يقول أبن قيم الجوزية في كتاب روضة المحبين و نزهة المشتاقين

إذا تدارست أسماء الله عز وجل الحسني وصفاته العلي نشأت بينك وبين الله علاقه.
والعلاقة هي أولي مراتب الحب , وتسمي العلق بوزن الفلق وهي أولي مراتب الحب
فيقال : علق بها –بالكسر- وعلق حبها بقلبه أي هويها وعلق بها علوقا
وسميت علاقه لتعلق القلب بالمحبوب

كما قال الشاعر:
ولقد أردت الصبر عنك فعاقني علق بقلبي من هواك قديم
فإذا تعلق قلبك بالله عز وجل وعلق حبه بقلبك وصلت إلي محبة الله عز وجل
والمحبة كلمة تعجز عن وصفها الألسنه فهي من أجل الأشياء التي يتصف بها الإنسان


وقد قيل في معاني المحبة أقوال كثيره:
فقد قيل أن أصلها الصفاء لأن العرب تقول لصفاء بياض الأسنان حبب الأسنان .
فالحب يجعل قلب المحب صافيا نقيا فحب الله عز وجل
يورث صفاء في القلب وطمأنينة في النفس.

وقيل أن المحبة مأخوذه من الحب –جمع حبه- وهو لباب الشئ وخالصه وأصله
فإن الحب هو أصل النبات والشجر .

فإذا عرفت الله عز وجل كان الأصل في قلبك أن تحب الله عز وجل .
وقيل بل إن المحبة هي من الحب وهو الإناء الواسع الذي يوضع فيه الشئ فيمتلئ
ولا يتسع لشئ غيره وكذلك يكون قلب المحب ليس فيه سعة لغير محبوبه .

فلا يكون في قلبك سوي حب الله عز وجل ولا يتسع قلبك لغيره.
فإذا أحببت الله عز وجل صرت متصفا بصفات المحبة ولوازمها فإن من لوازم المحبة :
الميل الدائم بالقلب الهائم
وإيثار المحبوب علي جميع المصحوب

يقول الدكتور عائض القرني :
إذا قلت ( حب ) هل غيث الرجاء وهبت ريح الصفاء وسرى نسيم الوفاء
وتهللت أسارير الوجوه ، وانبلجت معالم الطلعات ، وأشرقت شموس الأيام
إذا قلت ( حب ) : امتلأت الجوانح بالأشواق والحشايا بالتلهف
والضمائر بصورة الأحباب ومعاهد الأصحاب ومغاني الأتراب .

إذا قلت : ( حب ) تساقطت أوراق البغضاء وتلاشت نزغات الشر
وارتحلت قطعان الضغينة وفرت زمر الأحقاد وغربت نجوم العداوات .

كلمة ( حب ) سماء شمسها اللقاء وقمرها العناق
ونجومها الذكريات وسحبها الدموع .

كلمة ( حب ) إشراقة من عالم الملكوت ، واطلالة من ديوان الخلود
الحب في لغة الهوي حرفان
لكنه يوم النوى لغتان
لغة القلوب ولا يفك رموزها
إلا فؤاد دائم الخفقان
فإذا قرأت حروفها في ليلة
أيقنت أن الحب شئ ثان
الحب ليس قصيدة عربية
محبوكة الأطراف والأوزان
الحب ليس رواية منسوجة
للعرض والأعلام والإعلان
الحب ليس تهتكا وتهافتاً
وتظاهراً بمرارة الحرمان
الحب ليس من الدعي مقالة
منحوتة بعجائب البلدان
كلا وليست خيمة بدوية
مضروبة الأطنان في الصوان
ما كان حباً مسرحية عابث
أدوارها تصميك بالدوران
الحب أن يقف الفؤاد مولهاً
أنفاسه من لاهب النيران
لو سال من جسم المحب دماؤه
كتبت حروف الحب في الجدران
ترمي العيون إليه وهي نواعس
سهمين من وصل ومن هجران



أنواع الحب
إن الحب في الأسلام على خمسةأنواع كما قال العلامة ابن القيم الجوزية رحمه الله :
أحدهما : محبة الله ولا تكفى وحدها لدخول الجنة بل لابد من العمل.

