تستقر أحياناً دون إرادتك على تضاريس الألم العالية .. تشعر أن دائرة الأحلام التي اكتنزتها على شواطئ الحياة الجميلة قد غابت .. كل ما في داخلك يكاد ينفجر ... كل ما في داخلك بإمكانه أن يتبخر ، ويغادر دون علمك في لحظات كهذه ، ليس بإمكانك أن تهرب إلى الأمام .. لأنك ستكتشف أن كل المنافذ قد سُدت .

وفي لحظات كهذه لا يمكنك أن تحلم بالنزول من أعلى الهضبة التي لم تصعد إليها عنوة ... ولم تعرف في نفس الوقت كيف ارتقيت قمتها .

ليس بإمكانك أن تصل إلى مفهوم إختفاء صورتك عن مرايا اعتدت أن تكون داخلها .

ولست قادراً على تضييق مساحة الغموض الذي يكتنف بقاءك على تلك القمة المعزولة .

حالة التصحر النفسي التي تشعر بها تمنعك من التجديف بعيداً .

وتحول بينك وبين رسم تفاصيل لحظتك ....

وتقف داخل حدود أمكنتك ....

وأنت تصارع لحظة الضجيج الداخلي ....

وترسم خطوط الفراغ المكاني ....

وتتحصن داخل ينابيع أزمنة لا تمتلك شرعية بقائها....

تداهمك لحظة وإن بدت وكأنها متجمدة الحضور ، إلا أنها تبدو أقرب إلى فيضان البقاء .

لحظة تستطيع أن تمسك أطرافها ....

وتستطيع أن تترقب حضورها بشدة ....

لحظة تاريخية في تفاصيلها ....

بإمكانك أن تحملها على البقاء ....

وأن تقتسم معها مواريث الانسجام ....

وأن تقفل عليها بمفتاح الحياة التي ستأتي ....

بهدوء وإبحار رتيب بالقرب من مرفأ الزمن .. تلتقي نفسك .. وتلتقي تلك الصور الجميلة .. والملامح البعيدة التي غادرت دون أن تتوقف أمامها .. أو تعتقد باحتياجك لها ذات يوم .

ثمة ما هو مشترك ... بين ارتياد هضاب الألم .. وبين ذكرى المحبة التي اعتادت أن تضع نصوص الحياة الجميلة .

وثمة ما هو مشترك ... بين إحساس الفراغ في لحظة .. وتدفق دم الصور الرائعة والتقاط إشاراتها .

وثمة مواريث تجمع من اتعبهم الوقوف على الشاطئ مع من حلموا ولا يزالوا يحلمون بفرحة الغد .. وبأن الشمس ستكون ساطعة .

وبأن هناك ما هو مبهر ودافئ .

وبأن المنفى أحياناً قد يكون أروع من البيت المثالي .

وبأن الجموح إلى الذكرى واحتضان هواها أروع من البدايات الجديدة .

وبأن الهدوء قد يكسر زجاج العاصفة ويجتاحها .

وبأن الزمن الجميل الذي يعبر من الممكن استعادته بالذكريات التي تصنع شرعية الإحساس الآتي وتفرّغه من همومه .

وبأن سعادتنا يمكن أن تظل منقوصة إذا ما تخيلنا أن سقف الأحلام لا يمكن أن يرتفع أكثر مما هو عليه .

وبأن متاهات الفرح ستظل تقف على حدود هذه الهضبة الوهمية !!!!!!