الخريطـة ليست هي المنطقـة


قال الله تعالى

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}

وقد فسر ابن كثير الظن المنهي عنه بالتهمة والتخون للناس في غير محله، وذكر قول عمر رضي الله عنه: لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا، وأنت تجد لها في الخير محملا. وذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما: قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه وأن يظن به إلا خيرا. رواه ابن ماجه.
وروى الطبري عند تفسيره عند هذه الآية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى الله المؤمن أن يظن بالمؤمن شرا، ثم قال: إن ظن المؤمن الشر لا الخير إثم لأن الله تعالى نهاه عنه.


هل حدث أن كان لك صديقا حميما لسنين طويلة ثم صدر منه شيئا أزعجك
وجعلك تبتعد عنـه تمامـا وتقاطعــه إلــى أن قابـلك وشـرح لـك موقفــه ممـا جعـلك تشـعـربأنـك قــد حمــلت المـوقـف أكـثر ممـا يحتمـل، وبالتالـى عادت العـلاقـة بينكما كما كانت ؟
أوهـل حدث لأحد من أصدقائك أن فقـد وظيفته وأحس بشعور سلبى كبير ولكن بعد فترة قصيرة وجـد عمـلا آخـر أشعره بسعادة وحيوية وجعله شاكرا لتركه للعمل الآخر ؟



يقول تعالى مخبرا عن يوسف عليه السلام:

وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (30)
فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتْ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)

وقد جاء في تفسير هذه الآيات :
ووصل الخبر إلى نسوة في المدينة فتحدثن به، وقلن منكرات على امرأة العزيز: امرأة العزيز تحاول غلامها عن نفسه، وتدعوه إلى نفسه، وقد بلغ حبها له شَغَاف قلبها (وهو غلافه)، إنا لَنراها في هذا الفعل لفي ضلال واضح.

فلما سمعت امرأة العزيز بغِيْبتهن إياها واحتيالهن في ذمِّه، أرسلت إليهن تدعوهن لزيارته، وهيَّأت لهن ما يتكئن عليه من الوسائد، وما يأكلنه من الطعام، وأعطت كل واحدة منهن سكينًا ليُقَطِّعن الطعام، ثم قالت ليوسف: اخرج عليهن، فلما رأينه أعظمنه وأجللنه، وأخَذَهن حسنه وجماله، فجرحن أيديهن وهن يُقَطِّعن الطعام من فرط الدهشة والذهول، وقلن متعجبات: معاذ الله، ما هذا من جنس البشر; لأن جماله غير معهود في البشر، ما هو إلا مَلَك كريم من الملائكة.




إن جميع خبراتنا ومعلوماتنا عن العالم المحيط بنا ما هي إلا تصور شخصي خاص بكل واحد منا وقد ساهم في تشكيل ذلك التصور ما يعترينا من ضعف بشري كمحدودية الحواس ومرشحات الاستقبال واختلاف الطباع أو الشخصية من فرد إلى أخر.
ويمكن القول إن هذا التصور للعالم الذي نحمله في أذهانا يمثل انعكاس صورة ذلك العالم الحقيقية في أذهاننا وليس ذلك العالم الحقيقي نفسه.
فالخريطة الذهنية عن العالم المحيط بنا تختلف تماما باختلاف تجاربنا ومعلوماتنا فخريطتي الذهنية بالتأكيد تختلف عن خريطتك وخريطة الآخرين .... قد تتشابه خرائط البعض في بعض الأشياء ولكنها لا تتطابق ابدا فلا بد من وجود اختلاف ما.

الخريطة ليست هي المنطق هذا ما كانت عليه حال النسوة الذين لم يكونوا يعرفوا سبب فعل امرأة العزيز هذا الأمر وكانوا يجهلون السبب الحقيقي لكن عندما دعتهم للوليمة وجعلته يخرج إليهم عرفوا وأيقنوا أن ما فعلته لم يكن كما ظنوا مما راو من جمال وحسن يوسف عليه السلام.
كل إنسان يشكا نموذجا فريدا عن العالم وبالتالي يعيش حقيقة مختلفة نوعا ما عن غيرة ليس دائما وجه نظرك هي الصحيحة قد تكون كلها خطأ ماعدا فكرة واحدة .
يجـب أن تفهــم أن رأيـك في الحيـاة لا يعتبر حقيقــة عـن الحيـاة نفسهـا، ولكنـه فـقط وجهـة نظــر، وعندما تتغير وجهة النظر هذه فسيتغير معنى الحياة بالنسبة لك.