برمجة اللاوعي في العقل البشري

"العادة... سر الحياة"
"نحن مانقوم به مراراً و تكراراً، لذلك التميّز ليس فعل، وإنما عادة”. أرسطو
في كل يوم نواجه زخم هائل من المعلومات المدروسة التي تنهال علينا ليل نهار عبر وسائل عديدة مباشرة وغير مباشرة، واسلوب حياة من صنع غيرنا يفرض علينا، فكيف يؤثر كل هذا على "اللاوعي" في عقولنا، وعلى أسلوب الحياة والتفكير والتصرفات!!

من الضروري بدايتاً معرفة ماهي البرمجة اللغوية العصبية:
هي علم هندسة العقل البشري وفن الوصول بالإنسان لدرجة الإمتياز البشري مندمج بعلوم أخرى كالفلسفة، وعلم النفس ، ودراسات العقل الباطن.
ويسعى هذا العلم إلى إعادة برمجة الإنسان، من خلال اللغة الملفوظة وغير الملفوظة، التي نستخدمها في الاتصال بأنفسنا أو بالآخرين - بوعي أو دون وعي - واكتشاف البرامج العقلية المخزنة في العقل البشري - التي تعكس أسلوب تفكيرنا واعتقادنا - وإعادة برمجتها.

العقل الواعي والعقل اللاواعي
أثبت العلماء والباحثون في معهد ماكس بلاك لعلوم الدماغ أن القرارات تصنع في العقل اللاواعي قبل 7 ثواني من ادراكنا لها في عقلنا الواعي.
  • العقل الواعي هو الذي يفكر بحرية خارج الصندوق ومسؤل عن الافكار التي تحتاج المنطق والحساب.
  • أما العقل اللاواعي لا يستطيع الخروج عن إطار "العادة" وبرمجته المحددة فيكون رد فعله مبرمج تلقائياً مبنياً على الأفكار المخزنة والاساليب المبرمج عليها سابقاً، ويعمل بدون علم العقل الواعي.

فهو أقوى واسرع بكثير من العقل الواعي وهو الذي يشكل وينظم طريقة حياتنا.
ويبين العلماء أن 95% إلى 99% من سلوكنا وعواطفنا ومشاعرنا تعتمد على العقل اللاواعي، وهو يتحكم في الوظائف الاإرادية مثل التنفس ودقات القلب.
وعلى سبيل المثال: عندما تريد تعلم شيء لأول مرة كتعلم العزف على البيانو بدايتاً يصعب على الشخص التفكير بأي شيء أخر غير حركات أصابعه وتناسقها مع النوطة الموسيقية ولكن بعد فترة من التدريب يصبح العزف "عادة" حيث يصبح من السهل التحدث أو الغناء أثناء العزف. هنا يكون العزف أنتقل من العقل الواعي إلى اللاواعي.

كيف يمكن برمجة العقل اللاواعي:
أثبت العلماء طريقتين لبرمجة اللاوعي:

1) بالتكرار .. تكرار الشيء حتى يصبح "عادة" لا بالمنطق يتغير الإنسان
نذكر هنا تكرار المعصية حتى تصبح المعصية عادة لا نرى فيها معصية الله
وهذا ما يفسر ميل النفس للمعاصي في شهر رمضان الذي تصفد فيه الشياطين.

2) بالإمان والصلاة .. لهم تأثير كبير على العقل اللاوعي وإعادة برمجته
وهذا ما يفسر الشعور بالراحة والطمأنينة عند أداء الشعائر الدينية.
فالعقل اللاواعي هو نتاج تجاربنا وأفكارنا والعادات والطباع السابقة.
نحن من كونناه ومن سمحنا بتكوينه، بترك الباب مفتوح لكل من أراد بث أفكراه في عقولنا دون رقابة، ولعل أهم من يذكر هنا أطفالنا والكم الهائل من الأفكار التي تهطل عليهم عبر البرامج التلفزيونية المسمومة والتلاعب بعقولهم. بعلمنا! وتحت أنظارنا!

وعليه أسألكم المحافظة على عقولكم وعقول اطفالكم، وبرمجتهم على المبادئ السامية والأخلاق الحميدة بتقوة الله ورضاه.