النهوضالابداعي...للفرد...

كيف تسير في طريقالابداع...
أولا: عدمالاعتماد على الحلول الجاهزة

يعتمد الأفراد ـ غالباً ـ عندمواجهة أي طارئ أو بحث أية مسألة مستجدة على مخزون ذاكرتهم من نظريات وحلول مماثلةأو مشابهة لما يحدث لهم، ونقل التجربة السابقة كاملة أو مبتورة لمعالجة الطارئالجديد أو القادم باعتبار هذه الطريقة افضل الخيارات وأسرعها في حل المشاكل وإنهاءالأزمات. ونجاحها مرة لا يعني بأي حال من الأحوال اعتمادها مرهماً لكافة الجروح،فقد أثبتت التجارب أن التكرار ممل وقاتل وخصوصاً في المسائل الاستراتيجيةوالعسكرية، لذلك يلزم ترك الماضي وما يحمل من نجاحات واخفاقات، والتنقيب عن حلولجديدة تفاجئ الجميع.

ثانياً: التأني في حسمالمواقف

لا شك أن السرعة مطلوبة في الكثير من القضايا، ولكن لا علىحساب الجودة والنوعية أو الإحاطة والإلمام بجوانب الموضوع المختلفة، فالبعض منالناس بحجة ضيق الوقت والإسراع في إنجاز المهمة والبرنامج يتوقف عند حدود معينةويكتفي بما حصل عليه من نتائج متواضعة أو جزئية، في حين يتطلب الموقف ضغطاً اكبرعلى العقل لا خراج كل ما لديه من إبداعات مع مراعاة عنصر الزمن ـ طبعاً للطوارئأحكام ـ واكتشاف ارقى الرؤى وانضج الحلول.

ثالثاً: زرع الثقة بالنفس.

الحياة تجارب،والتجارب قد تصيب حيناً، وتخطأ حينا آخر، (وفي التجارب علم مستأنف) كما قال أميرالمؤمنين…، والعاقل من اتعظ من هفواته وأخطاءه، ونهض مسرعاً لتقديم المزيد منالنتاجات للوصول للهدف المنشود، ودون أن يعيق توقفه عمليات نمو تفكيره الإبداعي. وينقل عن الكاتب البريطاني (شكسبير) أنه لم يصل إلى قمة المجد والشهرة إلا بعدنكسات غير عادية مرّ بها في مشواره الأدبي، ربما تخطت ألف رفض لنتاجاته الأدبية منقبل الصحف البريطانية، وبمواصلة الطرق المتواصل للعقل استطاع أن يقدم أعمالاًإبداعية فريدة خلدت اسمه إلى اليوم.

ثم أن الفشل في جانب معين لا يعني بأيصورة عدم طرق الجوانب الأخرى فالإنسان لم يخلق ليبدع في هذا الجانب دون ذاك، وإنماعليه بذل الجهود للوصول إلى الحالة التي تفتق عقله وترفع مستوى تفكيره.

رابعاً: رفع المستوى الثقافي والعلمي

العقل يحتاج إلى إمداد ثقافي وعلمي رفيع وغير منقطع، حتى يتمكن من طرقالجديد وفتح نوافذ غير معروفة أما الجمود على المخزون الماضي وقطع التواصل معالعلوم المستجدة يضيّق عمليات تحرك العقل ويقتل محاولات انطلاقته في آفاق الدنياالواسعة. وخطاب الحق تعالى إلى نبيه( (وقل رب زدني علماً( يشير إلى مسألة استمراريةطلب العلم والتواصل مع الثقافات الأخرى.

خامساً: الانفتاح على الآخر

الاختلاف سنّةالحياة، والانفتاح على الآخر المختلف حالة حضارية تفرضها آليات الإبداع، لأن وجودالآخر مفروض منه، ومعرفته تتطلب جهداً غير بسيط لرفع المسبقات الفكرية عنه وعنفكره، وقراءته قراءة منطقية مجردة عن كل التأثيرات.

وسواء كنا في حوار أومواجهة مع الآخر ينبغي لنا أن نكون على دراية تامة واطلاع دقيق بما يفكر ويخططويعمل حتى نكون بمستوى الحوار والمواجهة. أما التمحور على الذات وتحريم القرب منالآخر وما يتعلق ويتصل به لا يمكن أن يعطي نتائج طيبة أو حقيقية والحكم على الشيءقبل معرفته خطأ قاتل.

