لو لم يكن في ترك الذنوب والمعاصي إلا
إقامة المروءة
وصون العرض وحفظ الجاه
وصيانة المال الذي جعله الله قواما لمصالح الدنيا والآخرة , ومحبة الخلق وجواز القول بينهم
وصلاح المعاش وراحة البدن وقوة القلب وطيب النفس

ونعيم القلب وانشراح الصدر , والأمن من مخاوف الفساق والفجار , وقلة الهم والغم والحزن , وعز النفس عن احتمال الذل .
وصون نور القلب أن تطفئه ظلمة المعصية , وحصول المخرج له مما ضاق على الفساق والفجار , وتيسير الرزق عليه من حيث لا يحتسب , وتيسير ما عسر على أرباب الفسوق والمعاصي , وتسهيل الطاعات عليه , وتيسير العلم .
والثناء الحسن في الناس , وكثرة الدعاء له ، والحلاوة التي يكتسبها وجهه , والمهابة التي تلقى له في قلوب الناس , وانتصارهم وحميتهم له إذا أوذي وظلم , وذبهم عن عرضه إذا اغتابه مغتاب , وسرعة إجابة دعائه .
وزوال الوحشة التي بينه وبين الله , وقرب الملائكة منه , وبعد شياطين الإنس والجن منه , وتنافس الناس على خدمته وقضاء حوائجه , وخطبتهم لمودته وصحبته , وعدم خوفه من الموت , بل يفرح به لقدومه على ربه ولقائه له ومصيره إليه, وصغر الدنيا في قلبه .
وكبر الآخرة عنده وحرصه على الملك الكبير والفوز العظيم فيها , وذوق حلاوة الطاعة , ووجد حلاوة الإيمان , ودعاء حملة العرش ومن حوله من الملائكة له , وفرح الكاتبين به ودعاؤهم له كل وقت , والزيادة في عقله وفهمه وإيمانه ومعرفته , وحصول محبة الله له وإقباله عليه , وفرحه بتوبته .
وهكذا يجازيه بفرح وسرور لا نسبة له إلى فرحه وسروره بالمعصية بوجه من الوجوه .
فهذه بعض آثار ترك المعاصي في الدنيا .
فإذا مات تلقته الملائكة بالبشرى من ربه بالجنة , وبأنه لا خوف عليه ولا حزن .
وينتقل من سجن الدنيا وضيقها إلى روضة من رياض الجنة ينعم فيها إلى يوم القيامة .
فإذا كان يوم القيامة كان الناس في الحر والعرق , وهو في ظل العرش .
فإذا انصرفوا بين يدي الله أُخِذَ به ذات اليمين مع أولياء الله المتقين وحزبه المفلحين :
و " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " الحديد 21.
هذا ما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الفوائد ص 270 .
نفعنا الله وإياك به .