عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
أشدّ نقد
أشدّ نقد
أشدّ نقد يوجهه روبرت إ . لي
إن جنرال روبرت إ . لي لا يستخدم تقنية الشطيرة هذه ، ولكنه وعى أهمية بذل المديح في طوايا النقد العنيف.
هل تذكر معركة جيتيسبرج، وكيف أن قائد فرسان لي – جيب ستيوارت – أخفق في تزويده بالمعلومات عن قوات الاتحاد؟ لقد كان بوسع لي إقالة ستيوارت، وبعد القادة في جيش شمال فيرجينيا اعتقدوا بحتمية تقديك جيب ستيوارت للمحاكمة العسكري، ولكنًّ لي لم يكن ليخسر قائدًا عظيمًا لسلاح الفرسان، ومع ذلك فلم يكن بوسعه أن يترك هذا الفعل يمر دون انتقاد؛ فلو أنه فعل هذا، لكان من الممكن أن يكرر ستيوارت هذا الفعل ثانية في المستقبل ، ورغم أن اللواء جيب ستيوارت لم يكن يبلغ من العمر أكثر من ثلاثين عامُا، فإنه كان سريع الغضب ، ولو لم يكن لي حريصًا في نقده ، لا احتمل أن يستقيل ستيوارت من الجيش بأية وسيلة ، وإليك كيفية معالجة الفريق أول لي للموقف ، وذلك وفقًا لما رواه المؤلف الشهير مايكل شارا:
“ لقد كنت أنت عيني اللتين أرى بهما ، وكانت مهمتك تتمثل في ستر هذا الجيش عن فرسان العدو ، وإبلاغ أية تحركات من جانب قوة العدو الرئيسية ، وأنت لم تنفذ هيه المهمة “ .
وقف ستيوارت لا يبدي حراكًا.
استطرد لي : “ لقد تركت هذا الجيش لعدة أيام دون إبلاغ كلمة عن تحركاتك أو تحركات العدو، واضطررنا للدخول في معركة دون معرفة كافية عن موقف العدو أو قوته ، ودون معرفة عن الأرض، ولولا رحمة الله ما كنا نجونا من هذه الكارثة “ .
كان ستيوارت يشعر بالألم بينما الرجل العجوز بالشفقة نحوه ، ولكن هذا النقد كان ضروريًا مثل ضرورة اقتلاع الأسنان المصابة بالتسوس ، ولم يكن ثمة طريق للرجوع ، وحتى مع هذا ، كان شعوره بالإشفاق يتصاعد ، وأراد أن يقول : حسنًا يا غلام ، لا تبتئس ؛ فهذا مجرد درس . مجرد لحظة تعلم قصيرة مؤلمة ، سرعان ما تنتهي ، تماسك وسينتهي الأمر على ما يرام ، وبدأ صوته يلين لقد حدث ذلك رغمًا عنه.
“ قد تكون أسأت فهم أوامري . لعلي لم أكن واضحًا معك ، ولكن لابد أن يكون هذا واضحًا : أنت وفرسانك عيون هذا الجيش ، وبدونكم نحن عُمي أما وقد حدث هذا مرة ، فلا تدعه يحدث مرة أخرى أبدًا “ .
ثم خيمت لحظة من السكون ، لقد قُضي الأمر ، أراد لي أن يبث السكينة في نفسه ، ولكنه أثر الانتظار وأتاح له الوقت لينفذ النقد إلى أعماقه ، ويؤتي أثره مثل الدواء . كان ستيوارت واقفًا يتنفس بصوت مسموع ، وبعد برهة ، مد ذراعه ، وتجرد من سيفه – بأسلوب مؤثر – وناوله إياه على وجهه علامات التأثر البالغ ، ارتسم العبوس على وجهة لي ، بدت عليه علامات الضيق، واستدار نصف استدارة بوجهة ، مشبكًا يديه من الخلف ، قائلاً إنه طالما لم يعد يحظى بثقة الفريق أول لي... ، ولكن لي قاطعة بشدة وحسم.
“ لقد أخبرتك أنه لا وقت لدينا لهذا ، فنحن بصدد معركة في الغد ، ونحتاج إليك ، الله أعل أننا نحتاج إلى كل رجل ، لابد أن تفهم ما قلته لك وتتعلم منه ، كما يفعل الرجال ، لقد وقع خطأ ما، وهذا الخطأ لن يقع ثانية . أنا أعرف معدنك ، فأنت جندي صالح . أنت كعهدي بك ضابط جيد بسلاح الفرسان ، وما أسديته من خدمات لهذا الجيش لا يقدر بثمن ، لقد اكتشف أني أعتمد على ما تزودني به من معلومات ، وجميع تقاريرك تتسم دائمًا بالدقة ، ولكن لا جدوى من التقرير الذي لا يبلغنا وهذا ما أردت منك معرفته.
ثم رفع الفريق أول لي يده قائلاً:
“ أما الآن ، فدعنا نكف عن الحديث في هذا الأمر ولا نعد إليه ثانية “ .
ولا تعتقد أن قادة الجنوب وحدهم هم الذين مارسوا هذه القاعدة المهمة من قواعد القيادة ، فبعد وقوع ريتشموند في الأسر ومطاردة جيش لي ، انتهر الفريق أول يوليسيس س . جرانت إلى أن واحدُا من مرؤوسيه وهو الفريق جورج مياد – قد ارتكب خطأ كبيرًا ، كان مياد قد أصدر أوامر لو تم تنفيذها ، لأتاحه الفرصة لفرار لي ، ذهب جرانت بنفسه فورًا لشرح الموقف لمياد، يقول جرانت : “ .. . وصلت إلى مقر مياد نحو منتصف الليل ، وشرحت له أننا نريد إتباع العدو، بل نريد أن نسبقه ، وأن الأوامر التي أصدها تمكن العدو من الفرار.. . فغير مياد أوامره على الفور “ ..
إذا ما أردت من الآخرين فعل ما تقوله ، فليكن ثناؤك علانية ، ونقدك سرًا ، وليكن نقدك مصحوبًا بالثناء.
المفضلات