عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 29
كيف نطور ذاتنا بالإسلام؟
إدارة الذات مجال هام يشغل قطاعاً عريضاً من المهتمين بالتنمية البشرية؛ في ضوءه تعقد الندوات وورش العمل، ومن أجله تنظم الدورات التدريبية.
مجال كتبت فيه كتابات عديدة أكثرها غربية جاءت لتواكب دوامة السرعة اليومية التي خلفها التقدم التكنولوجي.
تلك الكتابات التي أوضحت أن إدارة الذات في أبسط صورها هي “ قدرة الفرد على توجيه مشاعره وأفكاره وإمكانياته نحو الأهداف التي يصبو إلى تحقيقها“.
ولكن! عندما نتناول هذا الموضوع ونحن أمة إسلامية لها هويتها الخاصة والمتميزة، فإن التناول ينبغي أن يكون بنظرة عقدية، تفرض علينا مجموعة من التساؤلات، وبالإجابة عليها نكون قد قطعنا شوطاً كبيراً في فهم واستيعاب إدارة الذات.
فبداية نسأل ما هي الذات التي نريد إدارتها ؟
وهل الذات التي نسعي لإدارتها هي الذات التي تحقق هدف الأمة الإسلامية ؟
وهل الذات التي تشكل شخصيتنا تسير على هدي الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
وما هي الينابيع التي تستقى الذات منها زادها ؟ أسئلة لا يستطيع أن يجيب عنها إلا صاحب الذات نفسه وذلك وفق رؤية شرعية منضبطة.
من هذا المنطلق نبدأ مع الذات الإسلامية التي نريد أن نديرها. ولنسأل لماذا ندير هذه الذات ؟ هل نديرها لله أم لأنفسنا؟ حتى نستطيع الوصول للإجابة السليمة عن هذا السؤال فإننا يجب أن نضع نصب أعيننا الهدي الرباني في قوله تعالي ” قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لله رَبِّ الْعَالَمِينَ* لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ” الأنعام: الآيات 162-163.
لنصل بذلك إلى رفعة الأمة الإسلامية، مقتفين في ذلك أثر رجال فتحت على أيدهم البسيطة، وذُهل الملوك والقياصرة من فن إدارتهم لذاتهم، فهذا هو المقوقس عندما أرسل رسله إلى جيش عمرو بن العاص رضي الله عنه إبان فتح مصر، أبقاهم عمرو عنده يومين ليطلعوا على حياة جند رباهم الإسلام وشكل ذواتهم ووضع أسس إدارتها، فلما عادوا إلى المقوقس قالوا له: “رأينا قوماً الموت أحب إليهم من الحياة، والتواضع أحب إليهم من الرفعة، ليس لأحدهم في الدنيا رغبة ولا نهمة، وإنما جلوسهم على التراب وأكلهم على ركبهم وأميرهم كواحد منهم، ما يُعرف رفيعهم من وضيعهم ولا السيد من العبد وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم أحد، يغسلون أطرافهم بالماء ويخشعون في صلاتهم“.
المفضلات