عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
فيتاميَن لتقويـة الـآرآده ,’
في البداية أحب أن أوضح أن الإرادة ترتبط بتكامل الشخصية ؛وتكون الإرادة في كامل حريتها عندما يصل صاحبها إلى أعلى درجات التكامل في الشخصية والذي تسيطر عليه عاطفة اعتبار الذات، ونحن على يقين راسخ أن كل إنسان على هذه الأرض لديه أصل الإرادة، وهي كنز محبوس داخلنا، ولكن الفرق بين إنسان وآخر هي القدرة على اخراج هذا الكنز أو القضاء عليه.
قال صلى الله عليه وسلم فيتاميَن لتقويـة الـآرآده كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ). صححه الألباني في صحيح الجامع.فعندما ولدت أنا وأنت، كان أصل خلقنا على الفطرة، وأصل الفطرة أن الإنسان لديه إرادة يمكن أن ينميها أو يقضي عليها . ما يؤكد أن الإرادة موجودة لكن محبوسة في داخلنا هو انه لنفترض أن رجلاً يحاول أن يتسلق حائط مرتفع جداً وحاول أكثر من مرة لكنة فشل ، ويتعذر بارتفاع الحائط وانه "صعب" أو "لا يستطيع" أو "فوق طاقته" وما شابهه من هذه الكلمات التعجيزيه ، ولو قلنا لنفس الرجل بأنه هناك أسد مفترس يركض خلفه وكاد أن يصل إليه لينقض عليه ، ولا يوجد مخرج إلا ان يتسلق هذا الحائط ، فماذا نتوقع أن يفعل هذا الرجل ؟ هل سيتعذر بنفس الأعذار التي ذكرناها؟ لا ، أتوقع انه سيتسلق الرجل الحائط من أول محاولة .
فالهمة العالية مطلب عظيم يتمناه أصحاب النفوس الكبيرة التي تتوق إلى المعالي ، وقوة الإرادة هي وقود هذه الهمة العالية فبدون هذا الوقود – بعد توفيق الله عز وجل – لن يتم لهذه الهمة منالها ومبتغاها. والغالب من الناس يتصور في نفسه قصوراً متوهماً ، وكأن أصحاب الإنجازات ليسوا من البشر ، فإذا نظر إلى حافظ القرآن ، أو إلى طالب متفوق في دراسته ، أو إلى مبتكر ، أو إلى عالم ، أو إنسان متميز قلل من نفسه واتهم ذاته بعدم القدرة على مقارعة هؤلاء ، واستمر على ما هو عليه في مكانه لا يتقدم، إن لم يكن يتراجع ، فهذا وأمثاله ندعوهم دعوة صادقة للتوكل على الله أولاً ، ومن ثم نريد منهم نفض غبار الأوهام وارتداء رداء قوة الإرادة بعزيمة تتهاوى معها كل المثبطات والعوائق ، وسيلاحظ بإذن الله الفرق قريباً .
الإرادة هي مفتاح النجاح وهي صورة تتمثل في الصبر يقول الله تعالى{ ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين} ،ولا يمكن لكائن من كان أن يحقق النجاح دون إرادة قوية؛ قد يكون نجاحا هامشيا بدون إرادة أما النجاح الحقيقي فالإرادة مفتاحه بإذن الله
يقول عنترة:
اجعل لنفسك منزلا تعلو به ... أو مت كريما تحت ظل القسطل
ويقول آخر:
إذا غامرت في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم
كل هذا مفتاحه الإرادة الصلبة فالإرادة هي التي تجعلك تثبت حينما ينهزم الآخرون وهي التي تجعلك تبتسم حينما تعبس الوجوه والإرادة هي المبتدأ والمنتهى.
