يرجع تاريخ بداية علم تحليل وقراءة الوجه الذي يعرف حاليا بالفيسونومي أو عربيا بعلم فراسة الوجوه إلى ما يقرب من 2500 سنة. اكتشاف طباع ومزاج وشخصيات الإنسان من خلال ملامح وجهه برز في أدبيات اليونانيون وأشعارهم في وقت مبكر في القرن الرابع والخامس الميلادي. تكلم عن هذا الكثيرون لعل أبرزهم الفيلسوف أرسطو وعالم الرياضيات فيثاغورس. الأطروحات الأولى المبنية على أسس كانت تنسب إلى أرسطو عبر كتاب Physiognomica أو ما يسمى Physiognomics أو Physiognomy. مصطلح الفيسيونومي Physiognomy مكون من شقين فيسيو (من physis) وتعني طبيعة و نومي (من gnomon) وتعني حكم أو تفسير، أي تفسير الطبيعة أو الحكم على الطبيعة. وهو علم ناشيء من نظريات وعلوم شعبية تستند على دراسة الوجوه وقراءتها والحكم على أصحابها من خلال التعرف على دلالات ملامح الوجه وتقاطيعه وسماته الخارجية وتضاريسه على الطبع والشخصية والمزاج. قام أرسطو بتقسيم هذا العلم إلى جزأين جزء متعلق بالسلوك البشري وجزء آخر بالسلوك الحيواني. بعد أعمال أرسطو وأطروحاته نشرت أعمال أخرى عن طريق اليونانيون كهوميروس. برز بعض الكتاب اللاتينيين الكلاسيكيين كجوفينال و سيتونيس وبليني الذين أسهوا من خلال كتاباتهم في الفسيونومي على أسس تطبيقية. ظلت أطروحات أرسطو قائمة واعترفت الكثير من الشعوب والحضارات بإمكانية تحليل الطباع والمزاج والشخصية من ملامح الوجه لكن لم يحصل أي نمو وتطور في هذا العلم خاصة عند العرب والهنود والصينيون في ذلك الوقت وإن كان لكل شعب وحضارة فلسفتهم الخاصة ومدرستهم في هذا الموضوع، فالعرب مثلا مميزون بأنهم أول من تحدث بأن أي فن مرتبط بمعرفة الأمور الباطنة والخفية من ظواهرها يندرج تحت فن الفراسة. برز الطبيب أبو بكر محمد بن زكريا الرازي كأحد الذين أسهموا في هذا العلم ولا يغيب اسمه في المراجعات التي تتناول تطور علم الفسيونومي وتاريخه، وممن ألف كذلك الإمام شمس الدين الأنصاري والإمام فخر الدين الرازي وغيرهم.

ظل شيوع استخدام الفسيونومي الكلاسيكي المبني على الوصف فترة طويلة وكان أقرب للفن والفلسفة منه للعلم بل اعتبر أحيانا تنبئي تنجيمي واستخدم المصطلح وشاع عند الإنجليز في القرن الخامس عشر ودرس العلم في الجامعات في إنجلترا حتى عهد هنري الثامن عشر حيث تم إعادة استقراء علم الفسيونومي حسب النظريات اليونانية. انضم علم الفسيونومي إلى علوم أخرى لم يتم تقبلها كعلوم حقيقية كعلم تحليل الخط (الجرافولوجي) وعلم البالمستري (علم الكف) وغيرهم.

روج لفكرة علم الفسيونومي في العصر الحديث القس السويسري يوهان كاسبر لافاتير (1741-1801) الذي يعتبر أب علم الفسيونومي عن طريق مقالاته التي نشرت في ألمانيا عام 1772 وأكسبته شعبية كبيرة مما جعلها تترجم إلى الفرنسية والإنجليزية حيث أن ما نشره كان على أسس قابلة للقياس والتحقق والإثبات. نشر الكثيرون من بعده في هذا العلم في أدبياتهم ورواياتهم وأشعارهم أمثال بالزاك وأميليا أوبي وجورج بورو بالإضافة إلى المقالات الوصفية لتشارلز ديكنيز و توماس هاردي و شارلوت برونت والشاعر الأمريكي إدجار ألين.

في القرن الثامن عشر ظهرت بعض النظريات التي وجهت تطبيق الفسيونومي إلى معرفة الميول الإجرامية من ملامح ووجوه الأشخاص لعل أبرزها نظريات لومبروزو الذي حاول ربط الفسيونومي بالأمراض والاضطرابات النفسية. نظرية لومبروزو واجهت الكثير من الانتقادات في ذلك الوقت. ظهرت بعد ذلك علوم أخرى تحاول أن تعيد بناء علم الفسيونومي لكنها اندثرت كعلم الفرينولوجي الذي انتشرت شعبيته في القرن التاسع عشر وخاصة في أمريكا وبعض دول أوروبا بالإضافة إلى علوم أخرى تختص بفراسة الشخصية من الوجه والملامح كالبيرسونولوجي والكركترولوجي وغيرها.

في القرن العشرين انتشرت الأبحاث في موضوع الفسيونومي خاصة عند علماء الإنسان (الأنثروبولوجي) أمثال مارجريت في أمريكا في الثلاثينيات وعلماء النفس أمثال إكمان في الستينيات. حاليا يدرس علم الفسيونومي في بعض الجامعات العالمية وهناك العديد من تطبيقاته في مجال المخابرات والتعرف على شخصيات المجرمين وفي مجال علم النفس ومجال التعرف على شخصيات وطباع البشر والتعامل معهم وفي المجال الطبي للتعرف على الأمراض عن طريق التغييرات التي تطرأ على الوجه وملامحه ودراسة تأثيراته على العين والبشرة.