التوسع : توسع انتشار النموذج :
لا تعني الاستمرارية ببساطة أن شيئاً يمكن أن يدوم. فهي تشير أيضاً إلى أن بإمكان مبادرات معينة أن تتطور دون تعريض الآخرين في البيئة المحيطة بها للخطر، في الحاضر والمستقبل.التغيير الراسخ أوسع من مجرد تغيير في مدارس محددة. فهو يمتد إلى مناطق بكاملها، وولايات، وأمم.المدارس والمناطق التعليمية ليست جميعاً على نفس الشاكلة. فالتنوع موجود في صفات الطلاب الاجتماعية والثقافية ، وفي مدى إشراك المدارس للمعلمين في تطوير سياساتها، وفي نوعية القيادة ، وفي الخبرات السابقة مع التغيير. إن من الصعب نقل مبادرة ناجحة في منطقة ما أو في مجموعة مدارس إلى منطقة أخرى. فالمبادرات المنقولة عن بيئتها الأولى تصبح مبادرات مغايرة فوراً- ومبتعدة تماماً عن النوايا الأولى.تُعرف هذه الظاهرة بـ "تحدي الارتقاء". فهو يستلزم تطوير "نماذج طموحة للإصلاح المدرسي" عن طريق "بناء شبكات مسَاعدَة تقنيَّة، ودعم من مدرسة إلى مدرسة، وذلك لأي عدد من المدارس التي تختار تنفيذ تلك النماذج." ويسعى توالد تلك النماذج إلى تغيير التنظيمات والثقافات وظروف التعلم في المدارس باستخدام مدارس ومناطق تعليمية لديها القابلية للمغامرة لتحفيز الارتقاء بالإصلاح عبر تنظيمات أوسع.لقيت عملية ترقية الاستراتيجيات نجاحات متفاوتة. ففي مراجعة لأربعة وعشرين نموذج من نماذج التغيير المدرسي الواسع، ظهر أن ثلاثة منها فقط أظهرت آثاراً إيجابية قوية على التحصيل الطلابي. وكان من اللافت للنظر أن تلك النماذج الثلاثة قد تميزت بتركيز مفروض وضيق ومحافظ إلى حد ما على مهارات القدرة على القراءة والكتابة والحساب أو على التدريس المباشر. لقد وفرت تلك النماذج سعة بلا عمق.إن جهود التغيير الواسع الذي يظهر مؤشرات واعدة بالنجاح ، تتميز بالتركيز المستمر على التدريس، وعلى التطوير المهني المكثف، وعلى الانتقاء الصارم للمعلمين والقياديين، وعلى عوامل التقويم والمحاسبة.ومع ذلك، فإن هذه المبادرات معرضة للتبدلات تبعاً للتوجهات السياسية، وليس لها سجل مثبت بشأن استمراريتها. فلهذه المبادرات بعض السعة، بل وحتى العمق، ولكنها لا تدوم طويلاً. وهذا الاتجاه واضح بشكل أكبر في الأماكن التي تمتد فيها الإصلاحات إلى ما هو أبعد من مجرد منطقة تعليمية واحدة. إن تنسيق التغيير الواسع النطاق، والمحافظة على التركيز الجوهري على التعلم العميق، والمحافظة على الدعم السياسي والاستقرار، وتثبيت القيادات المدرسية وإطالة بقائها في مواقعها… أمور مثيرة للمشاكل بطبيعتها.
