بسم الله الرحمن الرحيم




رمضان فرصة عظيمة للتغيير، لما يمتاز به هذا الشهر العظيم من توافر محفزات تساعد على التغيير، وتسهم بالارتقاء بالمسلم نحو الأفضل في دينه ودنياه.
والمحفزات للتغيير في هذا الشهر المبارك عديدة ومتنوعة، فلابد للمسلم أن يستشعرها لكي يدخل في أجواء رمضان، ومن ثم يبدأ معها في التغيير الحقيقي وليس التغيير المؤقت، فإن لم يستشعر المسلم هذه المحفزات كان التغيير في رمضان تغير وقتي ينتهي بانتهائه.

ومحفزات التغيير في هذا الشهر المبارك تنقسم إلى قسمين : محفزات داخلية وأخرى خارجية.

أما المحفزات الداخلية: فهي تتعلق بالجانب الروحي للإنسان ومدى صلته بخالقه عز وجل، والثواب الجزيل الذي أعده الله للصائمين؛ ويتم ذلك من خلال فهم واستيعاب النصوص الواردة في القرآن الكريم والسنة المطهرة .

أما المحفزات الخارجية : فهي تتعلق بالأجواء الإيمانية المحفزة للطاعة خلال هذا الشهر الكريم من خلال تعايش المسلم مع من حوله.

- ومن أبرز المحفزات الداخلية - الروحية – في هذا الشهر الكريم :

أولاً : استشعار عظمة هذا الشهر المبارك، وهو الشهر الذي أختصه الله لنفسه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلا الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ؛ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ".

ثانياً : التعمق في فهم حِكم الصوم، فإن الله عز وجل لم يفرض الصوم لأجل الجوع والعطش، وإنما أرد من المسلم تحقيق التقوى في نفسه، وهي الحكمة العظمى للصوم، التي تدفعه إلى طاعة ربه وتمنعه عن معصيته، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ السَّهَرُ )).

ثالثاً : التفكر في الثواب العظيم الذي أعده الله للصائمين، والتعرض لنفحات الله في هذه الأيام المباركة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ((، ويقول عليه الصلاة والسلام: ((... وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ )).

رابعاً : اختصاص أفضل ليالي العام فيه، وأفضلها ليلة القدر، ولزيادة الطاعة والعبادة لم يطلعنا الله عليها، يقول الله تعالى : ((لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ))، فالعبادة فيها أفضل من عبادة ألف شهر.

خامساً : النظر في أحوال الصالحين في رمضان، من خلال التمعن في حالهم مع القرآن، وحالهم مع القيام، وحالهم مع الإنفاق والصدقة، مما يحفز على الطاعات.

- وهنالك محفزات خارجية، من أبرزها :

أولاً : اجتماع كافة المسلمين على صيام هذا الشهر والعبادة فيه، وهو ما يحفز المسلم للاستمرار في العبادة ويدفعه نحو تغيير سلوكه وعادته.

ثانياً : تغير السلوك من حيث الطعام والشراب والعبادة، وضبط النفس والتحكم بها، ليكون المسلم هو من يتحكم بنفسه لا شهواته.

ثالثاً : تلازم أداء العبادات واستمرارها ما بين سحور وصيام وصلاة وفطور وقيام وتهجد طوال الشهر دون انقطاع، فالمسلم طوال هذه المدة في تكامل لأنواع مختلفة من العبادات مما يساعد على الاستمرار في الطاعة.

رابعاً : السلوك الإيجابي الجماعي من خلال التزام المسلمين بحفظ ألسنتهم وجوارحهم مما يحفز على روح الألفة والمحبة ويساعد على التغيير.
إن كل ما في الكون يتغير في رمضان، وهذه المحفزات ينبغي للمسلم أن يستشعرها ويتعايش في أجوائها لكي يبدأ معها التغيير، التغيير الإيجابي الذي يستمر مع المسلم ولا ينقطع حتى بعد رمضان.