الخوف من الاتصال الاجتماعي بقلم أ.د. أمل المخزومييشكوكثير من الناس من الخوف من الاتصال الاجتماعي . لقد أشارت بعض الأبحاث إلى أن 60 % من الناس ذكروا بأنهم إنما يشعرون بالخوف من الاتصال بالآخرين بين وقت وآخر. و إن 90 % أشاروا إلى انهم شعروا بالخوف فعلا عند الاتصال بفرد أو بجماعة خلال حياتهم . يمكننا أن نجزم بأن جميع الناس يشعرون بالارتباك أمام الجمهور في الدقائق الأولى منإلقاء محاضرة أو كلمة أو خطبة . ويعتمد طول فترة الارتباك على الموقف وحالة الفردالنفسية آنذاك . و قد سبق أن أجريت استفسارا بهذا الخصوص من أساتذة الجامعة الذينيشتركون في المؤتمرات . كانت الإجابة بنعم انهم يتعرضون لمثل ذلك الشعور ولكن لفترةقصيرة ثم يزول تدريجيا . ويلعب التدريب دورا مهما في التقليل من مثل هذا الارتباك .
هناك جوانب مهمة تتعلق بمضمون الموضوع المطروح الذي يساعد على سير الاتصالالاجتماعي بشكل إيجابي ، منها معرفة الحقائق التي يرغب الفرد أن يطرحها ، و التفكيرالإيجابي بها ، و السيطرة على النفس وعلى الصراع الذاتي الذي يعاني منه الفرد ، والتحكم بالشعور بالخجل وعلى الصراعات والمشاحنات الزوجية التي تساهم في إرباك الفرد، و تصحيح إدراك واتجاهات الفرد السلبية نحو الذات .
كما تلعب المظاهر المختلفةمثل : التعزيز والاطمئنان والإدراك والدوافع دورا مهما في نمو الذات . يتعلم الفردتلك المظاهر خلال التنشئة الاجتماعية ، عن طريق العائلة والأصدقاء والمعلمين ورجالالدين . ويتشرب الأسس التي تساعده أن يكون عضوا فعالا في المجتمع الذي يعيش فيه . كما ينمو الإدراك من خلال الخبرات والتجارب التي يتعرض لها الفرد . واهم عامل فيذلك هو الحاجات والاتجاهات التي يحملها الفرد .
هناك مظاهر أخرى متعددة تعمل علىإعاقة الاتصال الاجتماعي ، منها القلق والخجل الذي يؤثر تأثيرا مباشرا على عمليةالاتصال بين الأفراد من حيث إرسال واستلام المعلومات التي تتعلق بذلك الاتصال . كمايعيق الخوف والجزع والانزعاج والاضطراب جميعا مسيرة ذلك الاتصال الاجتماعي .
يتجنب الأفراد المواقف التي يتوقعون منها المردود السلبي ، ويحاولون الإكثارمن الانضمام إلى المواقف التي يتوقعون منها مردودا إيجابيا . يتعلم الفرد من خلالالمواقف إن لم يحصل على التعزيز أن يوقف ذلك النشاط الذي لم يحصل على أثره التعزيز .
هناك بعض الحالات التي يعاني منها الفرد العيوب اللغوية ، أو ضعف في المفرداتاللغوية عند التحدث بلغة أجنبية . قد يحدث ذلك نتيجة اختلاف أفكار الفرد عن أفكارالآخرين ، أو عدم انتمائه إلى تلك الجماعة السياسية ، أو هناك اختلاف في العقيدةكاختلاف العقائد الدينية .
قد تعمل السلطة العائلية والمدرسية على زرع الخوفوالخجل من الاتصال في نفوس الأطفال أحيانا ، وذلك من خلال عدم إعطاء الأطفال الفرصةللتعبير عن النفس ، أو طرح الأسئلة من قبلهم أو الاشتراك مع أفراد العائلة في إعطاءبعض القرارات التي تخص العائلة أو التعبير عن الانفعالات .
يلعب الضغط الاجتماعيدورا مهما في ذلك . قد يحدث بان يحاول الفرد أن يكون متميزا عن الجماعة وتكونأفكاره انضج من أفكار الآخرين . كثيرا ما يعتري الفرد خوف من الرفض أو الانتقاد منقبل الآخرين .
يؤدي الخوف من الاتصال الاجتماعي إلى نتائج سلبية عديدة ندرجهاكما يأتي :
1 من الصعب على الفرد الخائف من الاتصال الاجتماعي أن يكوّنصداقات حميمة وذلك نتيجة لعدم جرأته على النظر في عيون الذين يتعامل معهم ، ويوصفبأنه غير ودود ، وغير آمن ومنعزل .
2 يكون الفرد الذي يتجنب الاتصال الاجتماعيغير نافع لأفراد المجتمع وغير منتفع منهم .كما يؤثر هذا على مستوى كلامه ويكون ذلكالمستوى منخفض .
3 يتجنب هذا النوع من الأفراد أن يشتغل بمهنة تتطلب الاتصالالاجتماعي .
4 يمكن أن يؤدي خجل الفرد من الاتصال الاجتماعي بالغرباء إلىفوبيا المواقف الجديدة ، كما يتغير سلوكه عندما يتصل بالآخرين ، و عندها يحاولالابتعاد عنهم والانزواء بمفرده .
5 يؤدي الخجل إلى صعوبة التحدث مع الأشخاصالجدد والحرمان من التعرف بهم .
6 يؤدي هذا النوع من الخوف إلى صعوبة فيالإجادة في الكلام بحيث لا يستطيع الفرد التعبير عن ملاحظاته وقيمه .
