يعتبر التواصل الشفهي شكلا من أشكال التواصل المتعددة ، يفترض فيه ان يكون المرسل كأحد عناصر العملية التواصلية ملزما بإيصال رسالته إلى مرسل محدد سابقا وفق تقنيات يفرضها المقام . غير أن هذه العملية التواصلية أحيانا لا تتحقق بنجاعة و بشكل سليم وجيد ولاتفي بالمقصود والمبتغى منها لأسباب عدة يرتبط البعض منها بالشخص المرسل.

يشكل الخوف إحدى المعيقات الهامة للتواصل بشكل عام ، وهو نابع إما عن كون الملقي غير ملم بعناصر الموضوع و عن عدم الإعداد الجيد له والاستعداد السيئ لمواجهة المستمع أو المتلقي وعدم المعرفة بخصوصيته. كما أن الخوف و الأحكام المسبقة التي يعطيها عن نفسه وعن جمهوره و موضوعه وآراءه المضمنة له ، يؤديان إلى انحباس الكلمات فوق اللسان والى سرد لأفكار عامة غير منظمة ومضطربة فاقدة للإثبات والبرهان . وهو يعيق التواصل بشكل واضح ومؤثر على المتكلم سواء في حركاته وسكناته للحد الذي يجعله لا يستطيع التحكم في مستمعه وفي عرضه وتنظيم معلوماته .بل وأحيانا إلى عدم القدرة على تلاوة ما كتب .
ويشكل ضعف التكوين وعدم اكتساب معرفة بالموضوع وإلمام به وبجميع جوانبه ،أهم المعيقات الأساسية التي تحول دون تحقيق تواصل شفوي حقيقي . فتقديم جمل لا تحمل أفكارا واضحة قد تؤدي إلى سوء الفهم أو عدمه .
كما أن طريقة الإلقاء ومواجهة المتلقي يشكلان عائقا أساسيا أيضا في تحقيق تواصل جيد وحسن ، فالمتكلم الذي لا يسمع صوته بشكل واضح ومسترسل يفقد القدرة على إبلاغ رسالته ومعلوماته وأفكاره ، ولا يستطيع التحكم في الفضاء والمقام وإثارة الانتباه إليه والى ما يقدمه. وعدم التحكم في الفضاء بصوت عال مسموع ، يراعي النبر فيه الاوضاع المناسبة ، وتنظيم المعلومات يؤدي إلى عدم الانتباه والتشويش ما يعيق التواصل الشفوي .

وهذه بعض معيقات التواصل الذاتية التي يمكن للمتكلم تفاديها وتجنبها حتى تتم العملية التواصلية بنجاعة بشكل جاد ومثمر ينال إعجاب المتلقي . وحتى يقدم العرض الشفوي في ظروف حسنة وملائمة يجب التعامل مع العرض في مرحلتين :

1 ـ مرحلة الاعداد : وهي المرحلة الأساسية الأولى التي يمكن فيها الإجابة عن الأسئلة حول الموضوع : ماذا ؟ولماذا؟ ولمن ؟ كيف ؟ ومتى ؟.
ثانيا : اختيار الموضوع وإعداده بشكل جيد مع تحديد لمصادره ومراجعه ، وعناصره وفقراته وتجميعها وتنظيمها واختيار نصوصها ،وترتيب أفكاره وفقا لأهميتها وللمبتغى من العرض في ورقة توضع فيها والمنهجية المتبعة أمامه للاستعانة وللتتبع . وتقديم الموضوع بلغة سهلة وسلسة مفهومة للجميع .
ثالثا: التخلي عن الأحكام المسبقة عن الذات و الموضوع وعن المتلقي .فتقديم أحكام مسبقة يحول التفكير اليها ويرجأ التفكير في الموضوع والياته .
رابعا : قبل القاء العرض وتقديمه للمتلقين يجب على معد العرض تقديم محاولات تشخيصية بشكل انفرادي ، يفترض فيه جمهورا أمامه ومسائلين ، محاولات تمكنه من تجاوز بعض المعيقات الأساسية للتواصل ، منها الخوف والتحكم في الصوت والفضاء والنبر وتجاوز عقبات الأحكام المسبقة .... ويتم الاستعداد النفسي لتقديم العرض .

2 ـ مرحلة التقديم : وهي مرحلة التواصل المباشر مع المتلقي ، فيها يتم استحضار كل المؤهلات النفسية و الجسدية واللغوية والمعرفية والتحرر من كل القيود ، لإيصال الرسالة بشكل جيد دون عوائق تحول وتحقيق المراد . وهي المرحلة الهامة في تنفيذ وتقديم الجهود المتراكمة في الاعداد ففيها يجب :
أولا : تقديم العرض بشكل مسترسل ومنظم يراعي ترتيب الأفكار ويراعي الجمهور والفضاء الذي يقدم فيه حتى يتمكن الجالس في الخلف من السماع بشكل واضح . و التحكم في الفضاء بالصوت المسموع مراعيا النبر الواضح للكلمات مستعينا بالإشارات المناسبة للتوضيح وبالأدوات والوثائق المعينة على تحقيق ذلك ، من مكبرات الصوت والدعامات السمعية البصرية ....
ثانيا : تقديم أفكار العرض وانتقائها بصوت مسموع و بشكل مرتب يثير انتباه المتلقي للمتابعة ويستجيب لانتظاراته وتوجيه العرض نحو الهدف الذي اعد له .
ثالثا : متابعة منهجية محددة أثناء التقديم تراعى تنظيم وترتيب الأفكار وفق أهميتها ووفق المعلومات المراد إيصالها .
رابعا : مرعاة ان يكون العرض المقدم ، يقدم أفكارا مركزة ومحددة ومعللة بشكل يجعله محببا لدى المتلقي وشغوفا بالإنصات والمتابعة وفي حيز زماني محدد وجب احترامه .


هذه بعض معيقات التواصل الشفوي المرتبطة بالمتكلم لمتلقين متعددين ومختلفين منها ما هو عادي ومنها ما يرتبط بمؤهلاته المعرفية واللغوية والاستعدادات النفسية . معيقات تحول دون ان تتم العملية التواصلية بنجاعة وبشكل جيد وحسن ، يمكن للمرء تفاديها وتجنبها وتدبر أمرها بالإعداد الجيد والتقديم الملائم الذي يراعي خصوصيات العرض وخصوصية المتلقي والمكان . فالتعبير الشفهي او التواصل الشفوي هو وعي بالضرورة لاستعمالات ثلاثة لمكونات القدرات اللغوية : وعي صوتي ،ووعي تعبيري ووعي معجمي بالإضافة إلى الوعي بالرسالة وضبط طرق التقديم والزمان والفضاء المقدمة فيه والمقدمة إليهم