قلة من الناس ينتبهون لنوعية الأفكار التي يتقبلونها دون وعي منهم وتؤثر فيهم تأثيرا عميقا ودائما. وكثير منهم لا يكترثون لنوعية تلك الأفكار، ولا يناقشونها، ولا يقيمونها، وذلك بحكم العادة واللامبالاة والتكاسل والجهل احيانا. وتفكير الناس بشكل عام هو عادة في اغلب الحالات. اذا كان ما نتلقاه ممن حولنا من افكار سلبيا فانه قد يسبب الكثير من المتاعب على المستوى النفسي والحياتي. والحقيقة انك اذا سمحت لنفسك ان تقبل كل شيء تراه او تسمعه دون مناقشة فانك على الطريق الى ان تخسر حريتك وتتحول الى ما يشبه الكرة يتقاذفك الناس في ملعب الحياة.

ان الافكار والمعلومات والاراء تغمرنا من كل ناحية في هذا العالم التي اصبحت فيه الكلمة وسيلة للسيطرة على العقول والقلوب بأساليب مبتكرة وذكية. ومصادرها كثيرة ليس اقلها الناس والصحف والاذاعات والتلفزيونات والانترنيت . وهذه الافكار والمعلومات والآراء تتسلل الينا بخبث شديد دون ان ننتبه الى العملية كلها فتؤثر في حالتنا النفسية وفي سلوكنا وردود افعالنا وعلاقاتنا مع الاخرين. وتؤثر في الطريقة التي نفكر فيها وفي مواقفنا من انفسنا ومن العالم والحياة. وتؤثر في ما نفضله وفي ما نحبه وفيما نبغضه. وهذا يعني أننا نسمح للعالم الخارجي بان يتحكم في حياتنا. فأين حريتنا إذن؟

يعتقد كثير من الناس ان أفكارهم تنبع من داخلهم، وانها افكار مدروسة وصحيحة وتقوم على اسس قوية. فهل يتوقف هؤلاء الناس ليروا ان كانت هذه الأفكار هي فعلا كذلك؟ ربما جاءت هذه الأفكار من مصادر كثيرة غير موثوقة وغير امينة وربما قبلوا بها دون نظر او تدبر.

واذا لم يكن هناك مصفاة لغربلة هذه الافكار القادمة من الخارج، فليس لنا ان ننعم بحرية حقيقية لان كل ما نقوم به من عمل هو بايحاء من الاخرين ونصبح في الواقع اشبه بالدمى التي تحرك خيوطها افكارهم ومصالحهم وايحاءاتهم.

لماذا نسمح للاخرين أن يتحكموا بعقولنا وبحياتنا؟ ولماذا نسمح لأفكارهم ان تحركنا؟ اننا اذا أبقينا عقولنا مفتوحة لكل فكرة وكل رأي دون تمحيص وتدقيق فاننا بذلك نجعل من انفسنا عبيدا للآخرين وأفكارهم وآرائهم. اننا اذا ابقينا عقولنا مفتوحة دون حذر فان الناس يلقون فيها نفايات.

يحمل كل واحد منا في داخله افكارا وآراء واوهاما ومخاوف منذ ايام الطفولة وعبر السنين. وقد زرعها في عقولنا الاباء والامهات والمعلمون والأصدقاء والجيران وغيرهم كثيرون. هل نحتاج اليها حقا وهي عبء ثقيل نحمله في رؤوسنا ويرسم خطوط شخصيتنا ويتدخل في كل قرار نتخذه دون وعي منا؟

من اجل ان نقلل ما امكن من التأثير السيء الذي يمارسه الاخرون على حياتنا يجب ان ندرك الافكار التي تدخل عقولنا عن طريقهم ويجب ان نقرر ان كنا نجيزها ونقبل بها بعد دراستها. يجب ان نحلل دوافعنا وافعالنا. ولسوف نندهش عندما نكتشف ان هذه الافكار مصدرها العالم الخارجي وهي تفرض علينا فرضا دون رغبة منا ودون وعي.

يجب الا نقبل بكل فكرة او معلومة نستقيها من الخارج دون تدقيق. قيم الافكار لترى ان كنت تجيزها وتعتبرها مفيدة.

تعلم ان لا تتبنى كل فكرة تعرض عليك او يبلغك بها صديق او صحيفة او معلم. قرر ان كانت الفكرة تفيدك في تحسين حياتك. وقد لا يكون ذلك بالامر اليسير في اول الامر لان عقلك سينفر من هذا القيد، وقد يعتبره عبئا لا طائل من ورائه. واذا كنت تريد ان تكون سيد نفسك يجب ان لا تسمح لافكار الاخرين بالسيطرة على حياتك ما لم تقرر بنفسك انها افكار تناسبك.

وكما هو الحال دائما، لا يتأتى هذا في وقت قصير ودون جهد ووعي منا. انه عمل يحتاج الى مثابرة وصبر.

-تعلم ان تمنع المؤثرات الخارجية من التأثير في مزاجك ومشاعرك ومواقفك.
-قرر ان تحسن قدرتك على التركيز والانتباه وان تنمي شخصية قوية وذكية.
-تعلم ان تدقق وان تمحص في الافكار المطروحة عليك في البيت والشارع والمدرسة وفي كل مكان آخر، وخاصة تلك التي تطرحها محطات الاذاعة والتلفزيون والصحف والانترنيت. تعلم ان تنتقد هذه الافكار وترى ما فيها من اخطاء. ولا تقبلها على علاتها.
-تعلم ان تحسن ثقتك بنفسك ووعيك بذاتك. تعلم ان تقنع نفسك بانك قادر على التفكير والمناقشة. زد حصيلتك من المعارف الانسانية، ولكن تعلم ان لا تقبل بكل ما يقال وما تسمع وما تقرأ دون مناقشة وتقييم. فكل شيء تقريبا قابل للمناقشة والتقييم.