بدأ الناس يكتشفون أن العمل على تحسين أنفسهم وتطوير قدراتهم من شأنه أن يحسن نوعية الحياة التي يعيشونها. وقد كثر الحديث في هذا الموضوع. وكثرت الكتب التي تبحث فيه. ويبدو واضحا أن الناس بدأوا يبحثون في داخلهم عن حلول لمشكلاتهم.

العقل الباطن، أو ما يسميه علماء النفس باللاشعور, هو المفتاح لأي محاولة لتحسين الذات وتطويرها. وبتغيير ما يحتويه هذا العقل من أفكار وهواجس وأوهام بإمكانك أن تغير عاداتك وسلوكك ومواقفك. كيف نغير محتوى العقل الباطن؟ يقول لنا علماء النفس إن بامكاننا أن نفعل ذلك بالتخيل والتأمل وبتحليل السلوك والعادات.

إن عملية التغيير الداخلي يتطلب عملا داخليا. فليس كافيا أن نقرأ ونلاحظ. يجب أن نمارس ما نقرأه وما نلاحظه. وهذا يحتاج إلى وقت وجهد. فليس هناك ما يسمى بالتطوير الذاتي الآني. كل تغيير داخلي يتطلب وقتا، ودافعا، ورغبة، وطموحا، ومثابرة. ويجب أن نعترف أن محاولة التغيير الداخلي ستواجه مقاومة ومعارضة. وعندما يبدأ المرء برنامجا للتغيير سيلاحظ حجم المقاومة الداخلية التي يواجهها. وهذه المقاومة مصدرها عادات متراكمة عبر السنين. كما أن هناك مصدرا آخر للمقاومة والمعارضة هو الناس الذين حولنا.

ولذلك فان الرغبة في التغيير وفي اكتساب عادات جديدة يجب أن تكون قوية بما فيه الكفاية لمقاومة التكاسل ولمقاومة المعارضة – وأحيانا السخرية – من الأهل والأصدقاء.

ويقول لنا علماء النفس إن التأمل الواعي الذكي في سلوك الآخرين حولنا طريقة بسيطة ولكنها فعالة في عملية التغيير التي نتحدث عنها. فإذا رأينا شخصا مهذبا وأعجبنا بسلوكه وطريقته في التعامل مع نفسه ومع الاخرين، فان بإمكاننا أن نفكر إن كان من المناسب أن نجعل سلوكنا مماثلا لسلوكه. لنتخيل أنفسنا في أوضاع نتصرف فيها كما يتصرف.

وبطريقة معاكسة، بإمكاننا أن نحاول التصرف بطريقة مخالفة لطريقة شخص فظ، لا يتقن فن التعامل مع نفسه ومع الآخرين.

والناس الذين بإمكاننا أن نتعلم منهم بطريقة أو بأخرى موجودون حولنا في كل مكان: في البيت والشارع ومكان العمل. وهم أشخاص حقيقيون. وقد يكونون أشخاصا وهميين كما في الروايات والمسرحيات والأفلام السينمائية. كل هؤلاء يعلموننا كيف نتصرف وكيف تكون ردود أفعالنا بشكل أفضل.

كيف يمكن أن يتم هذا؟

*انظر حولك وتأمل كيف يتصرف الناس في أوضاع مختلفة. راقب الناس في الحافلة وفي السوق وفي الشارع. وراقب الناس على شاشة التلفزيون والسينما.

*راقب كيف يتحدثون، ويمشون، ويتفاعلون، وكيف يعاملهم الآخرون.

*تأمل كيف يستعمل الناس أصواتهم. انظر كيف يكون رد فعلك عندما يتحدثون إليك بصوت مرتفع. راقب ما يحدث عندما يغضب الآخرون، أو ينزعجون. وكيف يكون عليه الحال عندما يهدأون ويسترخون.

*إذا لم تستسغ ما تراه أو تسمعه، حلل النواحي التي لم ترق لك. لماذا لم ترق لك؟ حاول بشكل واع أن تتجنب أن تأتي بمثلها.

*تخيل كيف يمكنك أن تتصرف في حالة مشابهة. بذلك تتمكن من أن تتخذ قرارا واعيا بان تتخلى عن بعض أنماط السلوك وتتبنى أنماطا جديدة تجدها مناسبة.

*فكر وتخيل نفسك في أوضاع جديدة تتصرف فيها بالشكل المرغوب فيه. ذكر نفسك دائما برغبتك في التغيير. وفي كل مرة تجد نفسك قد عدت إلى عادة قديمة منبوذة تذكر قرارك بالتغيير والتحسين، وعدل سلوكك.

*لا تيأس ولا تشعر بالإحباط إذا لم تحقق نتائج سريعة. فلا يهم كم مرة تخفق في الوصول إلى النتيجة المرجوة. واصل جهودك. ولا تتراجع. ولسوف ترى التغيير في حياتك إلى أفضل.