7 يشعرالفرد بالكآبة ويشك من أفراد المجتمع بأنهم ينظرون إليه بتمعن وانتقاد ويراقبونحركاته وسكناته .
8 تكون قدرة الخائف ضعيفة عندما يحاول مشاركة إظهار الحقيقةمع الآخرين ، كما لا يستطيع أن يتحكم بعالمه ومواقفه بسبب تجنبه للآخرين .
ادرجبعض التوصيات التي ينبغي إتباعها والتي تفيد في التخلص من مشكلة الخوف من الاتصالالاجتماعي :
1 . على الفرد أن يناقش الموضوع مع نفسه ويضع إصبعه على السببالأساسي لتلك الحالة . تساعد معرفة السبب على العلاج ، ولا ننسى أن كثيرا من الناسإنما يعالجون أنفسهم بأنفسهم . والأمثلة كثيرة على الذين اصبحوا مشاهير العالم بعدالتخلص من الحالة التي يعانون منها بأنفسهم . كما فعل ذلك خطيب روما الشهير .
2 . إن الخجل ليس بمرض وإنما يتعلمه الفرد من خلال المواقف التي يتعرض لها . ينبغيعلى الفرد أن لا يدع لنفسه فرصة لتعلم ذلك الخوف من الاتصال .
3 . على الفردالتدريب على الاتصال الاجتماعي وذلك بالتخلص من الخوف الذي يحول دون ذلك . كثيرا مايسيطر الخوف على الأفراد الذين ليست لديهم خبرات كافية في المواقف ، ولم يكونوا قدجربوها . أما الأفراد الذين يعرفون الموضوع ولديهم خبرة فيه أو يحاولون كشف سرهيكونون أقل خوفا من أولئك الذين ليست لديهم تلك الخبرة .
4 . لنعلم أن المشاكللا تنحل بالهروب منها وإنما بمواجهتها بعزيمة وإرادة قوية . فعليه ينبغي علينا أننمارس مهارة التدريب على الاتصال ، وذلك بالسيطرة على الفكرة التي نرغب في طرحهاعلى الآخرين بخلق ظروف مماثلة للموقف الذي سنتعرض له كالوقوف أمام المرآة للتحدثلها أو الطلب من المقربين لنا أن يستمعوا ونحن نلقي عليهم كلماتنا ، بحيث يكونالوضع بعيدا عن التهكم والانتقاد .
5 . علينا السيطرة على اللغة التي نتعاملبها مع الأفراد والجماعات . فإن كنا نعاني من ضعف في هذا المجال علينا الإكثار منقراء القصص التي تزودنا بثروة لغوية واسعة . أما قراءة القرآن الكريم بصوت عالففيها اطمئنان للنفس والتعود على اللفظ الجيد .
6 . على الفرد أن يحاول أنيتكلم أمام الجمهور ، و أن يناقش معهم الأفكار التي يريد أن يطرحها أو التي طرحهابالفعل . عندما ينوي التكلم مع الآخرين أو يحاول قراءة شيء أمام الجمهور عليه أن لايشغل فكره بما يفكرون به نحوه .
7 . على الفرد أن ينتمي إلى الجماعة التي يعتقدبأنها تنسجم مع أهدافه واتجاهاته ودوافعه ، ويصبح عضوا فعالا في هذه الجماعة ذلكلان الانتماء إلى جماعة معينة إنما تقوي الثقة بالنفس .
8 . علينا أن نتعرف علىالمواقف والأهداف التي نبتغيها من وراء ذلك الاتصال الاجتماعي .
9 . أن يهتمالفرد بتقوية الذات ويتعلم مهارة الاتصال مع الآخرين وذلك بجعل المناقشة نشطة بينهوبين الآخرين بعيدة عن الانفعالات والتوترات .
10 . أن نتخلص من التوتر ونتعودعلى الاسترخاء بمختلف الطرق . يعتمد الموقف على تفضيل الفرد لأي منها كالعباداتوالصلاة و التفكير بقدرة الله سبحانه وتعالى ، على سبيل المثال نسترخي في مكان هادئونفكر بأنه قد أعطانا القدرة والقابلية والذكاء مما ساعدنا على أن نكون على ما عليهنحن . يساعد هذا النوع من التفكير من جوانب عديدة ، منها الراحة و الثقة بالنفسوالاعتزاز بها وغيرها .
11 . ينبغي تحليل الموقف تحليلا علميا صحيحا بتحديدجوانبه الإيجابية والسلبية . فالفرد الذي يفكر بنواحي المواقف السلبية فقط إنمايواجه صعوبات شتى ، وعليه تحويل ذلك التفكير إلى النواحي الإيجابية . فالشخص الذييفكر بأنه سيقع في خطأ عند قراءة جملة معينة عليه أن يحول تفكيره بأنه سيقول الصحيحوالمنطقي .
12 . أن يتجنب الفرد من وصف نفسه بكلمات سلبية ، وان يغير اتجاههالسلبي نحو نفسه إلى اتجاه إيجابي . كما عليه أن يقوي أرادته بشتى الطرق . لقداستعملت هذه الطريقة مع الكثيرين وكانت النتائج جيدة ، بحيث استطاع الأفراد الذينتعاملت معهم تغيير اتجاهاتهم عن أنفسهم .
13 . يسهل التفاعل الاجتماعي الإيجابيعملية الاتصال و يساعد على تخفيف الخوف منها ، أي كلما كان التفاعل الاجتماعي قوياكلما كان الخوف من الاتصال منخفضا .
14 . إن شعر الفرد بان هناك أحدا يحاول أنيستهزأ به أو يحط من قدراته عليه أن يحاول أن يبتعد عنه أو يحد من سلوكياته نحوه .
أرجو من الله أن يساعد الجميع في اجتياز هذه الحالة من التخوف