف عن الشخصية أو يقود للقصة استأصله
• أخيرا، عليك تحديد غاية كل جملة وكل كلمة وكل علامة من علامات الترقيم
هذه الخطوة هي الأخيرة وليست الأولى





احترم القراء


المعرفة
هناك نوعين من المعرفة يفضل أن تلمح أو تفصح بهما: معرفة خاصة ومعرفة عامة. المعرفة الخاصة هي تلك الأشياء التي يمكنك أنت والقريبين منك شخصيا أو جغرافيا فقط أن يعرفوها
يجب عليك أن تقرر ما إذا كان لدى قرائك أيضا هذه المعرفة أو أن عليك نسجها في روايتك أما مع المعرفة العامة فلا حاجة لك بالإفصاح عن كل شيء فالتلميح كافي في كثير من الحالات


الفراغ
أشرك قراءك بالسماح لهم بقراءة ما بين السطور
عند الكتابة يجب أن يكون الحديث مقنعا وبطريقة عرض تترك للقارئ مساحة فارغة ليملأها بتفسيراته الشخصية لربط ما تمت كتابته مع حياتهم وخبراتهم ومعرفتهم الخاصة


القراءة بصوت عالٍ
هذا هو وقت قراءة نصك المراجع بصوت عال
هل تتعثّر؟ إذن ربما يوجد خطأ ما في تركيبة جملك
حاول مراجعتها وحاول تبسيطها
الفكرة الجيدة والصورة القوية ستنجو
مهما يكن فهنالك تقدم
هل هنالك كلمات أو عبارات محزنة؟
إن كانت الإجابة نعم إذن عليك تبسيط وتقليم مصطلحاتك
هل قمت بترتيب أفكاري وصوري بشكل متسلسل وواضح؟
إن كانت الإجابة نعم تهانينا
هل يمكنني سماع الموسيقى في نثري؟
إن كانت الإجابة نعم فذلك رائع





مشروع الكتابة


بعد الكثير من التمارين التي ساعدتك على اكتساب المهارة أنت الآن جاهز للعمل
هيا لنبدأ معا:


رسائل للأصدقاء
انفعل مع الخطاب
تحرر من القيود
اكتب بسرعة
احتفظ بنسخ منها


مفكرة
لا تحاول أبدا تسجيل كل شيء
اختر حادثا واحدا فقط حدث اليوم أو في الماضي
ربما تساعدك تلك الأحداث لتأليف قصة مع الوقت


لأجيال المستقبل
جيلين من قصتك . . مأساتك.. سعادتك.. حكمتك.. حماقتك.. شفقتك..
ستصبح شيئا ذا قيمة بالنسبة لعائلتك ومن يقرأها قد يختار منها شيئا يناسب شخصيته


مقالة جريدة
الصحفي الذي يفهم الحقائق بشكل صحيح ولديه فطنة وأسلوب نثري يزين به حديثه بإمكانه أن يجد موضوعات قريبة بالقراء من حوله


المقال
إن كان الهيكل والمنطق والتنامي المثير للأفكار هو ما يهمك فعليك قراءة بعض المقالات ثم جرب واحدا
ابحث عن رفاقك الكتّاب وتناقش معهم


القصة القصيرة
لا تتوقع أن تنشر ولكن التحق بجمعية أدبية أو حاول البدء في واحدة