لم تكن تدري إحدى السيدات أن خجلها الشديد من جسدها وموقفها السلبي من الجنس الآخر، هى أمور ناتجة عن تعرضها للإساءة الجنسية، فهي لا تذكر أن أحداً مارس معها أي تلامس جنسي في أي مرحلة من عمرها، لكنها تذكر أنها فى طفولتها كانت ترى والدها يمارس العادة السرية في أماكن ظاهرة من المنزل، لكنها لم تعتبر هذه إساءة جنسية!
هذه فقط بعض آثار التحرش الجنسى، وهذه إحدى صوره، فما هو التحرش؟ وما هى آثاره؟ وكيف يتم التعامل مع الطفل الذى تعرض له؟ وكيف نقى أبنائنا منه؟
هذا ما سوف أنقله لكم من واقع محاضرات حضرتها للأساتذة ، فتفت الخراط وسوزى لطفى، المستشارتين النفسيتين، بمكتب مؤسسة الحياة والاطلاع على مراجع ومصادر أخرى

التحرش الجنسى هو:

أى تصرف جنسي يتم فرضه باستخدام قوة أو سلطة لتحقيق لذة للمعتدى، واستخدام السلطة أو القوة هو ما يفرق التحرش عن لعب العيال الذى لا يتضمن أياً منهما.
وللتحرش صور متعددة:

تعمد ملامسة جسد الطفل، والحد الأقصى لهذا التلامس يتضمن ممارسة الجنس.
الاعتداء البصرى: إجبار الطفل أو تشجيعه لمشاهدة أفعال أو صور مثيرة، أن يتأمل المعتدي الطفل وهو بدون ملابس، أب يطيل النظر إلى جسد ابنته أو يعلق عليه، مشاهدة الطفل للوالدين أثناء ممارستهما للعلاقة الحميمة.. إلخ.
الاعتداء الشفوى: الكلمات الفاضحة مثل أم تعد ابنتها للزواج بإثارتها جنسياً.. إلخ.
والصورتان الثانية والثالثة أصعب بكثير، لأنهما ليستا بوضوح التلامس وتبدوان أقل خطورة منه، مما يترك الضحية في حيرة من أمرها، إن كان قد حدث فعلاً أم أنه وهم.
مفاهيم خاطئة حول التحرش

البنات فقط هم من يتعرضن للتحرش، والحقيقة أن الأولاد أيضاً يتعرضون له.
التحرش يحدث فقط فى الطبقات ذات المستوى الضعيف مادياً واجتماعياً، والواقع أنه يحدث في كل الطبقات.
الأطفال يفكرون في الجنس ويثيرون الاهتمام الجنسي، الحقيقة أن الأطفال لا يحبون الجنس ولا يفهمونه، بل ويخافون منه.
الأطفال خيالهم واسع ويكذبون، نعم.. ولكن لا مبرر لجنوح خيالهم لهذا الأمر بالذات، إلا حدوثه.
إذا كان الطفل موافقاً فهذا ليس اعتداء، إن رضا البالغ يعتبر اعتداء، حيث أنه حتى لو كان الطفل هو البادئ، فمن واجب البالغ منعه.
الاعتداء لا يسبب لذة للطفل: قد يؤدى التحرش أحياناً إلى لذة خاصة إن لم يكن عنيفاً، مما يزيد شعور الطفل بالعار لأنه يعتبر نفسه مسئولاً.
الرجال فقط هم المتحرشون، الحقيقة أن بعض المتحرشين من النساء.
آثار التحرش الجنسى على الطفل
إن تأثير التحرش يختلف من طفل إلى آخر، ويعتمد ذلك على عوامل عديدة:

مدى تكراره في مراحل النمو المختلفة، فكلما كان التعرض للتحرش في مراحل نمو مختلفة للطفل.. كلما زاد التشوه في تطور شخصيته.
من هو المعتدي: فتعرض الطفل للتحرش من قِبَل شخص مصدر رعاية كـ«الأب، الأم، المعلم، رجل الدين.. إلخ»، يترك آثاراً كبيرة جداً، منها: الصدمة، الاغتراب عن الأسرة، اختلاط مشاعر الحب بالجنس والاستغلال، اضطراب العلاقات ومفاهيم الخطأ والصواب.. إلخ.
قصة ما حدث: جدير بالذكر هنا التحرش بلطف مضر أكثر من التحرش العنيف، لأن الطفل فى الحالة الثانية يعرف أنه ضحية، أما في الحالة الأولى فيشعر بالذنب الشديد لأن الأمر يكون مربكاً وغير واضح.
البيئة المحيطة، شخصية الطفل وسنه.
ووفقاً للأستاذة سمر عبده - المستشارة النفسية والاجتماعية، والدكتورة داليا الشيمى - مدير مركز «عين على بكرة للمساندة النفسية والتنمية الأسرية»، فإن التحرش يترك آثاراً سلبية خطيرة وعديدة على الطفل.. مثل:

يصبح لدى الطفل نشاط جنسي زائد، حيث يقوم بسلوكيات سيئة مقلداً أو مجبراً وليس بغريزة حقيقية.
فقدان الشعور بالأمان، والثقة بالنفس وبالآخرين.
كرهه لجسمه وعدم تقبل أعضائه الجنسية.
الشعور بالعجز لعدم قدرته على الدفاع عن نفسه.
ظهور بعض الاضطرابات السلوكية، مثل.. «التبول اللاإرادى، وقضم الأظافر، ونوبات العنف واضطرابات النوم».
علاج الطفل الذى تعرض للتحرش

لأنه موضوع شائك.. فبعض الأهالى قد يميلون إلى إنكاره، معتقدين أن الطفل قد ينساه، لكن الحقيقة أنه إذا لم يتم علاج الطفل من آثار التحرش، فإن الضرر سيتفاقم بالإضافة إلى أنه قد يمارس هو نفسه التحرش عندما يكبر! وتجدر الإشارة إلى أن بعض الأطفال قد لا تظهر عليهم آثار التحرش فوراً، لكن هذا لا يعنى أنه لم يترك آثاراً على الطفل وأنها لن تظهر فيما بعد.
لهذا سواء ظهرت أو لم تظهر على الطفل آثار سلبية، يجب:
ملاحظة سلوكيات الطفل بعد تعرضه للتحرش، لكن دون إشعاره أنه تحت الرقابة.
عرضه على أخصائى أو طبيب نفسي.
ملاحقة المتحرش قانونياً وتعريف الطفل بذلك، حيث أن معاقبة الجانى تعد جزءاً أساسياً في علاج الطفل.
الوقاية خير من العلاج

مد جسور من الحب والتواصل والثقة مع الأبناء، وذلك لتشجيعهم على سرد أى مواقف يتعرضون لها دون خوف من عقاب أو لوم.
ملاحظة تصرفات الطفل بشكل غير مباشر، وتوجيهه بذكاء حتى لا يتعرض لأي مثير من الإعلام أو من البيئة المحيطة فى المدرسة أو الشارع أو بين الأقارب.
الحرص على عدم ذهاب الطفل إلى أماكن غير آمنة.
التثقيف الجنسى للطفل ومده بالمعلومات الصحيحة.