يكثر الحديث عن النجاح و الناجحين، ما هو النجاح؟ و من هم الناجحون؟ هل نجحوا صدفة؟ أم هي الظروف أو الحظ الذي أدى إلى هذا النجاح؟
في رأي المتخصصين في هذا المجال فإن النجاح لا يأتي صدفة، و لكن هناك مجموعة من الأفعال و الأقوال أدت إلى نتيجة النجاح، و الفشل أيضا لا يأتي صدفة، فهو مجموعة من الأفعال و الأقوال أدت إلى نتيجة الفشل. فالنجاح و الفشل كلاهما "نتيجة" لأفعال و أقوال معينة، فإذا أردت أن تفشل، تجنب أفعال و أقوال النجاح و مارس أفعال و أقوال الفشل، و إذا أردت أن تنجح عليك بفعل العكس. هذه الأفعال و الأقوال تسمىإستراتيجية.
من الممكن تعريف الإستراتيجية على أنها "خطوات معينة ضمن ظروف معينة تؤدي للحصول على شئ أو تجنب شئ"، فمثلا، إعتدت أن تصل إلى عملك عن طريق الشارع الرئيسي، و لكن في يوم من الأيام وجدت أن الشارع مزدحم لدرجة أنك لن تصل في الوقت المحدد، فقررت أن تسلك الطرق الفرعية حتى لو طال الطريق لكي تصل أسرع، هذه العملية على بساطتها تسمى إستراتيجية، إما لتجنُّب الزحمة "تجنب شئ" أو للوصول بسرعة للعمل "الحصول على شئ".
و من الممكن أن تتعقد الإستراتيجية لتكون خطوات تجنب خسارة مشروع، أو خطوات إنشاء شركة جديدة.
و للنجاح الكثير من الإستراتيجيات، من أشهرها أن تتبنى إستراتيجية شخص ناجح و تتبعها قدر الإمكان بما يتناسب مع قيمك، و تتجنب إستراتيجية شخص فاشل، حتى تصل لما تريد.
و لكن معظم الناس سواء كان الناجحون منهم أو الفاشلون، يمارسون إستراتيجياتهم بشكل لا واعي، فكيف يمكن لي أن أستخرج إستراتيجية شخص معين؟ الجواب هو "الأسئلة"، عليك بإلقاء الأسئلة المناسبة لكي تعرف كل ما تريد معرفته عن شخص معين. متى يستيقظ؟ ماذا يقرأ؟ ماذا يأكل؟ ماذا يقول لنفسه؟ كيف يخطط ليومه، لشهره، لسنته؟
و لحسن الحظ أن معظم هؤلاء الذين نجحوا، كان لديهم إستراتيجية عامة و موحدة أدت إلى وضع أقدامهم على بداية طريق النجاح، هذه الإستراتيجية أثبتت فعالية منقطعة النظير لمن أراد أن يتبناها و هي ما سنستعرضه هنا.
1.الخطوة الأولى: قيّم وضعك الحالي

مر مستشار في مجال الأعمال و الإدارة على صياد و دار بينهم هذا الحوار:
المستشار: ماذا تعمل؟
الصياد: أصيد السمك، أبيع نصفه و أكل نصفه أنا وعائلتي.
المستشار: كم سمكة تبيع؟
الصياد: ثلاث سمكات.
المستشار: هل تستطيع أن تصطاد و تبيع ست سمكات يوميا؟
الصياد: نعم، و لكن لماذا؟
المستشار: سيصبح دخلك مضاعفا.
الصياد: و ماذا يعنى هذا؟
المستشار: ستستطيع أن تدفع أجرة صياد أخر لمساعدتك.
الصياد: و ماذا بعد؟
المستشار: سيزداد دخلك و تشتري قوارب أكثر.
الصياد: جميل!
المستشار: ستزداد ثروتك و من الممكن أن تصدر منتوجك للخارج.
الصياد: و ماذا أيضا؟
المستشار: ستصبح ذو ثروة كبيرة و ستشتري إحدى الجزر في البحر.
الصياد: عظيم!
المستشار: و بعدها ستسترخي على الشاطئ و لن تفعل شيئأ سوى الصيد
الصياد: ألا ترى يا سيادة المستشار أنني الأن فعلا لا أفعل شيئا سوى الصيد!!
يجب عليك أن تعرف أين تقف الأن في المجال الذي تريد أن تطوّر نفسك فيه، أو تعرف موقعك من الشئ الذي تريد الحصول عليه، سيعطيك التقييم للوضع الحالي شيئين رئيسيين:
1. من الممكن أن يكون الهدف الذي تريد الوصول إليه لا يستحق كل هذا العناء مقارنة بوضعك الحالي.
2. سيصبح عندك نقطة بداية تقيس بها مدى تقدمك إتجاه الهدف.
2.الخطوة الثانية: حدد هدفك

