ونستعرض في التالي أبرز التحولات التي يشهدها النشاط الدماغي على امتداد ساعات النهار, وأفضل مايمكننا القيام به خلال كل فترة من هذه التحولات.
ما بين الساعتين 7 و 9 صباحاً: هذه الفترة هي الأفضل لتمتين العلاقات الزوجية, تقول عالمية الأعصاب البروفيسورة اليا كاراتسوريس, إن السبب يعود الى ارتفاع مستويات الأوكسيتوسن (هرمون الحب9 عند الاستيقاظ, وهذا يجعل الفترة الصباحية مثالية لتقوية العلاقات الزوجية والعائلية وعلاقات الصداقة.
ما بين الساعتين 9 و 11 صباحاً: تسجيل مستويات هرمون التوتر الكورتيزول أرتفاعاً متوسطاً في الدماغ مع حلول هذه الساعة, وهذه الكمية المعقولة من الكورتيزول تساعد الذهن على التركيز, وكانت دراسة أجريت في جامعة ميتشيغان الأميركية قد أظهرت أن طلاب الجامعة والبالغين المتقاعدين يكونون أسرع في الاستجابات الذهنية في الصباح, وأن حدة الذهن والتيقظ تتراجعان بعد الظهر, وهذه الفترة مناسبة لتطوير أفكار جديدة, وكتابة التقارير وايجاد حلول للمشكلات الصعبة, تقول البروفيسورة كارولين يون, الاستاذة المساعدة في جامعة ميتشغيان, ان الاشخاص في سن الاربعين وما فوق يكونون أكثر تيقظاً في ساعات النهار المبكرة, لذلك فإنها تنصح ببرمجة النقاشات العائلية, في هذه الفترة المبكرة من النهار, كي يتم ايجاد حلول سريعة لها.
ما بين الساعتين 11 و 2 بعد الظهر: تهبط مستويات هرمون النوم الميلاتونين في هذه الفترة, الى أدنى مستوياتها, وهذا يعني أننا نكون خلالها جاهزين للقيام بعدد كبير من المهمات والمشروعات, يقول البحاثة الألمات إن الوقت الذي تتطلبه ردود فعلنا واستجاباتنا في هذه الفترة يكون قصيراً جداً, كذلك فإن قدرتنا على إنجاز الكثير من الأعمال, ترتفع في فترة منتصف النهار, ويستحسن إذن تكريس هذه الفترة, للإجابة عن كل الرسائل الإلكترونية والبريدية, تقديم التقارير المختلفة الى المدير, وحل المشكلات الزوجية المستعصية. لكن البروفيسور رينيه موروا, الأستاذ المساعد في علم النفس وعلوم الأعصاب في جامعة فاندربيلت الأميركية, يقول: إن التمتع بالقدرة على انجاز العديد من المهمات, يجب ألا يدفعنا الى إنجازها في الوثت نفسه, لأن ذلك يرهق الدماغ والأفضل هو إنجازها الواحدة تلو الأخرى.
ما بين 2 و3 بعد الظهر: هذه التفرة هي الأفضل لأخذ قسط من الراحة, يقول الدكتور سانغ لي, من رابطة دراسات الدماغ الدولية, إن هذا التوقيق مناسب لتناول وجبة الغداء, خاصة أن عملية الهضم تستقطب الدم نحو المعدة, وتبعده عن الدماغ, وهو ينصح بتفادي تناول وجبة الغداء قبل هذا الوقت, أي عند منتصف النهار, لأن ذلك سيجعلنا نشعر بالرغبة في النوم, وكانت دراسة أجريت في جامعة هارفرد, قد أظهرت أن الإيقاع الطبيعي للجسم, أي الساعة البيولوجية التي تنظم النوم واليقظة, تكون أيضاً خلال هذه الفترة في مرحلة خمود قصير, مايتناسب مع الراحة التي ينشدها الدماغ في الوقت نفسه. انطلاقاً من ذلك يمكن تخصيص هذه الفترة للقيام بأنشطة تساعد على الاسترخاء, مثل التأمل, أو أنشطة لا تتطلب الكثير من المجهود الفكري, مثل قراءة مجلة, أو دخول مواقع "الانترنت" ولكن من الضروري الابتعاد عن كل ما يمت للعمل بصلة. واختيار قراءة المجلات المفضلة لدينا, أما إذا كانت ظروف العمل لا تسمح لنا بأخذ قسط من الراحة, وغذا ما شعرنا بالخمول (وهو طبيعي في هذه الفترة) فينصح لي بالخروج في نزهة سريعة على القدمين. أو احتساء الماء, فكلا النشاطين يساعدان على إبعاد الدم عن المعدة وسحبه في اتجاه الرأس, فالماء يزيد من حجم الدم في الدورة الدموية ويعزز انسيابه الى الدماغ.