الثانى: محبة ما يحب الله وهذه هي التي تدخله في الإسلام أو تخرجه منه
.
الثالث: الحب لله وفيه وهي من لاوازم محبة ما يحب ولا تستقيم محبة ما يحب ألا فيه وله.
الرابع: المحبة مع الله وهي الشركية و العياذ بالله
الخامس : المحبة الطبيعية كمحبة الزوجة
الحب.. أساس الوجود
كتب د.محمد المسير أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر
في كتابه "الحب والجمال والإسلام" فهو يصف الحب
الذي يجمع بين الرجل والمرأة بأنه "الحب الذي بدأت به الحياة البشرية
مضيفا أنه هو أساس الوجود وذلك أستنادا لأن الله عز وجل
قد خلق "آدم وحواء" وأسكنهما الجنة

ثم أهبطهما الأرض لتنتشر الذرية من بعد ذلك :
الحب -بمعنى ما استقر في القلب من شعور معين نحو فتاة أو شاب-
لا يتعلق به حكم شرعي لأنه مكنون في صدر الشخص
وإنما ما يتعلق به الحكم هو نتيجة هذا الحب الساكن في الفؤاد
فلو أخذت هذه المشاعر طريقها السوي الصحيح فنمت وكبرت
في إطار شرعي علني يحيط به الأهل ويتوج في النهاية بالزواج
فهذا أمر لا غبار عليه ولا يستطيع أحد أن يصفه بالحب الحرام
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال: "يا رسول الله في حجري يتيمة
قد خطبها رجل موسر ورجل معدم، فنحن نحب الموسر وهي تحب المعدم

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم نر للمتحابين غير النكاح"
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
: أُريتك في المنام يجيء بك الملك في سرقة من حرير، فقال لي: هذه
امرأتك. فكشفت عن وجهك الثوب فإذا أنت هي
فقلت: إن يكن هذا من عند الله يمضه"


وعن سهل بن أبي حثمة أنه قال: "رأيت محمد بن مسلمة
يطارد بثينة بنت الضحال فوق أجران لها ببصره طردًا شديدًا
فقلت: أتفعل هذا وأنت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
إذا أُلقيَ في قلب امرئٍ خطبة المرأة فلا بأس أن ينظر إليها"

وفي الصحيح كان مغيث يمضي خلف زوجته بريرة بعد فراقها له
وقد صارت أجنبية عنه، ودموعه تسيل على خديه
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"يا ابن عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة
ومن بغض بريرة مغيثًا ثم قال لها لو راجعته
فقالت: أتأمرني ؟
فقال: إنما أنا شافع، قالت: لا حاجة لي فيه"

حديث مغيث وبريرة يحسم أمورًا كثيرة:
- الرسول صلى الله عليه وسلم تعاطف مع المحب ولم ينهه عن حبه.
-الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ تعاطفه مع المحب أن تشفع له
بنفسه عند من يحب وهذا أمر تثقل
دونه الجبال.
-الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينه مغيثًا عن حبه لبريرة
حتى بعد أن رفضت بريرة الزواج منه. أي إنه لم يُحرِّم حبه لها.
وكيف يُحرِّم هذا الأمر وهو يقول عنه إنه لا يملك؟!

-إن قول الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس:
"ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثًا؟!"
قول لا يكاد يكون له مثيل. أفلا يكون ذلك مستندًا لنا في أن الحب
أمر عجيب وسر من أسرار الله؟!
كان أبو بكر رضي الله عنه يمشي في أحد طرق المدينة
وسمع امرأة تنشد وهي تطحن بالرحى قائلة
وهويته من قبل قطع تمائمي
متمايساً مثل القضيب الناعم
وكأن نور البدر سُنَّة وجهه
ينمي ويصعد في ذؤابة هاشم

كانت تغني بألم وحرقة ويعلو صوتها بالبكاء..
رقّ لها قلب خليفة المسلمين أبي بكر الصديق فدقّ عليها الباب..
ولما خرجت إليه قال لها: أحرة أنت أم مملوكة ؟
فقالت: بل مملوكة يا خليفة رسول الله
سألها عمن تغني وتنشد له: من هويت ؟
فبكت ثم قالت: بحق الله عليك اتركني وشأني..
لكن أبا بكر -رضي الله عنه- ألح في طلبه
وقال لها إنه لن يترك المكان حتى تخبره: لا أريم أو تعلميني
فقالت
وأنا التي لعب الغرام بقلبها
فبكت لحب محمد بن القاسم
فلما علم منها أبو بكر الصديق اسم الشخص الذي تهيم به
ذهب إلى المسجد وبعث إلى مولاها فاشتراها منه ليعتقها..
ثم بعث إلى محمد بن القاسم بن جعفر بن أبي طالب
وقال: هؤلاء فِتَنُ الرجال..
وكم مات بهن من كريم، وعطب عليهن من سليم