تطبيقات يومية أساسية للذاكرة

من أكثر التعليقات التي أتلقاها في محاضراتي وتدخل الرضا على نفسى هي: "لا أصدق يا كيفين قوة ذاكرتي، أنا أتذكر كل شيء حتى عندما لا أطبق الطرق التي تعلمتها! وهذا أهم جانب للذاكرة الخارقة، وهو أنه بعد استخدام الطرق المتنوعة بشكل يومي, سيتولى عقلك الباطن كل الأمور ويؤدى ما دربته عليه- وبشكل أكثر مما تتوقع. الذاكرة القوية تصبح عادة وجزءًا من تكوين شخصيتك مثل قدرة الرئة على تحمل الضغط في الغطس أو الطاقة الكبرى لمواصلة العمل لساعات طويلة، أو أي قدرة بدنية ينميها أي بطل رياضي مدرب.


في هذا المقال سنتعلم طرقًا وتطبيقات إضافية للذاكرة الهائلة في الحياة اليومية. مرة أخرى سنتناول الأمور ببطء- خطوة واحدة في كل مرة. وسأناقش الطرق معك وأشرح سبب القيام بكل خطوة ثم أدعك تجرب نفس الشيء، وبينما تتعلم هذه الطرق الجديدة سوف يتبرمج عقلك غير الواعي عليها ببطء لكن بشكل مستمر، وعندما تسمع أو ترى أو تتعرض لأمور مختلفة ستخزن كل المعلومات في ملفات في الذاكرة وستتذكرها على الفور في المستقبل.


قبل بداية مناقشة التطبيقات المختلفة، أريد إعادة التأكيد على شيء مهم. كل الطرق هنا مبنية على أساسيات محدده, وسأكون محدداً في شرح كل طريقة لكن هذا لا يعني أنه لا يمكنك تطبيق ما تعلمته للتو في مواقف أخرى. إن لم تستخدم إحدى طرق المقال فلا يهم، إن بدت لك إحدى الطرق مفيدة لحالتك فاستخدمها.


بحلول نهاية هذا المقال ستكون قد تعلمت استخدام الطرق التي يمكن تطبيقها في العديد من المواقف في الحياة اليومية، وبالتالي اجعل ذهنك متفتحاً للعديد من الاحتمالات. فهي بلا نهاية.


الجدول اليومي
لكي نذكر أنفسنا بالجدول اليومي فإن معظمنا يكتب قوائم بالمهام المطلوبة أو يحتفظ بتقويم للجيب، والكل يفعل ذلك حتى رجال الأعمال، فالاحتفاظ بقوائم مكتوبة هو أمر شائع في المكاتب والمنازل لكن المشكلة أن هذا لا يكفي. ماذا يحدث إن فكرت في شيء ولم يسعفك الوقت أو الظروف لكتابته؟ مثلاً عندما تقود السيارة أو أثناء وجودك في اجتماع أو حتى أثناء استحمامك؟ في مثل هذه الظروف قد تطرأ على ذهنك أشياء من قبيل: "يجب أن أذهب للمغسلة" أو "يجب أن أمر على متجر البقالة لشراء اللبن" أو "يجب ألا أنسي إرسال الرسالة بالبريد الإلكتروني اليوم !"


دعني أوضح ذلك: الذاكرة الهائلة لن تحل محل الكلمة المدونة، بل ستكملها. وهذا مهم جداً: ليس استبدالاً بل تكميلاً. كنت أقول طوال هذا المقال إنه لا يجب أن تكتب أو تدون أي شيء، لكن هذا عندما تتعارض الكتابة مع ذاكرتك، مما سيجعلك تعتاد على عدم تذكر ما تكتبه وهي عادة سيئة. فعندما تكتب شيئًا ما عندما تفكر به فإنك بذلك تخبر نفسك بأنك لا تحتاج إلى تذكر هذا الشيء وأن القلم والورقة سينوبان عنك في هذه العملية. إن ذلك يشبه المدير الذي يحل معل الموظف في معظم المهام مما يجعل الموظف يركن للخمول لأن المدير سيتحمل المسئولية.
ما أود قوله هنا هو أنك يجب أن تعطى في اكرتك مسئولية فعلية عن طريق تدريبها على تذكر الأمور, ثم دوَّن ما تريده لتعزيز ما تحاول أن تتذكره. لكن كما كررت سابقاً, كلما دربت ذاكرتك سيقل استخدامك الكتابة واعتمادك عليها. ومثلما هو الحال مع المدير الجيد عندما يتعامل مع موظفه الجيد أيضاً، فإنه قد يحتاج بين الحين والآخر أن يقدم له بعد الإرشاد والدعم لكن الموظف سوف يحتاج إلى الاعتماد على نفسه في القيام بالمهام وستكون لديه رغبة في التعلم وتحمل المسئولية, وهكذا هو الحال معك أيضًا- فسوف يقل اعتمادك على الكتابة.
هناك أمر يدفعني للضحك عندما تحين نهاية محاضراتي؛ حيث يطلب منى أحدهم إرسال معلومات أو شرائط على عنوانه وأطلب منه العنوان فيقول لي إنه ليس معه قلم وورقة، فأضحك وأقول له: "أنا الآخر ليس معي قلم ولكن لدىّ ذاكرة", ثم يضحك كلانا ويكون الشخص الاخر على وشك القول: "هل ستتذكر فعلاً عنواني؟ وأنا أقول لكم إنني بالفعل أستطيع ذلك؟