كثير من الناس لا يحددون أهدافهم، أو حتى أنهم لا يعرفون كيف و لماذا يحددون أهدافهم. تحديد الأهداف يبدأ بكتابتها، كلما تنوعت أساليب التعبير عن الهدف من قِبل الإنسان، كلما زادت نسبة حدوثه، لأن العقل سيستجيب بطريقة أفضل كلما زادت المعلومات التي تعطى له. فمثلا التفكير في الهدف واحد على خمسة من تحقيق الهدف، إذا كتبته ستراه العين فيصبح إثنان على خمسة، إذا قرأته بصوت عالى سيتكلم به لسانك و تسمعه أذنك يصبح أربعة على خمسة، إذا جلست و أغمضت عينيك و تخيلت الهدف و شعرت به كما لو أنك حققته، يصبح خمسة على خمسة.
3.الخطوة الثالثة: كن دقيقا

حدد بدقة شديدة الهدف الذي تريده الحصول عليه، و إن كان شئ معنوي، أي شئ مدرك عقليا مثل "رضى الله عز وجل"، "الحب"، "الصداقة"، فعليك أن تحوله إلى شئ ملموس، تحوله لشئ مدرك حسيا يمكن قياسه، فبدل من قولك أريد "رضى الله" يمكن أن تقول أريد أن أصلى 16 ركعة نافلة يوميا زيادة على صلاتي، أو أريد أن أصوم 30 يوما خلال السنة صياما تطوعا غير رمضان. و بدل أن تقول أريد الحصول على "الحب" أو "الصداقة"، فحاول أن تحول كل ذلك لنتائج ملموسة مثل، سأقول لمن أحب أني أحبه كلما رأيته، أو سأحصل على صديقين جدد هذا العام لتكبر مجموعة أصدقائي.
4.الخطوة الرابعة: حدد وقت معين لتحقيق الهدف

ضع موعدا محددا للوصول لهدفك، مثل أن تقول خلال أسبوع من الأن، أو خلال شهر، أو في التاريخ الفلاني سأكون قد حققت كذا و كذا. من غير وقت محدد لتحقيق الهدف تكون قد فقدت أهم عنصر من عناصر القوة التي تدفعك لتحقق هدفك. و إذا كان الهدف مركّب، أي يحتاج إلى إنجاز مهام صغيرة، فما عليك إلا أن تضع مواعيد محددة لإنجاز كل مهمة صغيرة على حدا، ستستفيد من عملية تقسيم الهدف الكبير إلى مهام صغير بحيث ترى هدفك يتحقق شيئأ فشيئأ، و هذا سيقوي دافع تحقيق الهدف عندك. و عليك أخيرا أن تكون عقلانيا في تحديد الوقت بشئ يتناسب مع إمكانياتك و ظروفك، لأن وضع وقت غير منطقي لهدف أو مهمة معينة من الممكن أن يكون محبطا أكثر من أن يكون محفزا لإنجاز الهدف.
5.الخطوة الخامسة: أرسم الخطة

بعد معرفة الهدف، ووضعه بشكل يمكن قياسه، و تقسيمه لمهام صغيرة، و تحديد وقت لإنجاز هذه المهام، يأتي دور الخطة و التي تحتوي على الخطوات التي يجب إتباعها لكي تُنجز المهام و بالتالي الهدف الكبير. هذه الخطة يجب أن تكون مكتوبة و يجب الإلتزام بها و متابعتها يوميا، و إذا كان هناك أي داعي للتغيير في الخطة أو حتى إعادة كتابتها فيجب عليك فعل ذلك، لأن وقت وضع الخطة يختلف تماما عن وقت تنفيذها.
هذه هي الخطوات الخمس لأكثر الإستراتيجيات شيوعا بين الناجحين، و التي إذا إتبعتها فستكون إن شاء الله على طريق النجاح. سنقوم بإذن الله بشرح كل خطوة بالتفصيل، و سنعود و نذكر هذه الخطوات الخمس في كل جانب من جوانب النجاح حتى ترسخ في الأذهان و نرى تطبيقها عمليا على تلك الجوانب.