- هل أنت متفائل؟

الإجابة التقليدية معروفة.. وهي الإجابة لدى الغالبية العظمى من الشباب مع الأسف.

هل تعتقد أن موضوع اليوم سيطلب منك أن تكون متفائلاً؟، اسمح لي أن أخيّب ظنك!!

هل التفاؤل وراثي؟
التفاؤل من الصفات التي نكتسبها من الوالدين ومن المجتمع عموماً.. طريقة فهمنا واستيعابنا للأحداث التي تحدث حولنا.
فمثلاً: لو وجدت والدك ينهار حين تحدث مصيبة؛ فستشعر أن هذا هو التصرف الطبيعي لأي شخص تواجهه مشكلة.. ومن هنا يمكننا القول إن التفاؤل والتشاؤم صفات نكتسبها من البيئة التي نعيش فيها.

لكن.. هل يمكن تغييرها؟
طبقاً لدراسات د.مارتن سليجمان؛ فإن التفاؤل والتشاؤم صفات مكتسبة؛ لذلك يمكن تغييرها.

هناك نوعان من التشاؤم.. أسمّيهما: التشاؤم الواعي والتشاؤم اللاواعي.

أولاً: التشاؤم اللاواعي:
بعض الناس اعتادوا التشاؤم حتى أصبح جزءاً من طريقة تفكيرهم ومن أسلوب حياتهم.. هؤلاء الأشخاص يتشاءمون قبل الأكل وبعده؛ وحتى قبل أن يقوموا من أسرّتهم.

مثال:
- أذاكر ليه؟ هو أنا هالاقي شغل لما أتخرج؟

- أتجوز ليه؟ كل الأزواج حياتهم غير سعيدة!

- أستخرج بطاقة انتخابية ليه؟ مافيش فايدة!

بعض الناس يعيشون مع التشاؤم في تفاصيل حياتهم اليومية.. هؤلاء تغلغل التشاؤم في عقولهم اللاواعية ذاتها، وأصبح هو منطقهم الوحيد.

التشاؤم اللاواعي ليس له معنى أو هدف، ولن يقودك إلا للاكتئاب؛ فلا فائدة من أي شيء أساساً.. هذا هو التشاؤم الذي ينبغي التخلص منه؛ لكن هناك تشاؤم آخر, لا بد منه!

ثانياً: التشاؤم الواعي:
في مرحلة التخطيط كن متشائماً.. افترض الأسوأ دائماً؛ كي تكون قادراً على صنع خطة جيدة. من الخطر أن تكون متفائلاً في هذه المرحلة؛ لأن ذلك سيجرّ عليك عواقب في غاية السوء.

مثال:
- لو كنت تخطط لمشروع تجاري, لا تفترض أنه سينجح فوراً.. ارسم سيناريوهات سلبية كي تستعد للمشاكل قبل حدوثها.

- لو كنت تذاكر, لا تفترض أن الامتحان سيأتي سهلاً جداً؛ بل ذاكر وأنت تتوقع امتحاناً في غاية الصعوبة.

التشاؤم الواعي يقول لك إن هناك مشكلات تلوح في الأفق فخذ حذرك.. وحاول أن تبذل أقصى جهدك, كي تستعد لأسوأ السيناريوهات الممكنة.

أجب على هذا السؤال:
- لو تم رفدك من وظيفتك الآن.. ما هي خطتك البديلة؟

لو لم تكن تفكر في هذا الاحتمال, لن تسعى -مثلاً- لتكوين مُدخّرات في رصيدك، أو أن تنمي قدراتك كي تكون مكسباً لأي شركة أخرى، أو أن تسعى من الآن للحصول على وظيفة أو مكانة أفضل.. لو لم تكن متشائماً وأنت تصنع خطة حياتك, ستكون خطتة ساذجة مليئة بالأحلام الوردية.. وستصطدم حين تجد أن ما يحدث على أرض الواقع ليس هو ما خططت له من البداية.

لهذا نجد أن التخطيط في كثير من الأحيان لا يُجدي؛ لأننا نبالغ في التفاؤل وتقدير ظروف الحياة، ونعتبر أنها خُلقت كي تخدم أهدافنا نحن.

ركّز على النصف الفارغ
لي صديق دائم الضحك بشكل يثير الدهشة؛ لدرجة أنه في يوم من الأيام جاء إلينا قائلاً: "هاهاها.. عرفتم آخر خبر؟ مش أنا سقطت؟ هاهاها!".
كثير من الأصدقاء ينصحونك أن تنظر للنصف الممتلئ من الكوب, وألا تركّز على النصف الفارغ أبداً؛ لكنك لو لم تركز على النصف الفارغ, لن تسعى لملء هذا الفراغ، وستتركه كما هو.

الخلاصة هي:
تشاءم وأنت تضع الخطط, كي توجد البدائل وتكون خططك أفضل، ولا تتفاءل؛ إلا حين تبذل أقصى ما عندك من جهد.

وتذكر دائماً أننا نعيش في الدنيا مرة واحدة فقط؛ فلماذا لا تكون أروع حياة ممكنة؟