إذا كنت تعاني من حالة نفسية سيئة واستسلمت لها ، فاعلم أنك قد تعاني يوماً من مرض ما ، حيث أثبتت الدراسات أن 90% من الأمراض العضوية أسبابها نفسية ، وما أكثر ما يثير الأعصاب مع بداية اليوم إلى آخره ، فكل ما يفكر فيه العقل يؤثر على أعضاء الجسم الخارجية ابتداءاً من التكشيرة مروراً بالعصبية نهاية بالاكتئاب ، وبالتالي تتأثر الأعضاء الخارجية ، هذا ما أكده هربرت سبنسر من جامعة هارفارد فى كتابه "العلاج بالطاقة".

كما أشار بحث لكلية طب سان فرانسسكوا عام 1986 إلى أن أكثر من 75% من الأمراض العضوية أساسها التحدث مع الذات بشكل سلبي ، وهو ما يسميه علماء النفس "التمثيل الداخلى" ومعناها هو الطريقة التى يمثل بها الإنسان حياته داخليا بما فى ذلك الأفكار وترتيبها فى العقل ، وأن ذلك يسبب أمراضاً متعددة منها أمراض القلب والصداع والقرحة والجلطة وضغط الدم ، ويضعف الجهاز العصبي وجهاز المناعة وقد يصل أيضاً إلى السرطان.

ومن ناحية أخرى نجد علماء العلاج بالطاقة البشرية يؤكدون علي أهمية الأفكار مثل "مانتاك شيا" الذي يؤكد فى كتابه "الابتسامة الداخلية" : إن الفكرة تؤثر على الحواس الخمس ثم تؤثر على جميع الأعضاء الداخلية وذلك بسبب عدم اتزان طاقة الإنسان مما يؤدي إلى الأمراض بكافة أنواعها ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تتمارضوا فتمرضوا" ، وهذا يؤكد أن الفكر يسبب الأمراض وأنه حتى لو تمارض الإنسان واستمر فى تكرار هذا التمارض ستصبح حقيقة ويسبب لنفسه الأمراض.

قوة التفكير




د. إبراهيم الفقي

وتناول خبير الموارد البشرية العالمي د. إبراهيم الفقي خلال كتابه "قوة التفكير" تأثير الصحة النفسية على الإنسان وذكر أن أول الخطوات التى تؤدي إلى الأمراض النفسية هى الشعور بالتوتر والقلق والخوف من المستقبل والإحباط أو الوحدة الأمر الذي أدي بالبعض إلى الانتحار.
واحتوي الكتاب على بحث لمعهد الدراسات النفسية والفسيولوجية بنيوزيلاند تم من خلاله تحليل الأسباب التى تؤثر على نفسية الإنسان وتم تقسيمها إلى عدة نقاط منها :
1 – التقدم والنمو السريع : كل شي حولنا أصبح سريع الحركة ، منها آلات وطائرات وحتى الأكلات أصبحت سريعة ، وبعيدة كل البعد عن الصحة وخالية من أي قيمة غذائية بل وتؤدي إلى أمراض متعددة أخطرها السرطان ، مما سبب للبعض عدم الاتزان والجري الدائم وكأنهم فى سباق البقاء ، وبعدهم عن الروحانيات مما أدي إلى الشعور بالضياع والاحباط والخوف بكافة أنواعه.
وإذا نظرنا حولنا سنجد كل شئ يتحرك بسرعة كبيرة ، وهذا لا يعني أن السرعة غير مفيدة ولكنها سبب من أسباب القلق والخوف والتوتر التى تؤثر بشكل كبير على الحالة النفسية.
2 – التغيير : كل شئ حولنا يتغير بنفس السرعة التى يجري بها العالم ، ومن الناحية المهنية كمثال تتغير فى الاحتياجات الأمر الذي يؤدي أحياناً إلى فصل بعض الموظفين الذين لا يتقنون استخدام المعدات الالكترونية الجديدة ، فالتغيير والسرعة من أهم أسباب خروج الناس من منطقة راحتهم وأمنهم ، مما يسبب لهم تهديداً فى البقاء والاستمرارية فيؤدي ذلك إلى الشعور بالقلق والخوف وفى أحيان كثيرة الاكتئاب.
3 – المنافسة : تسببت كلاً من السرعة والتغير فى إيجاد منافسة قوية ولم يتحرك كثيرون معها بنفس السرعة لمواكبتها وبمرونة تتماشي مع هذا التغيير الكبير وأيضاً بابتكار وتقديم كل ما هو جديد ، وتناولت هذا الأمر دراسة أمريكية لجامعة هارفرد عام 1964 وتوصلت للنتائج الآتية :
على الصعيد المهني ستواجه الشركات أو المؤسسات أو حتى البلاد مشاكل مادية خطيرة قد تؤدي إلى الإفلاس ، وعلى الصعيد الشخصي ستؤدي إلى الإصابة بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب الحاد وأيضاً الأمراض العضوية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكر والجلطة وأمراض القلب.






