يتساءل العديد من الشباب كيف اصبح مثقفا..ماذا نقرأ كى نصبح مثقفين؟؟




والحقيقة ان هذا السؤال رغم بساطته وكثرة تداوله الا ان اجابته صعبة للغاية ..وذلك لان تلمس اسباب الثقافة بالرغم من انه شىء يشعر بالامل والتفاؤل ولكن تكمن صعوبة هذا السؤال فى كون الثقافة كلمة شاملة لكل المعارف وليست شيئا محددا يمكن الحصول عليه بقراءة عدد معين من الكتب ...

بل هى فى اقرب معانيها للواقع طبع او مزاج فكرى يميل بصاحبه لطلب المعرفة وادراك العلم وتذوق الادب والتاريخ والفن الراقى والجمال فى كل الاشيـاء.

لذا فان المتخصص الذى لايعرف شيئا خارج دائرة تخصصه ليس مثقفا ولكنه متعلما.


والحقيقة انه لا يوجد كتب معبنة اذا قرأتها اصبحت مثقفا ثقافة كاملة ولكن هناك طابع ثقافى اذا اكتسيته اكتسيت عادة القراءةوعرض الاشياء على عقلك والتفكير فيها وتقبل منها مايقبله العقل وترفض منه مايرفضه ..

وعادة البحث عن الحقيقة والتساؤل عن دلالات الظواهر والاشياء والكلمات والمصطلحات التى قد تسمعها ولا تفهمها

فتضيف الى معارفك كل يوم جديدا..وتكتشف ان فى الحياة متعا اخرى وملذات مختلفة عن الطعام والشراب والمتع الحسية


والعجيب فى هذا الطريق..انك سوف تكتشف كل يوم ان ما لاتعرفه اكثر بكثير جدا مم تعرفه..ومم ينبغى لك ان تعرفه

وذلك لان بحر المعرفة هو بحر بلا شطآن

ولذا فان الفارق الحقيقى بين المثقف وغير المثقف هو ان الاول يعرف انه ليس مثقفا ويطلب المعرفة ويظل يطلبها حتى الموت

اما الثانى فهو اما لايعرف انه غير مثقف او يعرف ذلك ويرضاه لنفسه ..او يعرف ولا يرضاه لنفسه ولكنه يفتقد الارادة التى تدفعه لان يكتسب المعرفة .

فالثقافة تحتاج الى همة لادراكها



واول من اشتهر بالهمة فى طلب المعرفة هو
سقراط الذى راح يجوب الشوارع والاسواق بحثا عن معانى الاشياء .

وأخذ يسأل من يلتقى به :ماالانسـان؟؟ ماالخير ..وماالقانون؟

ولم يلبث ان تجاوز الاسئلة الى التقريع المباشر للعامة بقوله "ألا تشعر بالخجل حين تهتم بالمال ولا تحرص على الحكمة ولا تعبأبالحق؟"

حتى تجمع عليه التجار والملاحين وحاكموه بتهمة افساد العقول وانكار الهة المدينة وحكموا عليه بالموت !!

وحين تتعمق فى طلب الثقافة سوف تكتشف يوما بعد يوم –كلما تفتحت لك ابواب جديدة للمعرفة – انك لازلت "تبلبط " فى مياه الشاطىء الضحلة بينما امامك محيط لا متناهى من العلوم والمعرفة .

حتى ان احد المفكرين عبر عن ذلك بقوله

"كلمـا قرأت..ازددت جهلا
"


فالعالم الحقيقى بكل انواع العلوم والمعارف هو الله سبحانه وتعالى

فهو جل وعلا " العليم / الواسع / الحكيم / الهادى / الرشيد / الخبير / اليقين / السميع / المحصى .."

فتلك كلها اسماء ومعانى المعرفة والحكمة والرشاد فسبحان الله العليم

وبالرغم من ذلك فلا يأس مع الثقافة وطلب العلم.

ولكن المشكلة اننا مغرورون بالقليل الذى ادركناه

كما ان البعض مصاب بمرض الادعاء والفشر الثقافى الذى يثبط همم الاخرين وبعجزهم عن بدء رحلتهم لطلب المعرفة فى اى مرحلة من مراحل العمر.


وثقافة الانسان لا تقاس ابدا بعدد الكتب التى قرأها..ولكن يقدر مااستوعب منها ونوعية الكتب نفسها وقيمتها الفكرية،

بل وتقاس ايضا بقدر مااضافه هو الى معارفه بالتأمل والتفكير والتحليل وملاحظة الحياة.

ومع هذا كله فهناك بعض الكتب التى قد تمثل مفاتيح الثقافة وقد رشحها بعض الادباء والمثقفين لتكون دليلا لكل راغب فى الثقافة العامة

اهمها على الاطلاق واولها هو كتاب الله الذكر الحكيم


فان اردت ان تبدأ رحلتك مع بناء ثقافتك ابدأ بقراءة تفسير للقران الكريم واقرأ فى السيرة النبوية العطرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم قراءة كتاب عن تاريخ العالم لمعرفة اصل الحكاية ومن هذه الكتب القيمة

" موجز تاريخ العالم " للأديب الانجليزى ( ج.هـ.ويلز) أو كتاب "تاريخ العالم " من اعداد مجموعة من العلماء باشراف سير (جون .أ. هاملتون ) أو كتـاب
"قصة الحضارة "

وكتاب الخالدون مائة أعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم.

ثم قراءة مجموعة من كتب التاريخ الاسلامى واهمها مجموعة الاستاذ احمد امين "
فجر الاسلام /ضحى الاسلام / ظهر الاسلام )

ثم كتاب او اثنين عن تاريخ البلاد لمعرفة جذور الحضارة

ومن افضلها كتاب
"امام العرش "لنجيب محفوظ

يستدعى فيه كل ملوك ورؤساء مصر امام محكمة التاريخ ويقيم مسيرتهم واعمالهم

وكتاب د. مراد وهبه "قصة الفلسفة"
ثم كتاب او اثنين عن تاريخ الفكر والعلم والادب ومن افضلها كتاب"اعلام الفكر الاوروبى من سقراط الى سارتر"

وكتاب
" هؤلاء علمونى "لسلامة موسى.

وكتاب
" تاريخ الادب العربى"لاحمد حسن الزيات



وبعدها ستأثرك المعرفة والثقافة بسحرها ولذتها وسوف تكسب تفكيرك منهجا علميا فى التفكير والذى سوف يؤهلك دوما لامتحان الاشياء للتثبت من صحتها قبل الاقتناع بها كما يؤهلك للاستعداد لتغيير رأيك اذا تبين لك خطؤه

وحينها..اهلا بك فى بحر الحيرة وطلب المعرفة حتى نهاية العمر

وثق انك سوف تضيف الى عمرك الحقيقى بم تقرأه عمرا اخر كعمر سيدنا نوح