صحيح الحياة صعبة، ولكن بدلاً من أن نستسلم لمصاعبها،
لماذا لا نتعلم كيف نستفيد من اللحظات الصعبة حتى نشعر بشكل أوضح بطعم السعادة الأصلي..؟؟ولماذا لا نغير نظرتنا إلى العالم حتى نستطيع لمس السعادة من خلال المتع الصغيرة اليومية..؟؟
يقول المعالج النفسي طوماس داسينبورغ، صاحب كتاب "السعادة ليست بالضرورة شيئاً مريحاً" (منشورات بوكيت إيفوليسيون):
"إنّ المقولة الشهيرة "لسنا هنا لكي نلعب" هي مقولة متأصلة في إدراكنا، وهي للأسف أول عائق يمنعنا عن التقدم في طريقنا نحو السعادة". ويضيف:
"في المدرسة مثلاً، وضعت المناهج التعليمية لكي تنتج المدارس أطفالاً ذوي مستوى عالٍ من الكفاءة وليس أطفالاً سعداء.
والنتيجة هي أنّ التعليم أصبح مرادفاً للقهر.
لهذا فإننا عندما نصبح بالغين نجد أنفسنا نتعذب بإحساس الندم وخوفنا من ألا نكون في المستوى المطلوب منا".
يجب أن يكون الإنسان قد تربى على الإحساس بالسعادة، لكي يخرج من حالة الكآبة التي يمكن أن تسيطر عليه. الحياة صعبة، ويجب على الإنسان أن يكون صبوراً وأن يتلقى الضربات في صمت، وخاصة في هذا الوقت الصعب الذي يعيشه العالم، وقت الأزمات الاقتصادية التي طالت الدول الغنية والفقيرة، والأفراد وجميع طبقات المجتمع. فلماذا لا نحاول أن نقلب الوضع؟ لماذا نبحث دائماً عن لحظات السعادة الكبيرة، فلنبحث في حياتنا عن لحظات السعادة الصغيرة التي تمنح لنا يومياً، والتي أصبحنا نعيشها من دون أن نلحظها أن نحتفي بها.
"السعادة هي شيء يمكن تعلمه، نعم مثل لغة أجنبية، ومثل قيادة سيارة. الوصول إلى السعادة هو أمل ليس إعتباطياً ولا يأتي من دون مجهود. "من المؤسف أننا تعودنا على أن نجتر الفشل ونفكر وننشغل بالحزن، لكننا لم نتعلم كيف نستقبل السعادة ونستمتع بها حتى آخر قطرة منها". يقول المعالج النفسي طوماس داسينبورغ.


- تعلم القطيعة مع التعاسة:


هكذا، إذن فإنّ السعادة ليست شيئاً فطرياً في الإنسان، وإنما شيء يمكن تطويره. وشيئاً فشيئاً، مثل التمارين الرياضية التي تزداد ليونتنا ولياقتنا يوماً بعد يوم مع ممارستها بانتظام، فإنّ البحث عن السعادة أيضاً لا يمكن أن يكون سهلاً، بل لابدّ أن يمر عبر بعض العراقيل والصعوبات.
يقول طوماس داسينبورغ:
"في هذا الزمان الصعب الذي نمر به، هناك دائماً عراقيل وصعوبات. أنا لا أقول إنّ المرور بالتعاسة هو شيء لابدّ منه للوصول إلى السعادة، لكنني أستنتج أنّ الأشخاص الذين عانوا، لوا أنهم إشتغلوا أكثر على معاناتهم بشكل أفضل، لتمكنوا من تطوير وإستخلاص طعم جديد للسعادة، ولطّوروا أكثر حاسة تذوق السعادة لديهم، ولوّسعوا أكثر مجال رؤيتهم للمتع الموجودة حولهم".


- السلام الداخلي:
يجب على الإنسان أن يبحث عن السلام الداخلي، وذلك بأن يعيش اللحظة الحاضرة، وليس بأن يتطلع باستمرار نحو سعادة مستقبلية وهمية. يقول طوماس: "هناك لحظات سعادة صغيرة، أو متع صغيرة فهي في الحقيقة لحظات سعادة كبيرة. إنّ التشارك والتبادل هما سعادة كبيرة وليسا مجرد متعة صغيرة. والسعادة هي أيضاً أشياء تحدث يومياً، مثل تناول الإفطار مع أبنائك أو الإستمتاع بشعاع شمس دافئ وهو يصل إليك عبر أوراق شجرة وارفة. كل ما يهم إذن هو أن تعيش اللحظة الحاضرة بدل إنتظار مستقبل لم يأتِ بعد. وذلك مهما كان الإحساس الذي تمر به، سلبياً أو إيجابياً، تعاسة أو سعادة لأنّ المهم هو أن تشعر بأنك تعيش، وهذا أهم من أن تشعر بأنك سعيد".