4 – المزاج المنخفض : تأثر المزاج حالة نفسية تحدث لنا جميعاً بسبب فقدان الحماس لفعل أي شئ حتي ولو كان بسيطاً ، وتجعل الشخص يشعر وكأن ما يفعله ليس له معنى.
وأكد د. الفقي أن حالة المزاج المنخفض قد تكون سبباً أساسياً فى ضياع فرص كثيرة من الإنسان بل وقد تتسبب فى طرده من العمل أو فى حدوث بعض حالات الطلاق ، فعندما يشعر الإنسان بهذه الحالة يتصرف بعصبية زائدة ، ولكي يخرج بعض الناس من هذه الحالة فهم يتجهون إلى فعل أي شئ مثل التهام الطعام أو مشاهدة التليفزيون لفترات كبيرة لكي يغير تركيزه ولا يفكر فى أي شئ ، وأن يدخن أو يلجأ للمخدرات ، بعض هذه الحالات قد يبدو بسيطاً ولكن أثرها قد يؤدي إلى نتائج سلبية كبيرة وزيادة قوة الملفات الذهنية المخزنة فى العقل الباطن.
ولو بحثنا عن أسباب كل هذه الحالات النفسية سواء كانت اكتئاباً أو قلقاً أو توترا .. إلخ سنجد أن جذور معظم الأمراض النفسية يحدث أولا فى العقل عن طريق الفكر والتفكير الذي يحدث 75% من الأمراض النفسية.
5 – حالة الطوارئ الداخلية : قوة الفكر تؤثر على ذهنك وتركيزك وأحاسيسك ثم تعود مرة أخرى للفكر ، فتزداد قوة ويزداد التركيز قوة وتذهب إلى الأحاسيس فتزداد قوة هى الأخرى وكأنها قنبلة داخلية تشتعل وتزداد قوة حتى تخرج إلى العالم الخارجي ، فتكون العصبية أو البكاء أو تناول الطعام أو اى سلوك إيجابي أو سلبي يحدث أولاً فى الأفكار ثم يأخذ دورته الداخلية حتى يخرج إلى العلم الخارجي ، وبذلك يصبح الملف الخاص به أعمق وأقوي من قبل فيكون مبرمجاً بقوة فى العقل الباطن ، كما ترى الفكرة فى منتهي القوة وقد تحدد مصير الإنسان فى كافة أرجاء حياته سواء كانت للحياة الزوجية أو المهنية أو العائلية أو الاجتماعية أو المادية أو الصحية وحتى الروحانية.






