موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
مهارات التفكير الإيجابي
ليس المهم أن نفكر، لكن المهم أن نمتلك قوة التفكير.
ليس المهم أن نفكر، ولكن المهم أن نمتلك التفكير الإيجابي.
ليس المهم أن نفكر، ولكن أن يقدونا تفكيرنا إلى التميز.
ولذلك فإننا نتحدث سويًا عن قوة التفكير، كيف نمتلك قوة التفكير، ويصبح تفكيرنا إيجابيًا لنرتقي ونتميز، هذا هو بيت القصيد
وكما قيل في الفلسفة النهدية القديمة: (أنت اليوم حيث أتت أفكارك، وستكون غدًا حيث تأخذك أفكارك).
وإذا كان (الإنسان يستقبل في اليوم أكثر من 60000 ألف فكرة! فإن كل ما تحتاجه هذه الكمية الهائلة من الأفكار هو اتجاه، فلو كان الاتجاه سلبيًا أخذ معه ملفات وأفكارًا من مخازن الذاكرة تعادل 60000 فكرة من نفس نوعها، ولو كان إيجابيًا أخذ معه نفس العدد من ملفات وأفكار إيجابية من مخازن الذاكرة من نفس نوعها) [جاك كانفيلد ومارك فينسون هانسون، عامل آلادين، بتصرف يسير].
ولعل الدهشة ستنتابك حينما تعلم أن أحد الأبحاث في كلية الطب في سان فرانسيسكو عام 1986م ذكرت (أن أكثر من 80% من أفكار الإنسان سلبية وتعمل ضده، وهذا يدعم ما نعرفه عن النفس وأنها أمارة بالسوء .. ولو قمنا بحسبة بسيطة وأخذنا نسبة الـ 80% من الستين ألف فكرة ـ التي أشرفنا إليها سابقًا ـ نجد أن محصولنا اليومي من أفكارنا هو 48000 فكرة سلبية كل منها تسبب أحاسيس وسلوكًا وأمراضًا نفسية وأيضًا عضوية! ألا يستحق ذلك منا أن نكون حريصين كل الحرص قبل أن نضع أي فكرة في أذهاننا؟!) [قوة التفكير، إبراهيم الفقي، بتصرف].
ما هو التفكير الإيجابي؟
من حيث اللغة : (فكر في الأمر ، يفكر، فكرًا: أعمل عقله فيه ، ورتب بعض ما يعلم ليصل به إلى المجهول ، وفكّر مبالغة في فَكَرَ، والتفكير: إعمال العقل في مشكلة للتوصل إلى حلها)، وهذا قصرٌ للتفكير على نوعٍ من أنواعه، وهو حل المشكلات [المعجم الوسيط، (2/705)].
يقول إدوارد ديبونو أحد أشهر الخبراء في علم التفكير: (لا يوجد هناك تعريف واحد مرضٍ للتفكير، لأن معظم التعريفات مُرضية عند أحد مستويات التفكير، أو عند مستوى آخر) [تعليم التفكير، إدوارد ديبونو، (41)]، وتعريف التفكير الذي اعتمده في كتابه: (هو التقصي المدروس للخبرة من أجل غرض ما) [تعليم التفكير، إدوارد ديبونو، (41)]، ويعرف التفكير بوصفه مهارة بأنه: (المهارة الفعالة التي تدفع بالذكاء الفطري إلى العمل).
الإيجابي:
نسبة إلى الإيجابية وهي : المحافظة على التوازن السليم في إدراك مختلف المشكلات، وهي: أسلوب متكامل في الحياة ، ويعني التركيز على الإيجابيات في أي موقف بدلًا من التركيز على السلبيات، إنه يعني أن تحسن ظنك بذاتك، وأن تظن خيرًا في الآخرين ، وأن تتبنى الأسلوب الأمثل في الحياة.
وأما باعتبار التركيب فتقول فيرا بيفر: (التفكير الإيجابي هو: الانتفاع بقابلية العقل اللاواعي للاقتناع بشكل إيجابي) [التفكير الإيجابي، فيرا بيفر، ص 12].
