الإنسان حينما يصمم على فعل شيء سوف يحاول المستحيل
ويبذل كل الجهد لبلوغ هدفه في المصالح الدنيوية ، وإذا كان للإنسان تلك القوة والإرادة فلماذا لا يسخرها في عملية التغيير والتطوير في كل أمور حياته باتجاه تحقيق مرضاته سبحانه ، و ليس من زاوية واحدة ، فنحن بشر سنفقد قيمتنا المعنوية إذا لم نكن جنب الواحد الأحد سبحانه، ونكون كالصفر الرياضي الذي لا قيمة له وحده
مهما بلغت أعداده ، ولكن تظهر قيمته عندما يكون قرب الواحد فيكون 10 ويكون مائة وهكذا ، فأين الصفر من العشرة انظر إلى المثال جيداً وطبقه
فكلما قرب العبد منه سبحانه كلما زاد توفيقه وزادت قيمته .



أيها الأحبةلا تخافوا من عملية التغيير فالحياة الجديدة هي حياة الإيمان ..حياة الاطمئنان .. حياة الطهارة ، وهذه الحياة تدفعك لتكون إنساناً معطاءً تسخر كل لحظة من لحظات حياتك في طاعة الله
وتكون من الذين وصفهم القرآن بأنه (( َلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)) البقرة38.

فهو ولينا وهو حسبنا ، وهو نعم الوكيل ، و قد وعدنا سبحانه بالتسديد والحماية والقوة كما قال تعالى: (( فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّه.))

لا تخافوا المحن فإنها مجلاة للقلوب ، و لنا في مسيرة الأنبياء عبرات و عظات ، وفي قصة رسولنا الكريم أعظم الدروس في الصبر والتضحية والإيثار ، والخلق الرفيع الذي امتدحه القرآن بأنه رسول الرحمة وصاحب الخلق العظيم

ولم ينثنِ في السعي الحثيث من أجل الوصول إلى هدفه في هذه الحياة إلا وهو تعبيد الناس لله تعالى وتعمير القلوب بذكر الله لتصل إلى الهدف الأكبر وهو رضوان الله سبحانه وتعالى فكلما تحمل الإنسان المصاعب كلما زاد أجره .

أيها الأحبة : ....

لا تيأسوا و اعقدوا العزم على التغيير ، وإذا واجهتكم الصعاب حاولوا تجاوزها بالصبر والتخطيط السليم ، والتوكل على الله سبحانه ،
فالهمم العالية لا تثـنيها المصاعب عن الوصول إلى أهدافها ولو بعد حين ،
والاستسلام لإرادة الشيطان هو خسارة للدارين ،
فإذا فكرنا جيداً وباطمئنان قطعي أن هناك من يحرسنا ويرعانا

فإن في كل خطوة نخطوها لكل عمل سيكون في طاعته سبحانه .
علينا أيها الأحبة أن نفكر دائماً أن هذه الحياة زائلة ،
ولا يعلم الإنسان متى يرحل عنها إلى الحياة الأخرى التي لا ينفع بها مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، لذا علينا العمل الدؤوب والتهيؤ والتعبئ لذلك اليوم والادخار له بالأعمال الصالحة لتكون ذخيرة لنا في هذا اليوم .


و لا تضيع الفرص ... فالإنسان إذا ضيع الفرص في هذه الحياة الدنيا
وانشغل القلب بمتاع الدنيا القليل الزائل ، و قدم الموت عليه وهو لا رصيد عنده من البر والعمل الصالح فعندئذ لا ينفع الندم والحسرة

كما قال تعالى : ((قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى )) طه126.


نعم أيها الأحبة ... لقد جاءت المكاتيب والرسل وقطار الموت جارٍ ،
ولم نستفد منه ولم نتعب أنفسنا في هذا الحياة لنعرف قيمتها و أثرها في الحياة الأخرى ، فالإنسان الذي ليس له مكان في الحياة الأخرى إلا النار معاذ الله فلا يلومنّ إلا نفسه
كما قال تعالى(( بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ{14} وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ{15}))القيامة15 ،


وهذا النوع من الناس هو من الأخسرين أعمالاً و لات ساعة مندم

لأنه لم يذكر نفسه ولم يتذكر من آيات الله شيئاً بل استغفلته نفسه وشغلته الشهوات فأصّر واستكبر استكبارا

((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ))الفرقان27.

((وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً )) النبأ40



أخي في الله : كن مع الله يكن معك و لن تخسر شيئاً وفكر قليلاً...
ماذا تخسر لو أصبحت مؤمناً حقيقياً ؟ وماذا تجني لو تركت الله ..إلهي ماذا وجد من فقدك وماذا فقد من وجدك
اللهم أرحم في هذه الدنيا غربتي، و عند الموت كربتي ، و في القبر وحدتي ، وفي اللحد وحشتيأخي المسلم أختي المسلمة :
استفيدوا من تجارب الماضي وابدؤوا حياتكم من جديد ،
ولا تجعلوا الماضي الأسود عقبة في طريق تقدمكم نحو الأمام

وابدؤوا التغيير الكامل وازرعوا الأمل في نفوسكم فإن الأمل بالله كبير ،
وقد وعدنا بالرحمة والمغفرة والرضوان الكبير وأعلموا أن القنوط واليأس كفر
كما قال تعالى : (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ
لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) الزمر53.

ليس هذا فقط بل جعل للتائبين رحمة أخرى حينما قال
((فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ)) الفرقان70.

أيها الأحبة :

اجعلوا حياتكم الجديدة محفزاً لكم لأعمال الخير ،
فإن أول قواعد النجاح في التغير هو الوعي لرسالة الحياة ،
والقوة في الإرادة والاصطبار على ممارسة الأعمال الصالحة والتذكر الدائم
بأن التغيير والتطوير ضرورة حياتية للوصول بالنفس إلى حالة الاطمئنان
لتكون نفساً مطمئنة تستحق مرضاة الله سبحانه...
أيها الأحبة لننطلق نحو الله انطلاقة مخلصة صادقة ونتهيأ لليوم الآخر
لأن الموت قادم إلينا في كل لحظة ، و هو آت لا محالة ،
و علينا أن نترك الأثر الطيب في هذه الحياة قبل الرحيل وبعده
و لنكن من أصحاب السنن الحسنة حتى تكون أعمالنا صدقة جارية نتذوق بها حلاوة التغيير ،

ونشكر الله على حسن التوفيق في أنفسنا وفي المجتمع الذي حولنا ...
فلنجاهد أنفسنا لأنه من أفضل الجهاد هو جهاد النفس ،
ونكسر شوكة شهواتنا ونسخرها في طاعة الله ولنتذكر الموت دائماً فإنه لجام للشهوات ، لنتوكل جميعاً على الله فهو حسبنا ونعم الوكيل .