ما بين الساعتين 3 و 6 بعد الظهر: مع حلول هذا الوقت, ندخل في فترة التعاون والاشتراك مع الآخرين في إنجاز المهمات, يقول البروفيسور بول نوسبوم, الاستاذ المساعد في الجراحة العصبية في كلية الطب, في جامعة بيتسبورغ الأميركية, إن الدماغ يكون تعبا في هذا الوقت, لكن هذا لا يعني ان نكون معرضين للتوتر والاجهاد النفسي, بل على العكس, فقد أظهر العلماء في جامعة ميتشيغان, أم مستويات الكورتيزول تنخفض عادة, خاصة لدى النساء, في وقت متأخر من فترة بعد الظهر, وأفضل ما يمكن أن نقوم به في هذه الفترة هو مشاركة الزملاء في مناقشة موضوعات العمل, فعلى الرغم من اننا لا نكون متيقظين ذهنياً مثلما كنا في فترة سابقة خلال النهار, إلا أننا نكون أكثر هدوءاً, ما يساعد على المشاركة في اجتماعات غير خاضعة لأي ضغوط, ويمكن للأشخاص الذين ينهون دوامهم مع حلول هذا الوقت, أن يقوموا بنشاط مختلف تماماً عن عملهم, وتعتبر مارسة الرياضة أفضل مايمكن القيام به, وكانت الدراسات قد أظهرت أن قوة قبضتنا, والبراعة اليدوية, والمهارات الجسدية الأخرى تبلغ ذروتها في هذه الفترة, لكن لا يجب تأخير موعد ممارسة الرياضة لأن الأدرينالين المتبقي في الجسم على أثر ممارسة الرياضة, يمكن أن يؤثر سلباً في النوم, لذلك يستحسن ممارسة الرياضة قبل العشاء لتفادي هذه المشكلة.
ما بين الساعتين 6 و 8 مساء: وجد البحاثة أن الذهن يدخل خلال هاتين الساعتين في فترة من التيقظ, ينخفض خلالها مستوى هرمون الميلاتونين الذي يحث على النوم, الى أدنى مستوياته, وهذا يعني أنه من المستبعد جداً الاحساس بالتعب في هذه الفترة, وأظهرت الدراسات أيضاً أن براعم الذوق تكون ناشطة جداً في هذا الوقت, وذلك بسبب التغيرات البيولوجية الطبيعية في مستويات النشاط المرتفعة للقيام بالمهمات المختلفة, خاصة الصعبة منها, كذلك يمكن تمضية الوقت مع أفراد العائلة, أو في إعداد وجبة عشاء لذيذة, ويمكن الحفاظ على مستويات الطاقة عن طريق الخروج الى الهواء الطلق, وتعريض النفس لأشعة الشمس قبل غروبها, فأشعة الشمس تساعد على تعزيز إفراز السيروتونين.
ما بين الساعتين 8 و 10 مساء: تشهد هذه الفترة نقلة مفاجئة من التيقظ التام, الى الإحساس بالنعاس, ويعزو البحاثة الأستراليون والبريطانيون سبب ذلك الى الارتفاع السريع في مستويات الميلاتونين, وفي الوقت نفسه نشهد انخفاضاً موازياً في مستويات السيروتونين,, الناقل العصبي المرتبط بالتيقظ, يقول الاختصاصي الأمريكي البروفيسور روبن نايمان, أستاذ الطب في جامعة أريزونا, إن ما نسبته 80% من السيروتونين ,يتم إنتاجه في الجسم بفعل التعرض لضوء النهار, ومن الطبيعي أن تنخفض مستوياته بعد غروب الشمس, وأفضل ما يمكن القيام به خلال هذه الفترة, الاسترخاء ومشاهدة فيلم فكاهي خفيف, كما يمكن القيام بأنشطة خفيفة تتميز بالحركات المتكررة الرتيبة, التي تساعد على الارتياح وإزالة التوترات, مثل غزل الصوف, وينصح نايمان بتفادي حل الألغاز, أو الأنشطة التي تتطلب مجهوداً ذهنياً, في هذه الفترة التي يكون فيها الدماغ تعباً, والحرص على القيام بكل ما من شأنه تعزيز حالة الاسترخاء.
الساعة 10 وما بعد: يتوق الدماغ في هذه المرحلة الى تنسيق وترتيب كل ما تعلمه خلال النهار, وهو ما يقوم به أثناء النوم, ويجب أن تكون الأولوية لدينا, الخلود الى النوم والتمتع بليلة نوم كاملة مريحة, والواقع أن النوم يساعد على إيجاد الحلول لمسائل شهدناها خلال النهار, فقد تبين في إحدى الدراسات الحديثة, أن أكثر من نصف الأشخاص الذين تعلموا مهمة ما خلال النهار, نجحوا في إيجاد طريقة أسهل للقيام بها, وذلك بعد نومهم مدة 8 ساعات, ومن الضروري في هذا الوقت تخفيف حدة الأضواء في المنزل بعد العشاء, كي يتأكد الجسم أن النهار قد انتهى, وأفضل ما يمكننا القيام به في هذه الساعة هو التمدد وقراءة كتاب جيد, أو كتابة المذكرات اليومية, أو قراءة شيء نريد أن نتذكره في اليوم التالي
|
المفضلات