وتقول وفاء محمد مصطفى : (هو أن تستخدم قدرة عقلك الباطن ـ عقلك اللاواعي ـ للتأثير على حياتك العامة بطريقة تساعدك على بلوغ آمالك ، وتحقيق أحلامك) [حقق أحلامك بقوة التفكير الإيجابي ، وفاء مصطفى، ص 29].
ويقول سكوت دبليو: (هو قدرتنا الفطرية للوصول إلى نتائج أفضل عبر أفكار إيجابية) [ قوة التفكير الإيجابي في الأعمال ، سكوت دبليو، ص 49].
لا تسمح بعبور الأفكار
إن كثيرًا ممن أعرفهم ـ خاصة من الشباب ـ تأثرت حياتهم وصحتهم تأثيرًا سلبيًا للغاية بسبب تلك الأفكار السامة التي سمحوا بعبورها ونفاذها إلى عقولهم ومن ثم إلى قلوبهم ومشاعرهم، هناك من أصيب بالأمراض النفسية، وهناك من أصيب بالأمراض العضوية، وهناك من فشل في حياته الأسرية وآخرين في حياتهم العملية، وإذا توقفت لتسأل لماذا يحدث كل ذلك؟؟
فإن الجواب في معظم الأحيان يكون بسبب تلك الأفكار السامة التي تتوارد على أذهانهم فيسمحوا بقبولهم ويركزوا عليها ثم تتحول إلى مشاعرهم وأحاسيسهم، وهي كفيلة حقًا أن تدمر حياتهم أو على الأقل تصبغ الكثير منها بالصبغة السلبية.
وفي أحيان كثيرة يكون مصدر أفكارنا السلبية، هي البيئة المحيطة، سواء كانت الأسرة، أو الأصدقاء، أو الإعلام الذي يمارس في كثير من الأحيان أدوارًا سلبية، ويبث أفكارًا سلبية ويعمل على ترسيخها.
الفكر والبرمجة
هناك أفكار كثيرة، وقد لا تأخذ الفكرة الواحدة سوى دقائق معدودة، لكن انتبه!!
مع كون الكثير من الأفكار لا تأخذ وقتًا كبيرًا، إلا أن للفكر قوة جبارة على البرمجة والسيطرة.
يقول الدكتور إبراهيم الفقي: (فمع أن الفكر قد يكون بسيطًا ولا يأخذ من الوقت أكثر من لحظات إلا أن له برمجة راسخة مكتسبة من عدة مصادر جعلوا منه قوة راسخة ومرجعًا للعقل يستخدمه الإنسان داخليًا وأيضًا خارجيًا) [إبراهيم الفقي، قوة التفكير].
وسنعرض لأهم المصادر المؤثرة على عملية التفكير، والتي تعمل على برمجة العقل اللا واعي دون أن نلتفت إلى أهمية الالتفات إليها:
المصدر الأول: الوالدان
أول برمجة اكتسبناها فى حياتنا كانت من الأب والأم، وقد قالت في ذلك الملكة إليزابيث الثانية (لقد تعلمت كما يتعلم القرد، من مشاهدة الأب والأم وتقليدهما تمامًا!)، فمنذ نعومة أظفارنا ونحن نتعلم من الوالدين الكلمات ونشاهد تعبيرات وجوههم فنقلدها وكذلك والسلوكيات والقيم والاعتقادات الدينية؛ ولاشك أن كون هذه البرمجة هي الأولى التي نتلاقها في عالمنا فقد أصبحت راسخة ومرجعًا أساسيًا في التعامل مع أنفسنا أو العالم الخارجي.
ومن المهم أن نعلم أن فترة ترسيخ المبادئ والقيم الأساسية تكون في مرحلة الطفولة، والوالدان هما اللاعب الأكبر في البرمجة الشعورية للطفل .
