عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
المسلم والإيجابية
من الفرائض الأساسية في الإسلام فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي الفريضة التي جعلها اللّه تعالى أحد عنصرين رئيسين في تفضيل هذه الأمة وخيريتها (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون باللّه) (آل عمران: 110).
ومن الصفات الأساسية للمؤمنين في نظر القرآن (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود اللّه) (التوبة: 112).
وكما مدح القرآن الآمرين الناهين ذم الذين لا يأمرون بالمعروف، ولا يتناهون عن المنكر كما قال تعالى: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه . لبئس ما كانوا يفعلون). (المائدة: 78، 79).
والمسلم بهذا ليس مجرد إنسان صالح في نفسه يفعل الخير ويدع الشر ويعيش في دائرته الخاصة، لا يبالي بالخير، وهو يراه ينزوي ويتحطم أمامه، ولا بالشر وهو يراه يُعشِّش ويفرخ من حوله، بل المسلم كل مسلم إنسان صالح في نفسه حريص على أن يصلح غيره، وهو الذي صورته تلك السورة الموجزة من القرآن، سورة العصر (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) (سورة العصر).
فلا نجاة للمسلم من خسر الدنيا والآخرة إلا بهذا التواصي بالحق والصبر الذي قد يعبر عنه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو حارس من حراس الحق والخير في الأمة.
فكل منكر يقع في المجتمع المسلم لا يقع إلا في غفلة من المجتمع المسلم، أو ضعف وتفكك منه، ولهذا لا يستقر ولا يستمر ولا يشعر بالأمان، ولا يتمتع بالشرعية بحال.
المنكر أي منكر يعيش "مطاردا" في البيئة المسلمة، كالمجرم المحكوم عليه بالإعدام أو السجن المؤبد، إنه قد يعيش ويتنقل ولكن من وراء ظهر العدالة، وبالرغم من المجتمع.
والمسلم إذن مطالب بمقاومة المنكر ومطاردته، حتى لا يكتب له البقاء بغير حق في أرض ليست أرضه، ودار ليست داره، وقوم ليسوا أهله.
من هنا جاء الحديث الصحيح الذي رواه أبو سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فمن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". (رواه مسلم في كتاب الإيمان من صحيحه عن أبي سعيد الخدري).
والحديث واضح الدلالة في أن تغيير المنكر من حق كل من رآه من المسلمين بل من واجبه، ودليل ذلك أن "من" في الحديث "من رأى" من ألفاظ العموم كما يقول الأصوليون، فهي عامة تشمل كل من رأى المنكر حاكمًا كان أو محكومًا، وقد خاطب الرسول الكريم بها المسلمين كافة (من رأى منكم) لم يستثن منهم أحدًا ابتداء من الصحابة فمن بعدهم من أجيال الأمة إلى يوم القيامة.
وقد كان هو الإمام والرئيس والحاكم للأمة، ومع هذا أمر من رأى منهم وهم المحكومون منكرًا أن يغيروه بأيديهم، متى استطاعوا حين قال: "من رأى منكم منكرًا".
كل ما هو مطلوب من الفرد المسلم أو الفئة المسلمة عند التغيير أن يراعي الشروط التي لابد منها، والتي تدل عليها ألفاظ الحديث.
المفضلات