أستطيع أن أقول لك بأن للإرادة القوية لها مصادر ثلاثة وهي :
أولا : الوالدان: فالوالدين لهما أكبر تأثير في التحدث مع ذاتك،كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي ذكرناه، و يقول الدكتور تشاد هليمستر [ إنه في خلال ال18 سنة الأولي من عمرنا، وعلى افتراض نشأنا وسط عائلة إيجابية إلى حد معقول، فانه قد قيل لك أكثر من 148000 مرة 'لا' أو 'لا تعمل ذلك ]. تخيل 148000 مرة، وستصل دهشتك إلى ذروتها عندما تعلم أنه في نفس الفترة كان عدد الرسائل الإيجابية التي وصلتنا (تبعًا للدكتور هليمستر) لا تتجاوز400 مرة، وهذا بالطبع يعني أن بعض الآباء والأمهات لم يكونوا سيئين، ولكن للأسف لم يكونوا على دراية بأي طريقة أخرى أفضل، لأنهم كانوا قد نشأوا وتبرمجوا على نفس المنوال بواسطة آبائهم، وبالتالي قاموا بتربية أبنائهم بنفس الطريقة، وقاموا ببرمجتهم سلبيًا بدون قصد ولكن مع الحب, فالأب والأم لهم أعظم الأثر في ذلك.
يقول د/جيمس وويات وودسمول) : عندما نبلغ السابعة من عمرنا؛ يكون أكثر من 90% من قيمنا قد تخزنت في عقولنا، وعندما نبلغ سن الواحدة والعشرين؛ تكون جميع قيمنا قد اكتملت واستقرت في عقولنا (
ثانياً: الأصدقاء :
يؤثر الأصدقاء بعضهم على بعض بطريقة جوهرية، حيث من الممكن أن يتناقلوا عادات سلبية؛ ويعجز الشاب بعد ذلك عن البعد عنها بسبب التحدث السلبي للذات، الذي تعلمه من أصدقاءه: (أنا لا أستطيع أن أبتعد عن.......) . وقد يكون غير ذلك، فقد يؤثر الأصدقاء على صديقهم سلبيًا، فينقلون إليه روحًا سلبية أو برمجة سلبية، وهم لا يشعرون
ثالثاً: أنت قاتل نفسك:
بالإضافة إلى المصدرين السابقين، فإنك قد تضيف السلبية وقلة الإرادة إليك فهي نابعة منك أنت. فانظر كيف تتحدث مع نفسك؟ نعم كل منا يتحدث مع نفسه، ألم تشعر يومًا أن بداخلك رجلًا يتحدث إليك؟ ألم تشعر يومًا أنه حدث لك صراع داخلي، ووجدت شخصين يتحدثان بعضهما إلى بعض؟ فهكذا قد تكون أنت السبب.فقد ترى بعض الناس يقومون بإرسال إشارات سلبية لعقلهم الباطن؛ ( أنا لا أستطيع, ' أنا لا أحب', 'أنا خجول', 'أنا ضعيف'.) يقول د/هلميستر: [ إن ما تصنعه في نفسك سواء كان سلبيًا أو إيجابيًا ستجنيه في النهاية ]ولذلك تصبح هذه الإشارات بعد ذلك اعتقادًا جازمًا داخل هذا الشخص، وهذا يؤثر على تصرفاتهم بعد ذلك.وهناك نموذج آخر لقتل الإرادة في النفس يفعله الكثير، فتجده يقول: (أنا أرغب في التغيير ولكن لا أستطيع)، وللأسف فإن الكلمة {لكن} تمحو جميع الإشارات الإيجابية التي سبقتها، فلا يبقى من كلامنا إلا هذه الكلمة السلبية التي تلي كلمة {لكن}، وهنا يصبح خطابك لنفسك هو ( أنا لا أستطيع).
وأخيرًا، فإن أولى خطواتنا من أجل تحقيق الإرادة داخلنا { كن فطناًً }'.فيجب أن نعرف من أين هذا السهم القاتل؟ من جعل في داخلي هذه السلبية ؟ من غير فطرتي التي فطرني الله عليها؟ الوالدين ؟ الأصدقاء؟ أم أنا قاتل نفسي؟ أم من......؟
وهكذا نكون قد وضعنا أرجلنا على أول الخيط، وبعد ذلك نخطو الخطوة الأولى لبناء الإرادة، ولكن تذكر...... يقول أرست هولمز: ( أفكاري تتحكم في خبراتي، وفي استطاعتي توجيه أفكاري (
ومن الآن وقبل أن تفتر عزيمتك وتضعف إرادتك ضع لك هدفاً أو أكثرمن هدف ،وتذكر وأنت تحدد الهدف أنه يلزمك الالتفات إلى قواعد لتنمية الإرادة وهي :
- ابدأ وثق بالله ثم بنفسك وقدراتك .