فمن المهم أن نراجع أنفسنا ونتأمل في أبرز وأهم القيم والمعتقدات والسلوكيات، وبشكل عام الأفكار التي تم برجمتنا عليها من خلال الأفكار التي تلقيناها من الأب والأم خلال المرحلة الأولى، وقد يكون أثرها ما زال قائمًا حتى الآن وهذا في الغالب الأعم.
المصدر الثاني: المجتمع
إن كانت الأسرة وبالأخص ـ الوالدان ـ هي البيئة الأصغر، فإن المجتمع هو البيئة الأكبر، ويلعب دورًا كبيرًا بلا شك دورًا مؤثرًا إذ يعد من أهم مصادر التأثير على الأفكار، وهذا المجتمع يشمل أشياء عديدة نحتك بها في يومياتنا، فيدخل فيه: السائق الذي نتعامل معه بصورة شبه يومية، والجيران من حولنا والذين نراهم صباح مساء، والعامل بالسوبر ماركت الذي نشتري منه أغراضنا، وتتوصع هذه الدائرة لتشمل كل (ما يقوله الناس في المحيط الاجتماعي ـ ويؤثر في تفكيرنا ـ الذي نعيش فيه ويستمر العقل بربط المعلومات التي يتلقاها من أي مصدر خارجي إلى أساس البرمجة المخزنة في العقل اللاواعي وبذلك تزداد البرمجة قوة) [قوة التفكير، إبراهيم الفقي، بتصرف].
المصدر الثالث: العائلة
وهذه أيضًا تعد من مصادر التأثير على أفكارنا، وفي كثير من الأحيان نرى أناسًا متأثرين تمامًا بتقاليد العائلة أو ثقافتها أو ردود أفعالها حيال بعد المواقف، أو توجهاتها الثابتة حيال أناس معينين، فهذا المحيط العائلي (سواء كان من الأخوة والأخوات أو من الحد والجدة أو من العم والخال والمن أولادهم. وهنا يربط العقل المعلومات التي يتلقاها من المحيط العائلي بما تبرمج به من قبل وبذلك أصبحت البرمجة أقوى من ذي قبل) [قوة التفكير، إبراهيم الفقي].
المصدر الخامس: المدرسة:
المدرسة من أبرز مصادر التأثير على أفكارنا، إذ أن الطفل أو الشاب يقضي بها سنوات طويلة بصورة متكررة يوميًا تقريبًا، ويحتك بقدر هائل من المعلومات والأفكار الصادرة من المدرسين بالأساس، (فأسلوب المدرسين المسئولين في المدرسة من كلمات وتعبيرات وأخلاق وسلوكيات وفعل وبسبب أن المدرسة مؤثر قوي في برمجتنا التعليمية كان من السهل أن نأخذ بعض هذه السلوكيات سواء كانت سلبية أو إيجابية ونضيفها غلى برمجتنا السابقة فأصبحت راسخة بقوة في العقل الباطن) [قوة التفكير، إبراهيم الفقي].
المصدر السادس: الأصدقاء:
هذا المصدر يعتبر من أخطر مصادر برمجتنا بعد الوالدين. يعتبر الأصدقاء هم أو إنجاز شخصي في حياتنا؛ لأن الاختيار كان من أنفسنا بدون أي بأثير من الوالدين، وأيضًا للشعور بالاستقلال وللتقبل الاجتماعي، فمن الممكن أن نتعلم سلوكيات سلبية مثل التدخين أو المخدرات أو الكحول أو الهروب من المدرسة أو عادات سيئة من شتي الأنواع، ثم أثر ذلك على برمجتنا الأساسية وبذلك أصبحت البرمجة لها معانا متنوعة وملفات مختلفة في مخازن الذاكرة.
يقول الدكتور عوض مرداح: (المشاعر السلبية إما إحباط أو توتر أو خوف وقلق يصيب الإنسان نتيجة تعرضه لموقف معين في الصغر، أو تعرضه لفشل في فترة سابقة سواء في علاقة زوجية، تعرض لخيانة أو تحرش، خسارة أو فشل في تجارة أو مشروع.