ولتوضيح الفكرة بشكل أفضل شرح د. إبراهيم الفقي هذه الفكرة خلال مكالمة تليفونية أجراها مع أحد المشاهدين له خلال أحد البرامج وتطلب منه أن يخلصها من عادة سيئة لا تستطع التخلص منها وهي إدمان شرب المياه الغازية وخلال هذه المكالمة تمكن أن يحبب المتحدثة فى شرب المياه الغازية ، ثم بدأ فى تقليل النسبة تدريجياً لتكره وتترك هذه العادة قائلاً : " الآن لا تتكلمي ولكن فقط ركزي على ما أقول واشعري به ، تخيلي نفسك وأنت تتناولين الطعام وأنتِ جائعة وعطشانة جداً ، وأنك أكلت كمية كبيرة من الأكلات الشهية حتى امتلأت تماماً ، والآن تشعرين بالعطش وأمامك زجاجتك المفضلة خذيها فى يدك واشعري بها أنها ساخنة جداً ولاحظى أن الطقس بارد جدا وأنك لا تجديها شهية على الإطلاق ، ولكنك قررت الشرب على أي حال واشعري بطعمها الساخن ووجدت أنها رائحتها سيئة جدا وكأن بها عفونة فانظري بداخلها ستجدين بها ذبابة ، وأيضاً رجل صرصار فى فمك والرائحة تزداد قوة من العفونة ، وشكل الذبابة وهى ميتة بداخلها ورجل الصرصار فى فمك ، وتشعرين بأنك على وشك أن تتقيئي كل الطعام الذي تناولتيه" ،وهنا أغلقت الخط وبعدها اتصلت مرة أخرى وقالت : " لقد أغلقت الخط لأنني رجعت الأكل فعلا ولا أطيق أي شئ عن هذه المياه الغازية"
لذا إذا أردت فعلاً أن تحدث تغييراً إيجابياً فى حياتك وكنت جاداً فى ذلك ورغبتك قوية وقررت قراراً قاطعاً أنك ستبدأ الآن ، وأنه مهما كانت التحديات ستستمر حتى تحصل على هدفك.
ابدأ بالخطوة الأولي وهى التوكل على الله سبحانه وتعالي وبذلك تحصل على الطاقة الروحانية اللآزمة للتغيير ثم لاحظ أفكارك وغيرها إلى الأفكار التى تدعمك وتحمسك وتجعل حالة الطوارئ عندك تعمل لصالحك.
غير حالك بسرعة
ولتحسن حالتك النفسية السيئة ، بإمكانك تغييرها فى أربع خطوات :
بسم الله الرحمن الرحيم

الخطوة الأولى : اعترف أنك تعاني من حالة نفسية سيئة ، ويؤكد الخبراء أن الحالة النفسية المتردية لا توضح عن نفسها حين لا نعبأ بها ،لأنها لا تعلن عن نفسها ، ولا تنتظر منها أن تقول لك: "لقد تسربت إليك فاحرص على خطواتك".
وأول خطوة يجب عملها هي الاعتراف بأنك فى حالة سيئة ولا تتجاهل حزنك أو ألمك ، حتى لا تتراكم لديك الأحزان ، فلا تحاول أن تكبتها حتى لا تخرج يوماً بشكل يؤلمك جداً.
الخطوة الثانية : تعلم أنك أنت المسؤول دائماً عن شعورك السلبي ،فمشاعر الضيق والألم التي نشعر بها ونرجعها إلى أسباب خارجية وخارج نطاق الذات تخف عندما نتحمل نحن المسؤولية كاملة ونكون راغبين فعلاً في الوقوف على أسباب سعادتنا إن في فقداننا لهذه الأسباب ثم العثور عليها ثانية حين نحمل أنفسنا مسؤولية ما يعترينا من ضيق وآلام ونكتشف ثانية أننا نحن سبب الداء وأن عندنا وفي ذواتنا الدواء مع هذا كله ما يدل على أننا نمسك زمام أمورنا بأيدينا ولدينا الإنضباط الذاتي في تصريف أمورنا وهذا هو سر قوتنا ، ولكن فى الحقيقة كل واحد منا هو الوحيد على هذه الأرض الذي يمكن أن يدخل السرور إلى قلبه وهو الشخص الوحيد الذي يجعل التعاسة لنفسة.
الخطوة الثالثة : جمع أفكارك بعد تجميعها ، فإذا بررت مشاعرك السلبية تكون بذلك قد ألزمت نفسك بالتعاسة، ولا تأخد أحد المبررات التالية لسلوكك:







* ما أفكر به الآن هو الحقيقة الوحيدة.
* لي الحق أن أشعر بتردي حالتي النفسية.
* حالتي خطيرة.
* لدي الكثير من المشاكل ولا أحد يفهمني.
* أنتم لا تشعرون بي .
* انتظر حتى الصباح لأكون سعيداً.
بدل من إعطاء المبررات السلبية ، ينصح الخبراء بضرورة مواجهة التحديات التي توجهك ،ولا تحاصر نفسك بالأوهام التي تدمرك، تريث برهة من الزمن وحلل المشكلة التي تجابهها وانظر بعين العقل حتى تتضح لك الأمور ولا تصدق ما توحية إليك نفسك من مبادئ خاطئة.
الخطوة الرابعة : لا توجه اللوم لأحد ، ولا تضيع وقتك في لوم الآخرين وأنهم سبب ما أنت فيه ، فقط اطرح عن تفكيرك كل ما يسيئ إلى نفسك ودنياك وفكر بإيجابية ،وليس شرطاً أن تحكي همك لصديق كي تشعر بتحسن وتشكو حالك وحال الدنيا إليه.