لماذا نبرمج أعصابنا؟

جميع البشر يبرمجون أعصابهم لأنهم يفعلون شيئاً لا يرضون عنه، ثم يحزنون فيقررون عدم تكراره هكذا و ببساطة..
ثم تغلبهم شهواتهم و يعودون إليها
إلا نسبة بسيطة جداً لا يتعدون 1% من المصابين بالإمراض النفسية الدهانية و الذي يرتكبون ما يخالف فطرتهم بسبب إضطراب في وظائف الأعضاء الجسدية و العصبية بالتحديد
يرتكبون الجريمة دون أحساس بالندم

فسر الألم و الأنتكاس يكمن في المشاعر
فالمشاعر هي ما تميز البشرية عن بقية المخلوقات
إن البشر ليسوا بآلات يبرمجون بطرق خوارزمية!!
مثلاً يقال لك:
1- هل غضبت؟
2- توقف
3- خذ نفس عميق
4- خاطب نفسك (أنا أتحكم في نفسي)
5- أستمر .....

ألا يذكرك ذلك بكتيبات "طريقة الإستخدام المرفقة مع الأجهزة الألكترونية"؟

و بصراحة، مهما أستطاع الأنسان إستخدام هذه الطريقة لفترة معينة
لكن مشاعره المدفونة سوف تنبش و لو بعد حين
و سينتكس ذلك الأنسان
و تنهار أمانيه

أعلم تماماً انك ستتهمني بأنني سلبي، و أنني أركز على الخطر قبل حدوثه
و لكن كن صادق مع نفسك
و أن لم تجرب الأنتكاس
فعد للماضي و أقلب صفحاته تجد أعظم البشر الذي أستطاعوا هضم مشاعرهم، انتكسوا في أواخر أعمارهم بين أفخاذ و أحضان النساء
ناهيك عمن كان أعجابه بعظمته هو سبب زواله
أو من شهواته الأخرى سبب زواله
و غير ذلك كثير

أنا لا أقول لك ذلك كي أخيب أملك، و لا أقول لك بأن السبل قد تقطعت و الأمال أنتهت و لم يعد هناك طريق للنجاه

بل يوجد

السر

لا أقوله أنا

و أنما من خلقك يا أنسان و العالم بكيفية تشغيلك و سير تحركاتك

السر يكمن في:

الحب و الخشية

تعريف الحب: هو تسليط التركيز و الطاقات أجمعها صوب تحقيق غاية معينة تشبع رمق القلب و تهدئ من سرعة خفقاته الجياشة التي تكاد تقفز صوب الحبيب كي تتمسك فيه، و الغاية هي لقاء الحبيب و الأنس بجواره.
أليس الحبيب من يكون ضربه المبرح لذه (ضرب الحبيب كأكل الزبيب).
أليس الحبيب من يسهر له الليالي
الحبيب الحبيب الحبيب
يصير شغل الأنسان الشاغل

تعريف الخشية: الخشية هو الخوف، كمن يسعى في هذه الدنيا يخشى الفقر و قلة الزاد و الموت بسبب التوقف عن السعي في طلب الرزق، أو من يهرب ممن يخاف منه، كالوحوش و الأسود و الأعداء و غيرهم.

الحب حب الله
و الخشية خشية الله

لماذا؟

أليس هو من يأذن للكون بأن يتحرك أليس هو رب الطاقات
هو مع كل أنسان لا يعرف زمان و لا مكان
هو ما يعطي كل أنسان من ما لذ و طاب أو يحرمه منه
هو من يسلط على الأنسان ما يخشاه أو من يخشاه أو يحميه منهم

عندما تفقد ثقتك في نفسك يا أنسان تذكر أن الله المعطي و المعين و الحافظ و القادر على كل شيء
عندما يحين موعد أرتكاب ما يخالف فطرتك يا أنسان فتذكر الله فسرعان ما تخشاه و تخافه

فكيف تحافظ على تذكرك لربك؟

العبادات
تعطيك الكم الكافي من التعبئة العقلية التي تحافظ على تذكرك لربك، فالتفكر أثناء القيام بالعبادات و التفكر في عظمة الله يتحول الفكر إلى فعل، إلى حب و خشية، و كثرة المداومة عليها تتحول إلى أعتقاد..

لنأخذ مثال:
ماذا يجعل صحابة رسول الله دوماً سباقين في فعل الخيرات دون خشية من قلة المال أو من شحة الزاد، ماذا يجعلهم يقفون في الصفوف الأولى من صفوف الجيش ينتظرون الموت و لا يقتلون إلا ملقيين على سرير الموت أو طعنة غدر في حين سكون؟؟
أليس هو اليقين، و اليقين لا يأتي إلا بعد خطوات
قال تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)
يقول إبن القيم في كتاب الفوائد
"دافع الخطرة، فإن لم تفعل صارت فكرة، فدافعها، فإن لم تفعل صارت همّاً وغرادة، فدافع ذلك، فإن لم تفعل صار عملاً وسلوكاً، فدافع ذلك، فإن لم تفعل صار عادة وسجية!!"

تذكر أن الحب و الخشية منهج الرسول عليه الصلاة و السلام و صحابته و التابعين من بعدهم، فهو من قال في أحاديثه:
"لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله و رسوله أحب إليه من كل شيء"
و كان يكثر من الدعاء: "أللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول بيننا و بين معصيتك، و من طاعتك ما تبلغنا به جنتك، و من اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا"

نصيحة للأخوة المجادلين:
الله عزوجل من صفاته العزيز، غنياً عن عباده، و هو كذلك الرؤوف الرحيم
فمن ذلك
لم يذكر لنا الحقائق العلمية بالتفصيل في مناهج، لأن الشرائع ستزداد تعقيداً و تكثر الكتب السماوية لن يستطيع الأنسان أستيعابها ككل و هو كذلك عزيز و غنياً عن جدال عبده الأنسان
و لأنه الرؤوف الرحيم بعباده فقد أنزل عليهم القرآن و السنة فيهما كل ما يحتاجونه لتسيير حياتهم بالتفصيل و مسجل بأختصار، و لا ينبغي على الأنسان سوى التصديق و الأيمان بما فيه و سيصيبه الخير الكثير بأذن الله