وتتولد المشاعر سواء كانت سلبية أو إيجابية من أربعة مسارات، البيئة. العمل، الحي، أو بيئة المجتمع، الوالدين، الإعلام بمختلف وسائله، وأخيرًا الأصدقاء). [حياتنا من صنع أفكارنا، د. عوض مرداح].
المصدر السابع: وسائل الإعلام:
إن معظم الشباب يشاهدون التلفاز لفترات طويلة قد تصل إلى خمسين ساعة في الأسبوع الواحد؛ لذلك فهو يتأثر بأحداثه سواء كان سلبيًا أو إيجابيًا. فلو وجد الشاب أو الشابة ممثله المفضل أو مغنيه المفضل يدخن، فمن الممكن أن يتأثر به ويدخن وهو الآخر!!
إن الطفل العادي قبل أن يصل إلى الثانية عشرة قد شاهد ما يعادل 12000 جريمة قتل في البرامج والأفلام على شاشة التلفاز مما أدى إلى أن واحدًا من كل اثني عشرة من الأطفال تحت الثانية عشرة يمتلك مسدسًا.
وقد أكد معهد الأبحاث النفسي والفسيولوجي في نيوزيلاند أن أكثر من 60% من حالات الاكتئاب يرجع السبب فيها إلى وسائل الإعلام التي تركز على السلبيات والصعوبات، التركيز على الأخبار السلبية والأغاني الخليعة التي لا تمت إلى قيمنا بأية صلة منتشرة وتزداد انتشارًا في عالمنا وتؤثر في أخلاقيات شبابنا بعمق، وهذا المؤثر الخطير يضيفه الناس على برمجتهم فتصبح أقوى وأعمق من ذي قبل [قوة التفكير، إبراهيم الفقي].
المصدر الثامن: أنت!
كل ما سبق هي أفكار واردة إلينا من العالم الخارجي، وصلت إلينا بكثافة فتمت برمجة العقل اللاواعي عليها، وتحولت لقيم ومعتقدات ثابتة وراسحة، ولقد (أصبحت عندنا القدرة على إضافة سلوكيات جديدة من الممكن أن تكون سلبية أو إيجابية، ويربطها العقل بالمعلومات السابقة فتصبح برمجتنا راسخة وعميقة ويصبح لدينا تكيف عصبي وعادات نقابل بها العالم الخارجي وتكون السبب فى نجاحنا أو فشلنا وفي سعادتنا أو تعاستنا) [قوة التفكير، إبراهيم الفقي].
وكثر من الأفكار السلبية نضعها بأيدينا في بؤرة شعورنا حينما نركز عليها ونتفاعل معها، ولو رددناها لما تسببت في أشكاليات كثيرة حادثة في حياتنا، يقول الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله: (ومن جولاتي حول العالم وتدريب أكثر من مائة ألف شخص سنويًا بفضل الله عز وجل أزداد يقينًا بأن نتائج الإنسان سببها أفكاره المتكررة التي يربطها بأحاسيسه حتى تصبح اعتقادًا وعادة يتصرف بها تلقائيًا بدون تفكير وتكون السبب في فشله أو نجاحه وسعادته أو تعاسته).
وفي الأخير...
هذه ليست النهاية بل هي البداية لمجموعة من المقالات تتحدث تدريجيًا عن التفكير وانتقاله إلى مواطن القوة، وتحويله من الوجهة السلبية إلى الإيجابية، ونحن مطالبين في أول مقال أن نفسح المجال بصورة أكبر للتخيل واسترجاع خط الزمن؛ لنرى الماضي بما كان يحمله من أفكار واردة إلينا من المصادر التي أشرنا إليها، وكيف أثرت هذه الأفكار على حاضرنا بشكل كبير، كما أنها مرشحة لتهديد مستقبلنا... فقط مزيد من الخلوة والتأمل واستراجاع الذاكرة للوقوف عند أفكار فاصلة ومؤثرة في حياتنا.. وللحديث بقية.
المفضلات