سأجعلك تؤسس قائمة المهام اليومية لنفسك. عندما يكون هناك قائمة مهام يومية ذهنية فما الذي تحتاج إليه أولاً لربط المعلومات؟ مشجب بالطبع- ولأنك تحتاج مساحة لأكثر من عنصر فسوف تحتاج لعدد من المشاجب. ويمكنك الاستعانة بأحد قوائم المشاجب السابقة التي استخدمتها. أنا شخصياً أستخدم قائمة الجسم للمهام الخاصة بي. عندما أحتاج لتذكر مهمة ما. مثل شراء شيء أو إجراء مكالمة هاتفية أو إنهاء مهمة أخرى. فإنني أحول المهمة لصورة وأربطها بقائمة الجسم، أول مهمة أربطها بالمشجب الأول وهو أصابع القدم، وثاني مهمة بالمشجب الثاني وهو الركبتان، وهكذا... إلخ ثم طوال اليوم أفحص القائمة لأرى الشيء المرتبط بكل مشجب, كأنني أستعرض قائمة مهام اليوم المكتوبة.


في محاضراتي دائماً ما يسألني أحدهم: "لكن يا كيفين، إن نسيت أن أفحص قائمة الجسم؛ ماذ ا سأفعل؟" ويكون جوابي على الفور: "ماذا إن نسيت إلقاء نظرة على مفكرة مكتوبة أو نسيت تفحص صندوق بريدك؟" ليست هذه هي النقطة المهمة، لأنك ستعلم على الدوام أن لديك مهام يومية يجب إنجازها. وقد تنسى تفاصيله ، وكل ما عليك الآن هو اعتياد فحص قائمة المهام الذهنية المربوطة بقائمة الجسم كل يوم. افحص كل مشجب واسأل نفسك: "ماذا على أصابع قدمي؟ ركبتي؟ عضلاتي؟... إلخ, وبالتالي ستراجع القائمة في ثوان معدودة.
سوف أطلب منك خلال لحظات أن تغلق المقال وتفكر في خمسة أشياء ترغب في القيام بها اليوم، ويجب أن تكون عادية مثل التسوق لشراء البقالة والذهاب للمغسلة لإحضار ملابسك وشراء المقال محدد. لا تكتب هذه المهام، بل أغلق المقال وفكر فقط في خمس مهام.
الآن، خذ أول شيء ترغب في فعله وحوله إلى صورة حية. بعدها، وباستخدام خيالك، قم بربط هذا الشيء بإصبع قدمك مع إضفاء الحركة المبالغ فيها. اضف على صورتك مشاعر مختلفة مثل الفرح أو الحزن أو الألم، واجعل نفسك جزءاً من الصورة واحرص على أن تكون الحركة غير واقعية تماماً. أغلق المقال وافعل هذا الآن.

لنراجع ما فعلته. إن كانت المهمة شراء اللبن مثلاً فربما تتخيل عشر علب لبن معلقة على أصابع قدمك أو تسير عليها وتشعر بأنك في وزن الريشة أو تتخيل بقرة ضخمة تأكل أصابع قدمك أو أنك عطشان وتتمنى شرب كوب كبير من اللبن البارد.

أغلق المقال وقم بنفس الإجراء مع باقي المهام الاربع التي حددتها بنفسك. حول كل مهمة إلى صورة واربطها بالمشاجب بالترتيب في قائمة الجسم، أي أن الصورة الثانية ستربطها مع الركبتين, والثالثة مع العضلة والرابعة مع المؤخرة والخامسة مع جانبي الخصر. تخيل الصور بكل وضوح واختر حركة بسيطة لكن قوية. اربط كل صورة للمهمة بمشجب من قائمة الجسم الآن.
بعد إتمام ذلك راجع القائمة لتذكرِّ نفسك بالمهام الخمس وستجد الصور التي قمت بربطها بالمشاجب تتوهج في ذاكرتك على الفور. وهذا ما ستفعله بالضبط في مواقف الحياة اليومية.


ضع في ذهنك أنك تستطيع ربط أي شيء بالمشاجب في خلال ثوان في أي مكان: قبل النوم وأثناء الاستحمام وفي المصعد وأثناء الغسيل وحتى أثناء الطهى ورعاية الحديقة والتنظيف، أو عندما لا يكون هناك وقت لديك للكتابة. أنا أفعل هذا حتى أثناء مكالماتي الهاتفية عندما تطرأ لي فكرة مهمة فجأة. ستتمكن من ربط أي شيء بالمشاجب بسرعة وبسهولة ويسر وأنت مستريح. إن ذاكرتك موجودة معك على الدوام ويمكنك دائماً أن تعالج وتخزن المعلومات في ملفات ذهنية حتى تكون متاحة لك في أي وقت تحتاج إليها.