عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
فن العتاب والمعاتبة
العتاب والمعاتبة ، من آكد ما يبقي المودة ويُشعر بالرحمة والقرب والألفة.ولذلك نجد في القرآن الكريم كيف أن الله جل وتعالى كان يعاتب أنبيائه ورسله وعباده الصالحين ..( عفا الله عنك لم أذنت لهم ..) ! وتقرأ في طيّات نصوص السنة شدة الحرص والرحمة بالأمة من خلال همسات العتاب ومواقفه ..وبمثل هذا يبقى العتاب أسمى ما يكون حين يؤلف القلوب ، ويرتق الفتق في رحمة وإشفاق ..ومن هنا وجب على المتحابين بجلال الله أن يرقوا بمعاتباتهم ، وأن تسموا بهم روح الإيمان فتتعانق الأرواح طهرا وحباً وهي تبلسم بعضها بعضا لتداوي جراحها بيد الإشفاق والعطف والرحمة ..تلكم هي الروح السامية بسمو الإيمان..تلكم هي الروح التي تأسرك بشفافيتها ..الروح التي تجذبك إليها بلطف ..وتدفع عنك الأذى بحرص ..تخرج منها الكلمة فتسمع روحك همسها قبل أذنك .. إنها ليست معاتبة .. بل هي همسات الروح للروح ..فهل بلغنا مبلغ الأخوة التي يغبطنا عليها الأنبياء والشهداء والصالحون .؟!أم أن نفوسنا لمّا تزل ترابيّة الأصل والطموح ؟
! الأولى : كثرة اللوم في الغالب لا يأتي بخير ..لكن ليس كل اللوم !!، وإنما كثرة اللوم والعتاب ، فإنها تنفر منك الصديق ، وتبغّض عليك العدو ..ومن لا يغمض عينه عن صديقه : : : وعن بعض ما فيه يمت وهو عـــــاتب ومن يتتبع جاهداً كل عثــــــــرة : : : يجدّها ولا يسلم له الدهر صاحب !!ثق تماماً أن لحظة كدر في عتاب قد تفسد عليك أخوة دهر !وتسرع في عتاب .. يفرّق عليك رأس المال ..
الثانية : لا تطلب من الآخرين عدم الخطأ .. وإنما اطلب منهم أن لا يستمروا في الخطأ إذا علموه . وهكذا ينبغي أن نقبل الآخرين .. على أنهم بشر يخطئون .. فإنك إن لم تكت كذلك أوشكت أن تشق على الناس أو تهلك نفسك ..بكيت من عمروٍ فلمّا تركته : : : وجرّبت أقواماً بكيت على عمرو!
الثالثة : أزل الغشاوة عن عيني المخطئ .! تمهل قد يكون المخطئ غطت على عينيه غشاوة الخطأ أو المعصية .. فلا تستعجل في ذم أو تقبيح .. بل ابذل جهدك في إزالة الغشاوة عن عين المخطئ ..
الرابعة : اختر الكلمات اللطيفة في العتاب والمعاتبة ..لا تقبّح ، أو تسب أو تشتم ..فالمؤمن ليس بالطعّأن ولا اللعان ولا الفاحش البذيء !فكيف تراها تكون هذه الكلمة طيبة ؟!بعبارات التلاوم والذم والشتم وجرح المشاعر ؟!!أم ترى أن للكلمات أنوار إذا برقت بروقها أنارت فؤاد المستمع !
الخامسة : اترك الجدال ..في عتابك لا تجادل .. لأنك بالجدال قد تخسر النتيجة وقد تكون أنت المحق ..ثم إن المجادل قد يربط الحق بكرامته ، فيدافع عن كرامته لا عن الحق .. وهنا تكون القاضية !فلا الحق أُحقّ .. ولا المودة بقية ..
السادسة : ضع نفسك موضع المخطئ .. ثم فكر في الحل !لأنه لا يكفي منك أن تنتقد وتعاتب ..بل لابد مع العتاب بلسماً .. السابعة : ما كان الرفق في شيء إلا زانه .." إن الله رفيق يحب الرفق "" وإن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق .."!
الثامنة : دع الآخرين يتوصلون لفكرتك .. واجعل المخطئ يكتشف خطاه بنفسه ، ثم هو يكتشف الحل بنفسه .يُذكر أن رجلاً في الهند كان يعادي إمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب عداء شديداً ، ويحارب كتبه ومؤلفاته ويحذر منها ..فاحتال احد الفضلاء حيلة .. غيّر بها اسم الشيخ من : محمد بن عبد الوهاب ، إلى : محمد بن سليمان التميمي .. وأهدى جملة كتب الشيخ لهذا العالم الهندي فلمّا قرأها أعجب بها ، ووجدت في قلبه قبولا وأثرا حسناً .. فأعلمه هذه الحكيم أن هذه الكتب من مؤلفات إمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب .. فماكان من هذاالعالم الهندي إلا أن جثى على ركبتيه من البكاءوالحسرة والألم على ما كان منه من عداء للإمام .. فصار من أكثر الناس دعوة وتوزيعا ونشرا لكتب إمام الدعوة في محيطه .
التاسعة : عندما تعاتب ..اذكر جوانب الصواب ..اشعر المخطئ ( المعاتب ) بالإنصاف ، فإن ذكرك محاسنه وجوانب الإشراق فيه يجعله أدعى لقبول النصح والحق ، وأبقى للمودة بينكما ..
العاشرة : لا تفتش عن الأخطاء الخفيّة ..وعامل الناس بحسن النية ..فإنك إن ذهبت تتبع عورات المسلمين أهلكتهم ، وأوشكت - بله - أن تفضح نفسك .."من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه "!!الحادية عشر : استفسر عن الخطأ مع إحسان الظن والتثبت !إنك بهذا تشعره بالإحترام والتقدير .. كأن تقول : زعموا أنك فعلت !! لا تعاتب .. قبل أن تستفسر عن الخطأ .. لعل له عذرا .. أو مخرجاً .. أو كرهاً !!الثانية عشر : امدح على قليل الصواب يكثر من الممدوح الصواب ..لاحظ النفس الطاهرة البريئة ..نفس الطفل التي لم تشبها شائبة الغل والحقد وحب الذات ..
الثالثة عشر : تذكر أن الكلمة القاسية في العتاب تقابلها كلمة طيبة تؤثر أكثر من الكلمة القاسية .عند الصينين مثل يقول : نقطة عسل تصيد من الذباب ما لا يصيده برميل من العلقم !!
الرابعة عشر : تذكر ... أن الناس يتعاملون بعواطفهم أكثر من عقولهم !!فامزج خطابك بعاطفة الحنو والقرب والإشفاق والحرص ..
الخامسة عشر : اعط الخطأ حجمه ..فلا تعظّم حقير ..ولا تحقّر عظيم ..فإنك حين تعظّم الحقير توغر الصدر ..وحين تحقّر العظيم تفسد الأمر ..
السادسة عشر : ابن الثقة في نفس المخطئ ..ليكون أقدر على مواجهة الخطأ وإصلاحه .
السابعة عشر : لا تعيّر ..!!
المفضلات