- توكل على الله وكن متفائلاً .
- لا تكثر على نفسك ، بمعنى انه لا يوجد شيء صعب عليك مع إرادتك القوية.
- لا تتردد ، فألف ميل يبدأ من أول خطوة .
- لا تستعجل في طلب النتائج .
- لا تزعم الفشل وأنت لم تحاول إلا مرة واحدة .
- لا تلتفت إلى الرسائل السلبية منك أو من غيرك ( مثل : أنت لا تصلح لهذا العمل - سبق أن جربت ولم أنجح - لا استطيع – صعبٌ علي فعل هذا -...الخ )
- اهتم واعتن بصحتك البدنية والنفسية.
- حدّد وتعرّف على جوانب القوة وجوانب الضعف في نفسك.
- عند القيام بإنجاز عمل ما، أو حل مشكلة ما؛ ابدأ بالأسهل.
- درّب نفسك على صفة الحسم، ونمّها في نفسك.
- خذْ قراراتك بنفسك بعيداً عن إيحاء الآخرين.
- أعدْ نفسك للعمل بالعلم، والتدريب الفعّال والمستمر.
- حدّد أهدافك بوضوح تام، وضعها نصب عينك.
- حاسبْ نفسك، وزن أعمالك باستمرار، حتى تقيس مدى تقدمك.
- اسعَ إلى أن يوجد لك منافسين لكي تتزود وتتقدم دائماً.
- ابدأ بتدريب إرادتك في أماكن عمل تشعر فيها بالارتياح والمتعة.
- عوّدْ نفسك على الهدوء، والخلوة، والتفكر
وسأختم هذه المقالة ببعض القصص لرجال قهروا المستحيل بقوة الإرادة:
القصة الأولى:
موقف ابن تيمية رحمه الله وقد أراده السلطان على أن يعدل عن رأيه الذي وصل إليه باجتهاده وبحثه فأبى ثم حبسه وعذبه فأبى , وكان وهو في السجن يكتب الكتب يشرح بها مبادئه وتعاليمه ويستدل على صحتها . ثم لما منع عنه القلم والورق أخذ الفحم وصار يكتب به على حيطان السجن , في شرح أدلته وبراهينه على تعاليمه , مثل صالح كذلك على قوة الإرادة وصحة العزم وشدة التصميم , وعدم الاستماع إلى المغريات أو التخويف بالعقوبات .
القصة الثانية :
قصة رجل خسر كل أمواله في الأعمال الحرة وهو في سن 31عاما وفشل في الانتخابات في سن 32 وفشل مرة أخرى وعمره 34, توفت خطيبة في سن 35 وتعرض لانهيار عصبي في سن 36، خسر كرة أخرى في الانتخابات في 38عاما ثم خسر في انتخابات الكونغرس في 43 من عمره وتلاحق عليه الفشل، وبعد هذه الإخفاقات المتلاحقة والنكبات المتتابعة أصبح متربعا على كرسي الرئاسة وهو في سن ( 52 )، إنه (أبراهام لنكولن) الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية ، ويعتبر المؤسس الثاني للولايات المتحدة الأمريكية أي نوع من الرجال هذا الرجل؟ إنها الإرادة القوية حينما تشحذ عزم الرجال وتذكي هممهم.
القصة الثالثة:
ثالثاً : تمثل قصة شاب استرالي يدعى ( نيك فويتشه.. Nick vujicic) كتجربة حقيقية وبرهانا على دور الإرادة في الوصول إلى المستحيل . فهذا الشاب الذي يعيش في لوس انجلوس الأمريكية لا يملك أية أطراف باستثناء قدم صغيرة ملتصقة بفخذه الأيسر ورغم ذلك فهو يقوم بجميع الإعمال التي يعجز عنها الأصحاء ، فهو يسبح ويلعب كرة القدم والجولف ويستطيع الكتابة بفمه ويقوم بجولات سياحية حول العالم . وكان( نيك فويتشهnick vujicic -) الذي يبلغ من العمر 26 عاما قد ولد بدون أطرافه بسبب خلل جيني منذ الولادة.
المفضلات