محكَّات التغيير: (وسائل اختبار التغيير) :
كيف يمكن للإصلاح أن يصبح ثلاثي الأبعاد؟· ركِّز على التعلم العميق وليس على نتائج الأداء السطحي فقط. تقتضي المعركة التربوية ضد الفقر والحرمان والتمييز العرقي إيجاد روابط واسعة مع العائلات،· وتغييرات رئيسية في نظم المدارس ومناهجها – لنشر التعلم بطريقة عميقة ولإيجاد الظروف المهيئة لحدوثه. إلا أن هذه الحملة غالبا ما تنحدر إلى الانشغال أكثر بتعليم القراءة والكتابة والحساب والمعايير المعرفية. من المؤكد أن تعلم القراءة والكتابة والحساب والمعايير أجزاء من برنامج التعلم الأعمق، ولكنها ليست بديلاً عنه. نتائج التحصيل الجيدة لا تعني بالضرورة تعلماً أعمق.· استخدِم المدارس النموذجية لإعادة التثقيف وليس لمجرد إعادة بناء النظام فحسب. يتطلب التعلم العميق تغييرات تحرِّض المدارس عادة على هذا التحول باستخدام استراتيجية الصدمة والتقليد. في مثال مدرسة لورد بايرون،· شعر المربون من المدارس الأخرى بأن الإدارة التعليمية بالمنطقة قد "حشرت نموذج بايرون في حلوقنا." فأصبحوا مرتابين ،· وغاضبين وأصيبوا بالغيرة تجاهها. وبحث الكثير من زوار المدرسة عن عيوبها من أجل أن لا يضطروا إلى محاكاة سياساتها.وبالرغم من أن أجزاء معينة من تراث المدارس التجديدية يمكن تبنيها بشكل واسع -النظام الفصلي في مدرسة بايرون على سبيل المثال أو مجموعات المرشدين الطلابيين في مدرسة بلو ماونتن -إلاّ أن الإصلاح عن طريق استنساخ الأنظمة بالجملة غير مستحسن. وعلى غير ما كان متوقعاً، فإن مدرسة بايرون استطاعت أن تصنع إسهاماً طويل المدى في مجال الإصلاح المنظم ، وذلك من خلال إعادة التثقيف ومن خلال إعادة البناء. لقد نشر القياديون الذين غادروا مدرسة بايرون أنفسهم في طول النظام التربوي وعرضه ، مصدِّرين لنظام مدرسة بايرون وفلسفتها، حتى أنهم أصبحوا شيئاً فشيئاً متغلغلين في ثقافات المدارس الأخرى. لذا فإن باستطاعة المدارس النموذجية أن تعمل بشكل أفضل ، إذا ابتعدت عن أن تكون نماذج للنسخ "الكربوني" القصير المدى. واتجهت بدلاً عن ذلك لتكون أماكن لتنمية ثقافات وقيادات في عمق النظام على المدى الطويل.· عامِل الواقع السياسي الأوسع كمكمّل لجهود إصلاح المدارس والإدارات التعليمية. يجب أن يكون هدف الإصلاح التربوي هو إيجاد تغييرات كبيرة،· وليس مجرد إصلاحات جزئية هنا وهناك. ولكن كثيرا ما تعوق التداعيات السياسية تحقيق هذا الهدف. ومع ذلك فإن الإصلاحيين والباحثين نادراً ما يواجهونها بشكل مباشر. فإذا غيرت حكومات معينة هذه الظروف،· فإن من المحتمل أن تعمل تحولات لاحقة في التوجه السياسي على إبطالها. وفي النهاية،· فإن التربويين سيحسِّنون من أدائهم ليسيطروا على الرأي العام الذي تعتمد عليه الحكومات،· وذلك بجعل ممارساتهم وجهودهم التحسينية شديدة الوضوح، وبمساهمتهم في إيجاد حركة اجتماعية واسعة من أجل تحولات كبيرة وعميقة وراسخة في التعليم العام مما يفيد جميع الطلاب.لا يتحقق الإصلاح العميق والراسخ والراقي بالتعاميم الرسمية، ولا باستراتيجيات الصدمة والتقليد، ولا بالإصلاحات السريعة. إن توقع صنع تقدم كامل في الأبعاد الثلاثة(العمق والامتداد الزمني والسعة) في نفس الوقت أمر غير واقعي. إن الإصلاح الثلاثي الأبعاد عمل متوازن وطموح ومعقد ومثير للجدل في نفس الوقت. ومن الواجب على أولئك الذين يعتقدون خلاف ذلك أن يسألوا أنفسهم: لماذا عانت الاستراتيجيات الأسهل والأقصر مدى من الفشل المستمر حتى الآن؟
المفضلات