كل ما قيل وكتب في مجال القوى الذاتيّة والباطنيّة للإنسان أكثرها تقع بين اطر القوى النفسية وكيفية تطويرها او إمكانية الارتقاء بها الى أعلى مستوياتها او فى مجالات التنمية العقلية والفسيولوجية والمعنوية، اى: فى مجال الاهتمام بو ظائف خلايا الدماغ وكيفية السيطرة على كافة حركات الإنسان وبين المجال العملي فى الفكر الانسانى .
ان علماء الهندسه النفسية N.l.p صنفوا المجالات المذكورة ضمن قائمة الذكاءات, الذكاء العقلي، والذكاء العاطفي، ولكن بقى ذكاء اخر هو لب الذكاء، وهو القوة الغالبة على جميع اركان الشخصية وهو المحرك الاساسى لكل من يؤمن به وايا كان نوع ايمانه الا وهو الذكاء الروحى (( وكثير من الناس يعتبرون الذكاء الروحى أهم أنواع الذكاء و يؤمنون بقوته القادرة على تغيير حياتك، وتغيير الحضارات ومسار التاريخ والكوكب بأكمله ))1، وللقارئ حق ان يسأل لم كل هذه القدرة والعظمة للروح؟؟ وماهي حقيقة هذا السر؟.
إنْ التزم احد ما ببرنامج روحى مكثف ومركز هل يحصل على الارتقاء المطلوب؟.
فالجواب يكون نعم :- لكل نوع من الذكاء جانب مشرق وانْ عمل صاحبه على تطويره وارتقائه واعتمد على ايجاد نقاط القوة لديه سواء كان فى المجال العقلى اوالنفسي الانفعالى والعاطفى او حتى فى المجال الجسمى لان هناك ذكاء آخر يسمى الذكاء الجسدى؛ لاشك يبلغ المرام ويكتمل النضوج وتستلذ الثمرة وانَّ (عدد كبير من الشخصيات البارزة يناشدون الجماهير لتوجيه المزيد من الانتباه المكثف للذكاء الروحي)2
لندخل صلب الموضوع ونتجه نحو مضمون الحقيقة، فان القوة الروحية يفوق كل القوى انْ رعاها صاحبها حق الرعاية، الاترى اتصال السماء بالأرض واستقبال الانبياء عليهم الصلاة والسلام للرسائل الالهية تعتمد على الجانب الروحي وكذالك جميع معجزاتهم, وكرامات الاولياء واستقامة الصالحين والأتقياء واستعداد المخلصين للتضحية والفداء كل ذلك من نبع الروح، والروح بكل معنى الكلمة وبكل المقاصد يعتمد على الحاسة الغيبية .
هكذا تتحرك بالروح وتتعامل بالروح وتتفاهم بالروح، وهكذا تستقيم امرك وتبلغ منالك وتغمرك لذة لو عرفها الملوك لقاتلوك عليها،لأن للملوك كافه لذّات كثيرة الاهذه اللذة، لم ؟ لأنه يعمل يكافة حواسه الا حاسة الروح، الا من رحم الله من الملوك واستقام على النهج الالهى.
وان المحور الرئيسى فى السعادة الأخروية من اول لحظة من سكرات المو ت والى آخر محطة من ذبح الموت يدور حول الروح، اى: ان يقظه الروح، تجعلك ان تحس بقوة غيبية لا تغلب، وان تتطلع على اسرار كانت فى ذاتك مخفية تحت ركام الشهوات، لقد أهملتها بسبب همومك الهابطة، وهذه هى سر الآيات الأولى فى أطول سورة، حول صفات المتقين وسبل هدايتهم (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)3
وايضاً هذه سر النفخة الالهية فى مضمون وذاتية الانسان الحقيقية (ونفخت فيه من روحى )، ولابد من الوقوف والتفرس في الذات لمراجعة الذات والتفكر الواعى في امر الروح (والاشتغال باستكشاف اسرار الله تعالى في امر الدنيا والاخرة وملكوت السموات والارض)4
وحسب التجارب الروحية الصادقه التابعة لمسيرة الانبياء عليهم الصلاة والسلام ووفق موازين المعادلات الربانيّة لاشك فى النتائج المذكورة ولاشك فى انجازات الروح، ولكن يجب ان تهتم بامر الروح على حقيقتها.
يقول صاحب العادة الثامنة (ربما نشك فى انفسنا وفى قدرتنا على فعل ذلك لكننى أريدك ان تعرف ان لدىَّ قناعة عميقة بان فى استطاعتك ان تعيش حياة كهذه, فى داخلك توجِد الامكانية للقيام بذلك، كلنا لدنيا الامكانية، انها حق نكتسبه بمجرد ولادتنا ومجئنا الى هذا العالم )5 ويتاكد وفق دراساته وتجاربه في ادق حقول المعرفة الانسانية انه ( كلنا نستطيع بشكل واع ان نقرر ترك الحياة العادية وراء ظهورنا وان نعيش حياة العظمة فى بيوتنا واما كن عملنا ومجتعنا)6 وفى الفقه الروحى الاسلامى أصول وأساسيات هذه الحقيقة، لنقرأ كلمات صاحب كتاب حالة اهل الحقيقة :- ( واعلم ان العبودية مبنية على عشر صفات :
الاعتصام بالله فى كل شئ ، والرضا عن الله فى كل شئ ، والرجوع اليه فى كل شئ ، والفقر الى الله فى كل شئ، والانابة الى الله فى كل شئ، والصبر مع الله فى كل شئ، والانقطاع الى الله فى كل شئ، والاستقامة بالله فى كل شئ، والتفويض الى الله فى كل شئ، والتسليم له فى كل شئ )7
والتخطيط الروحى وفق الخصال العشر بصدق تجعلك ان تتصف بتلك الصفات وان ترتقيَ حسب درجة جديتك واستقامتك، فأجمع لذلك همََّك و هُمومَك.