بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة واللام على محمد وعلى آله وصحبه الطيبين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


" اشعر بالخوف وتغلب عليه " ( 3 ) – تأليف : د. سوزان جيفرز


( الخوف سيظل معكم )


طالما أنني أواجه وقائع الخارجي ، وطالما أنني أضع قدراتي أمام التجربة واركب المخاطر لأحقق أحلامي ، سأبقى في مواجهة الخوف باستمرار ، ربما كنتم تتوقعون بأني سأقدم وصفة سحرية ، لكن العصا السحرية موجودة فقط في القصص الخرافية !! لكن بدلاً أن تشعروا بخيبة أمل ، ألا ينبغي أن تشعروا بالراحة ؟ عندما تقبلون أن خوفكم لن يغادركم ، لن تجدوا أنفسكم مضطرين لمحاربته !!
إن الطريقة الوحيدة للتغلب على الخوف هو الانتقال إلى مجال العمل واتخاذ قرار ملزم ربما لاحظتم هذا الأمر بأنفسكم : أن القلق المرتبط بوضعيات معينة يتلاشى حين تنغمسون ي المجال الذي كنتم تخشونه .

ربما سمعتكم من حولكم ملاحظات من نوع : ( حين أشعر بأني في حال أفضل سأقرر القيام بهذا الشيء أو ذاك ، ولكني اعتقد جازمة بأن حال المرء لا يتحسن من تلقاء ذاته أو بفعل أعجوبة ، وأعتقد أيضاً أن السعي إلى إقناع النفس بقيمتها وبمؤهلاتها أمر مفيد ولكن الأهم هو الإحساس بأننا أنجزنا شيئاً ما وقمنا بعمل ذي قيمة

اعملوا وانطلقوا ، وستشعرون بعدها بأنكم في حال أفضل وليس قبل ... حين تنخرطون في عمل ما ، تصيبون عصفورين بحجر واحد ، تبعدون من ناحية شبح الخوف الذي كان يشلكم ، وتحصلون من ناحية ثانية على ما هو أثمن زيادة الثقة في النفس .. بعد نجاحكم في تجربة ما وتحرركم من الخوف ، أراهن أنكم سترغبون في خوض غمار تجربة أخرى واجتياز حاجز آخر ، وهنا مرة أخرى سيكون الخوف رفيق دربكم ، غريب أليس كذلك ؟ كلا ، فالأمر طبيعي جداً ، ذلك أن الخوف يمتلك قوة التسلل إلى كل الأمكنة .

ما لم تواجهوا الخوف وتقرروا التغلب عليه ، ستجدون في نفسكم نزعة إلى المساومة وإلى الانتظار من دون جدوى حتى تصبح الأوضاع ملائمة ، وستتريثون وتجدون الأعذار دائمة لتأجيل قراركم
للخروج من هذا السجن الذي تفرضونه على أنفسكم ينبغي بالضرورة مراجعة آلية تفكيركم ، أي البدء في إعادة تأهيل أنفسكم .
ولكنكم ربما تتساءلون : لماذا يجب أن أضع نفسي في وضعية غير مريحة كالتي يحتمها اتخاذ أي قرار فيه بعض المخاطرة ؟ لماذا لا أواصل حياتي بهدوء كما فعلت على الدوام ؟ قد تبدو إجابتي مدهشة وهذه هي : ( إن التغلب على الخوف من العمل يولد مخاوف أقل من العيش الدائم مع الخوف الداخلي الناجم عن إحساس بالعجز وعدم الرضا ) أعرف انه ليس من السهل القبول بهذه الفكرة بشكل بديهي ، ولكنها ثمرة المراقبة والتجربة ومهما كان شعوركم بالأمان في الشرنقة التي نسجتموها لأنفسكم ، انتم تعيشون في وعيكم أو لاوعيكم مع خشية مجيء يوم ما تدق فيه ساعة الحقيقة ، أي ساعة المواجهة مع حدث ، وحين تجدون أنفسكم أمام وضع ليس بإمكانكم السيطرة عليه ( كمقابلة عمل أو تقاعد من العمل أو وفاة شريك حياتكم ) ستكونون ضعيفين ومنزوعي السلاح بالكامل وستغمركم الموجة العاتية في حالة من الرعب الهائل وحتى لو لم تواجهوا كوارث من هذا النوع ستعيشونها على إنها إمكانات قائمة وستشكل هاجساً ضخماً لكم ! ( ماذا سيحصل لو .... ؟ ) وسيتسلل الخوف إلى كل مجالات حياتكم .
تلك هي مفارقة الخوف والقلق : عندما ترفضون اتخاذ المخاطر ، تخلقون لأنفسكم عالماً أكثر استلاباً وخوفاً مما لو عرضتم أنفسكم لمخاطر تسمح لكم في نهاية المطاف من العيش بشكل أفضل .. ولكن المشكلة أن الكثيرين منا لا يعون هذه المسالة .
لا أحد خالٍ من الخوف .. وليس الخوف في المقابل مرساة تربطنا بمرفئها على الدوام ، يجب التطلع إلى الخوف على أنه رفيق طريق ، يرافق كل الاضطرابات التي تتخلل حياتنا .


حقائق الخوف :

من هذا المنظار ، تقضي المرحلة الأولى بأن نردد بصوت عال عشر مرات على الأقل كل يوم ، ولمدة شهر كامل ما أسميه بـ " حقائق الخوف "وهي :
- لن يبارحني الخوف أبداً طالما أني أتطور .
- الطريقة الوحيدة للتغلب على خوفي هي أن أنخرط في مجال العمل وأن آخذ قراراً ملزماً .
-عندما أعمل وأتجاوز نفسي أشعر براحة اكبر وبثقة أكبر في النفس .
- لست الإنسان الوحيد الذي يعرف الخوف عند دخوله أرضاً مجهولة ؛ كل الناس يشعرون بالشيء ذاته .
- التغلب على الخوف من العمل يولد قلقاً أقل من الذي يولده الخوف الكامن الناجم عن الإحساس بالعجز وعدم الرضا .
تتطلب إعادة التأهيل الجيدة تكراراً دائماً ، معرفة " حقائق الخوف " غير كافية ، يجب أن تكرروها باستمرار حتى تشعروا بأنكم اقتنعتم كامل الاقتناع ، حينها ستغيرون سلوككم وستقومون بالخطوة الأولى الحاسمة نحو تحقيق رغباتكم .