كيف نتعامل مع عصيان الطفل لوالديه -
أحمد سعيد إبراهيم

يختلف الأطفال بعضهم عن بعض في درجة طاعتهم في أمور وتعليمات والديهم, فبينما نجد طفلا يتسم بطاعة تامة ورضا كامل لأوامر والديه, فإننا نجد في المقابل أطفالا يكثر عصيانهم لأوامر الوالدين إلى درجة تصيب الوالدين بدرجة من الحيرة الشديدة فلا يعرفان كيف يتصرفان مع عصيان أبنائهم وكيف يحملونهم على الطاعة.
والحق أن التوصل إلى الأسلوب الأمثل والحل الأنسب لهذه المشكلة يحتاج منا أولا أن نتعرف على الأسباب التي تقف وراء عصيان الأبناء إلى الآباء



والتي يمكن أن نلخص أهمها فيما يلي:



1- تربية الأطفال بشكل يتسم بشيء من التدليل والإسراع في تلبية كل مطالبهم مما ينشئ الطفل غير مؤهل لحسن الطاعة لوالديه والإسراع إلى تنفيذ أوامرهما لأن هذا الطفل نشأ على أن الوالدين ينفذان ما يأمر به لا أن ينفذ هو ما يأمر به.



2- ضعف شخصية أحد الأبوين أمام الأخر وخاصة عندما يظهر ذلك جليا أمام الأبناء, فإن ذلك سيطبع صورة مهتزة ضعيفة لأبيه أو أمه مما يحمله أو يشجعه على عدم تنفيذ أوامرهما.



3- حماية أحد الزوجين الأبناء من الأخر عندما يظهر منهم العصيان أو عدم إطاعة الأوامر, فإن ذلك سيشجع الطفل على التمادي في ذلك التصرف الخاطئ بشعوره بأنه لن يتعرض لعقوبة بسبب حماية أحد والديه له، بل وربما أشعره حماية أحد والديه له بأنه يتصرف بشكل طبيعي ولم يخطئ.





4- ضعف الآباء قد يتسبب في عدم متابعتهم لتنفيذ أبناءهم لما أمروا به مما يشعر الأبناء أن عدم تنفيذ أوامر أبائهم لن يترتب عليه أي نوع من أنواع العقاب.




5- قد يقوم الوالدين بإعطاء الأوامر إلى أولادهم بشكل غير محدد أو واضح أو يطلب منه القيام بعمل معين بطريقة لا تحمل معني الحزم وضرورة القيام بذلك العمل مما يسبب شعور الأبناء بعدم جدية أوامر والديهم.




6- كثير من الآباء لا يحاول التغيير من أسلوبه في معاملة أبناءه أو طريقته في إصدار الأوامر إليهم مهما تقدم عمرهم أو اتسعت مداركهم، فنجد كثيرا من الآباء والأمهات يصر على معاملة أطفاله بأسلوب السلطة المطلقة بدلا من تغييرها إلى إسداء النصح والتوجيه والإقناع مما يرشدهم ويمكنهم من سلوك طريق النجاح والنضج وذلك يجعل الطفل يتجه إلى العصيان وعدم طاعة أوامر والديه.





7- الخوف الشديد من الوالدين على أبنائهم, والقلق المفرط تجاههم مما يشعر الطفل مهما كبر أن والديه ليس لديهما أي ثقة فيه أو في قدراته مما يجعله يختار العصيان تمردا على هذا الخوف والقلق اللذان جعلاه وكأنه في سجن فلا يجد خروجا منه إلا عدم طاعة الأوامر.





8- تصادم السلطات داخل البيت بين الأب والأم أو بين الأم والحماة مما يجعل أحد الطرفين يشجع الطفل على عدم طاعة أوامر الطرف الأخر وبالتالي سيجد الطفل المجال متسعا أمامه للعصيان والتمرد.




9- الإسراف في العقوبة قد يكون ـ في تسببه عصيان الأطفال ـ متساويا مع إهمالها تماما، إذ قد يدفع الطفل إلى الغي والزيادة في العصيان رفضا لهذا النوع من المعاملة.






10- تمزق الأسرة سواء بوقوع الطلاق والفرقة بين الزوجين أو كثرة الشقاق والنزاع داخل البيت لأن ذلك يسبب تمزقا عاطفيا لدى الطفل واضطرابا في ذهنه وهو لا يجد وسيلة يجمع بها بين طاعته لكل من والديه فيتجه إلى إرضاء ذاته ورفض الطاعة لسلطة أي من الوالدين.




كيف يكمن القضاء على معصية الأبناء لوالديهم؟



هناك وسائل كثيرة ومنها:



1- يجب أن ندرك أولا أن الأطفال تكتمل طاعتهم دائما لمن اكتملت لديهم محبتهم له, وكلما نقص مقدار الحب لديهم نقص قدر طاعتهم وعلى هذا يجب على الوالدين إعطاء أبنائهم الحب كاملا والعطف والرحمة لأن ذلك سيكون أيسر وأقصر الطرق إلى جعلهم مطيعين طاعة كاملة لوالديهم.



2- الأب والأم يجب أن يعلما أنه إذا كان من الضروري بذل الحب كاملا صافيا لأبنائهما فإن هذا الحب يجب أن يكون مغلفاً بغلاف من الحزم، بمعنى أن الطفل عندما يتلقي أمرا من أحد من والديه يجب أن يشعر بحبه له وحزمه في ضرورة لهذا الأمر.



3- يجب أن تعطي الأوامر للطفل بشكل واضح ليس فيه لبس وبطريقة توحي بجدية الوالدين في تنفيذ هذا الأمر من أبنائه.




4- إذا صدر من الطفل عصيان أو عدم طاعة لوالديه فيجب ألا يكون رد الفعل لدي الوالدين عصبيا متشنجا وكذلك يجب ألا يمر الأمر كأنه لم يحدث وإنما يمكن أن يناقش الطفل مناقشة هادئة ولكنها جادة في سبب عدم طاعته للأمر مع اعتبار ما لديه من أعذار.
5- إعطاء الأطفال قدر من الحرية يتناسب مع تقدم أعمارهم والسماح لهم بزيارة أقاربهم في العطلات والمناسبات لكي يتمكن الطفل الحياة بضعة أيام بعيدا عن جو الأوامر والنواهي في البيت.





6- يجب إحداث تغيير في التعامل مع الأطفال مع تقدم أعمارهم بحيث يشعر الطفل بأنه لم يعد ذلك الصغير الذي لا يصر له الأوامر من والديه وإنما يجب أن يحل محل الأوامر إسداء النصح مع إعطاءه الفرصة بالتصرف بإرادته في ظل توجيه من والديه.




7- يجب أن يمثل الوالدان قدوة طيبة للأبناء في حسن الطاعة والبعد عن العصيان وذلك في طاعتهما أوامر الله عز وجل وتمسكهما بحسن الأخلاق وبخاصة الصدق في الحديث والابتعاد عن الغيبة والنميمة ومواطن العصيان لأن ذلك سيكون عاملا هاما في تنشئة الأطفال على مكارم الأخلاق وطاعة الوالدين.




8- يجب أن يختار الوالدان من السيرة والتاريخ الإسلامي أو مما يطلعان عليه في الكتب من النماذج الطيبة المضيئة التي قد تمثل لأولادها قدوة ومثلا.




9- يجب تعليم الأبناء من آيات القرآن والسنة وأحاديث النبي صلي الله عليه وسلم ما يربي فيهم الطاعة والبر بهما ويعلمهم أن طاعة الوالدان أعظم سبيل إلى رضا الله سبحانه عنهم.