ثم أن مسألة رفض الآخر أو قبوله لا تخضع لقواعد ثابتةأو محددات علمية واضحة، ولو تركت للبعض لعممها على كل من خالفه الرأي قريباً كان أوبعيداً، صديقاً أو عدواً، وحسمها بالانفتاح عليه يقطع تدخلات الأهواء والمصالح.

سادساً: البرنامجالمفتوح

من المسلّم به علمياً أن نمط العادات والتقاليد له تأثيرسلبي كبير على مستوى التفكير العقلي، وبالتالي على نوعية الإنتاج الإبداعي المنبثقةمن هذا التفكير، فالرتابة المملة والجمود النمطي يمنع الفرد من قبول غير المألوفويعتبره خروجاً عن العادة والتقاليد المعروفة.

والبرنامج المفتوح الذييعتمد على سلوك غير متعارف في طرق التفكير والعمل (مكاناً وزماناً) يقدم رؤىوتصورات غير مطروقة للفرد ويطلقه في رحاب عالم وسيع.

سابعاً: احترام الوقت واستغلاله.

اغلبالناجحين والمبدعين أولئك الذين عرفوا كيف ينظمون أوقاتهم ويستغلون الزمن الضائع فيتنمية مهاراتهم واستنهاض عقولهم، فالوقت عنصر هام في صناعة النهضة الفرديةوالاجتماعية، والمستقبل لمن استغل الوقت وبرمجه في عمليات التحول والانتقال منمرحلة إلى مرحلة، ودون ذلك ضياع وانقراض.

ثامناً: أوجد ملكة الإبداع في نفسك

فإن طرقحل المشاكل لا تتحدد في نمط معين، كما أن استنتاجات الإنسان لأية مسألة لا تتوقفعلى شكل خاص أو ثابت، فكلما عوّد الإنسان نفسه على إعمال عقله ورفع درجات توقد ذهنهوتفتقت لديه إبداعات لم يتوقعها أحياناً، لذا على الفرد أن لا يرضى بما وصل وحصلعليه العقل، وإنما عليه ـ في كل مسائل التفكير ـ أن يضغط على عقله بقوة للحصول علىاكبر قدر من النتاجات غير المسبوقة، وبتكرار هذه العملية تتكون لدى الإنسان ملكةالإبداع الحاضرة في كل زمان ومكان.

تاسعاً: مواجهة التحديات

الظروف الطبيعية والعادية لا تخلق رجالاً مبدعينولا تصنع عقولاً مفكرة، وإنما التحديات الكبرى والمواجهات الشرسة هي التي تصقلالمواهب وتنمي الإبداع وتطلقه في آفاقها الواسعة، أما الانسحاب من المواجهةوالاستجابة للتحديات أو مسايرتها ما هو إلا هروب من الواقع واستخفاف بالعقل البشري،بينما رفض الواقع ومقاومة الضغوطات والصبر عليها ومعالجتها بتأني وحكمه يكفل التغلبعليها وإيجاد أكثر من مخرج للخلاص منها فعند الامتحان يكرم المرء أو يهان.

عاشراً: التشكيك بالنتائج والنظريات

العقل السليم والمبدع لا يستسلم بسهولة للنظريات العلمية ولا يعتبرها حقائقثابتة لا تقبل الخدش والتسقيط ما لم يمررها في مختبرات التشكيك والتدقيق والمناقشة،كما أن اعتبار أي خيارات خاتمة المطاف لأية فكرة هو خضوع وانقياد لما هو موجودومتعارف.

والمبدع من يشكك بكل نتيجة ويمطرها بوابل من الأسئلةوالاستفسارات، ويتوقع بطلانها ووجود بدائل أخرى افضل منها.

إحدى عشرة: ناقش ثم ناقش

تعوّد الفرد فيمجتمعاتنا على تلقي التعليمات والحلول الجاهزة واطاعتها وتنفيذها دون زيادة أونقصان، لأنه تعود المحاسبة والمعاقبة على أي تصرف في الفكرة ولو كان إيجابيا. لذلكتشاهد اغلب نتاجاتنا تكرارية خاوية من الإبداع والخلاقية، والسر في ذلك إننا ننفذولا نناقش في كل شيء ولا نرى في أن المخول إلينا مسؤولية علينا تفحصها ومناقشتهاقبل التنفيذ وليحصل ما يحصل، ولو استدام كل فرد على عدم تقبل الأمر ـ تمرد ـ إلابعد قناعة تامة به لرأيت الإثراء والإبداع مسيطراً على جميع مناحي الحياةوتشعباتها.