لا يهم ما يكمن خلفك أو ما يكمن أمامك النهم ما يكمن في داخلك
حين اتخاذ قرار ما تدخل عوامل غير الحسابات في اتخاذ هذا القرار كارتياحك للأشخاص الذين تعمل معهم ومدى ثقتك بهم وهذه العوامل لا تقاس بالأرقام والمعلومات وإنما بالمشاعر .
أثبتت الدراسات أن أكثر الأشخاص نجاحاً هم أولئك الذين يعتمدون على حدسهم إلى جانب عقلهم في اتخاذ القرارات .
في استبيان شمل أغنى مائة رجل في الولايات المتحدة قالوا جميعا أنهم يعتمدون على الحدس إلى جانب العقل في اتخاذ قراراتهم .
توجد منطقة في الدماغ ( amygdala ) مسؤولة عن تخزين المشاعر المتعلقة بتجارب الحياة المختلفة .
للعاطفة عقلها الخاص بها ، هذا العقل قد يحلل المعلومات ويخلص إلى نتائج ويصدر أوامر للجسم للقيام بعمل ما قبل أن يدرك الدماغ لماذا قام بهذا العمل( الخطف العاطفي ) .
إن مراكز العاطفة في الدماغ تبرمج بواسطة العقل الواعي عن طريق المعلومات والتجارب والخبرات .
لا تخاطب نفسك بعبارة لا أستطيع فكثير من الأمور يستطيع الإنسان فعلها لكنه لا يريد ذلك .
بينت دراسة أجرتها جامعة هارفارد أن الثلاثين الأولى من اللقاء مع أي شخص تلعب دوراً كبيراً في التعرف عليه بواسطة الحدس .
الحدس شعور والذين لا يتقنون قراءة مشاعرهم لا يستطيعون استخدام حدسهم بشكل صحيح .
بعض الناس لا يدل مظهرهم على مخبرهم وهؤلاء قد يخطئ الحدس في تقييمهم .
العقل هو الأساس في اتخاذ أي قرار ويأتي دور الحدس في إحدى حالتين :
عندما يجد الإنسان أن شعوره مناقض لحساباته العقلية .
عندما تتوازى إيجابيات وسلبيات أي قرار فيلعب الحدس دور المرجح .
لكل مهنة حدسها الخاص بها وينمو هذا الحدس بالمعرفة والخبرة.
يجب أن يعتمد الإنسان على حدسه بمقدار ما يثبت التجربة نجاح هذا الحدس أو فشله .
أصغ إلى شعورك عند اتخاذ أي قرار وتذكر أن الحدس يصيب أحياناً حيث يخطئ العقل ، لا تعتمد على شعورك فقط عند اتخاذ أي قرار بل استخدم العقل والعاطفة معاً .
كيف قد كون للحدس أكثر من تعريف ، لكن الحدس الّذي نتحدّث عنه هنا هو ذلك الشعور الإيجابي أو السّلبي الّذي نشعر به تجاه شخص ما ، في ظرف ما ، دون أن نجد سبباً منطقيّاً لهذا الشّعور .
نقرأ عقداً تجاريّاً فنشعر بعدم الارتياح لإبرامه مع جهة معيّنة دون تحديد بند معين يدعونا لعدم الارتياح .. أيضاً هذا هو الحدس .

سأتحدّث لكم عن تجربة شخصيّة وقعت لي ... جاءني صيدلانيّ مرّة بدوائي المعتاد .. وحين سلّمني العلبة شعرت بحالة من عدم الارتياح و الخوف الشديد والّتي لم أستطع تفسيرها في ذلك الحين ...
أردت أن أعيدها إليه ... ولكن لم أعرف كيف أبرر له تصرّفي ، فهو يعلم تماماً حاجتي إلى هذا الدّواء وخطورة إيقافه بشكل مفاجئ دون تدرّج ..
بدأت بتناول الدّواء ولم يمرّ اليوم الأوّل إلّا وبدأت حالتي بالتّراجع ...
اتّصلت بالصيدلاني وأخبرته بحالتي وأنّ الدّواء مغشوش فأكّد لي أنّ مصدر هذا الدّواء أفضل من مصدره السّابق ..
لم أقتنع .. بل ازددت من خلال سوء حالتي ثقة بحدسي .. وكما علمنا فإنّ التّجربة تزيد الحدس قوّة ..
تصبّرت واستمررت بتناول الدّواء كونه لا يوجد لديّ بديل والدّواء لا يتوفّر بسهولة ، لكنّني في هذه الأثناء قمت بتوصية الصّيدلاني مرّة أخرى على الدّواء .. وطلبت أن تكون العلبة زجاجية غير الّتي جاءني بها أول مرّة .. وخلال ثلاثة أيام كانت حالتي تزداد سوءًا حتّى جاء الدّواء الجديد وبمجرد تناولي للحبّة الأولى تراجعت الأعراض بشكل واضح ...
وإذا بالصّيدلاني يتّصل بي بعد قليل ليخبرني بأنّ الدّواء عبارة عن أقراص نشاء مضغوطة وليس فيه أيّ مادّة دوائيّة ...
فلو أنّني اعتمدت على عقلي وحسب لقلت ربما حالتي ساءت بسبب إرهاق أو تعب إذ أنّني في تلك الفترة كنت مجهدة فعلاً .. لكنّ حدسي كان الأصدق ... ولو استمررت في تناول الدّواء المغشوش ليومين آخرين لتعرّضت إلى ما لا تحمد عقباه .. فالحمد لله ..
لم يكن لحدسي دوره الإيجابي معي وحدي بل إنّ دوره تخطّى ذلك .. إذ تنبّه الصّيادلة إلى عدم أمانة المصدر وبالتّالي تمّ سحب الدّواء من الأسواق .
بعد ما حدث معي جلست أفكّر .. وأحاول تفسير صحّة حدسي .. وعدت بذاكرتي إلى الوراء إلى سنين طويلة خلت .. فتذكّرت أنّ دواء تناولته سابقاً كانت قد تعدّدت أشكال عبواته .. وأنّ عبوة كانت تتميّز عن الباقيات بأنّها أفضل تأثيراً ... وكانت زجاجيّة ..

في لحظة عدم ارتياحي للدّواء لم أتذكّر بالطّبع تلك الحادثة لأنّه كان قد مضى عليها حوالي 17 عاماً .. لكن ما رسخ في عقلي الباطن ( اللوزة في الدماغ ) من مشاعر التّجربة السّابقة جعلني أرفض العلبة المغشوشة بشكل مباشر وبدون أدنى تفكير دون معرفة السّبب بادئ الأمر ... فالحدس هنا عمل بصورة أسرع بكثير من العقل الّذي أخذ زمناً في تحليل الأحداث ومسبّباتها وبعد ظهور النّتائج ...